في يوم من الأيام أعلن غاندي التظاهرات في الهند فلما سمع بأعمال العنف ألغى التظاهرات واعتكف صائما! جاءه جواهر لال نهرو وهو لا يصدق: إننا في قمة الانتصار، أجابه بإعياء: العنف سيخرب كل شيء وسنخسر أرواحنا. الثورة السورية الآن إذا تورطت في التسلح والعنف فسوف تخسر عمقها الأخلاقي وتدخل في دين النظام السوري دين القتل والذبح فالفرق بين الدفاع والهجوم خط وهمي يكاد لايبين. قالت لي ابنتي عفراء في مونتريال مثلنا مع النظام السوري مثل قتال سمك القرش في الماء إذا ولجنا مياه التسلح والقتل والاقتتال دخلنا مياهه الدافئة فافترسنا بمتعة، أما الكفاح السلمي فهو نقل سمك القرش بأنياب مرعبة إلى الشاطئ فيسهل اصطياده وتقييد حركته! ولكن من يسمع؟ فقد هلَّل الناس في الحرب العالمية الأولى من برلين وباريس فرحا بالحرب فماذا كانت النتيجة؟ موت 12 مليون شاب، ونكبة أمم، وأوقيانوس من الدماء، وتهدم إمبراطوريات، وذبح عائلات مالكة، وموت أمم بالمجاعة. كانت جدتي تروي لي عن (سفر برلك) لم استوعب حتى قرأت ويلات الحرب الكونية. وفي النهاية وبعد أن برد الحماس، وجف الدم المراق تأمل البؤساء التعساء النهاية، وقالوا ياليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل. في القرآن جملة مزلزلة حين يقول في سورة الأنعام: «قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون»!تأمل كلمة وزر لم يقل حمل وثقل إنه كيس مترع بالآثام. صديقي أبو حسام حدثني قال لي في حلب يطلب الشباب تزويدهم بمسدسات كاتمة للصوت! لماذا؟ قال من أجل قتل الجواسيس حتى تتحرر حلب وتنتفض بدون خوف من الشبيحة! إنه إغراء مخيف أليس كذلك؟ ذلك أن قتل المشتبه بهم من (الجواسيس والمخابرات والشبيحة والعواينية!) سيجعل قتل كل إنسان جاره مبرر بدعوى الشبهة! أليس كذلك؟ إنها بوابة جهنم! تابع صديقي أبو حسام كلامه بوعي يحسد عليه، أي تسلح سيجعل إرادتنا السياسية مرهونة بمن يسلح ويمول. ستدخل دول على الخط. قال هناك من يعد المعارضة بمدها بسلاح نوعي! ولكن طهران وصلت إلى عتبة التسلح النووي ويمكن مع حزب اللات والعزى في لبنان وحزب بوتين في روسيا أن يمدوا ويدموا النظام السوري بمزيد من السلاح النوعي! وبعد الخراب سيأتون بشركات المقاولة للبناء ونهبنا أليس كذلك؟