مملكتنا الحبيبة مليئة بالثروات النفطية والطبيعية والصناعية والنباتية والحيوانية، التي تستحق منا الشكر والحمد للرزاق الكريم. (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وتتضح مظاهر الحمد والشكر في الترشيد والاستخدام الأمثل لهذه الثروات والتوفير والتقنين والحد من الهدر والبعد عن الإسراف. وأنت تقرأ الآن أيها القارئ الكريم حتما استعرضت في مخيلتك كثيراً من السلوكيات والتصرفات التي تشاهدها في كافة وسائل الإعلام من إيجابية وسلبية تجاه التعامل مع الثروات والنعم، والأكيد أنك لن تنسى استعراض ما يحدث في يومياتنا نحن ومن حولنا، في البيت، في العمل، في الشارع، من إسراف وتبذير وهدر. رغم قناعتنا بالخطأ إلا أننا نستمر فيه، بصراحة نعجز عن ترجمة ما يحدث!!! هنا يجب أن نغير مجرى الأمور، وأن نجعل ترشيد الثروات منهج حياة، نعم.. منهج حياة، عندما يكون منهجا تعليميا، وأكاد أقسم أنه لن يحدث التغيير بالحلول الخجولة لمثل هذه الظواهر، عن طريق برامج توعوية لبضع دقائق ومحاضرات معدودة ومنشورات وكتيبات لا يكاد يقرأها إلا من تعامل حضاريا مع الثروات، وإن كُثفت الجهود كان برنامجا متقطعا لمدة عام أو فصل دراسي تقدمه الجهات والمؤسسات التي تستشعر دورها في مثل هذه المواقف؛ لأن هذه البرامج قد تحدث تغييرا بسيطا أو تغييراً في أحد جوانب الهدر لدى الإنسان، ولكن متى تكون ثورة تغيير؟! فقط، عندما يكون ترشيد الاستخدام والتعامل مع الثروات (منهجاً تعليمياً). أليست المناهج هي من تترجم سياسات التعليم وغاياته وأهدافه فينهل منها الطالب فتصبح سياسةً وغاياتٍ لحياته؟! أليست المناهج هي من تواجه التحديات؟! أليست المناهج هي الوقاية والعلاج للمشكلات المعاصرة؟! أليست المناهج هي نشر ثقافة وتأصيل مفاهيم وبناء قيم وتغيير قناعات؟! بعدها نقول الترشيد مسؤولية الجميع، ولكن التعليم يجب أن يدرك أن هذه مسؤوليته الكبرى، فما تعلمناه في المدارس أصبح درباً لا نخطئه. ولذلك يجب أن يكون (ترشيد الاستهلاك لكل ثرواتنا منهجًا متكاملًا يُدرس في المرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى الصف السادس؛ فهي المرحلة التأسيسية لما بعدها، أو منهجاً يُدرس من الصف الرابع إلى الصف الثالث المتوسط، ويقوم بتدريس المقرر معلم كفاءة ومدرب تدريباً جيداً على التواصل والتأثير والحوار والقدرة على الإقناع، ويكون مقرر كل فصل دراسي عن ثروة أو ثروتين، يحتوي على تعريفها وأماكن وجودها وكل ما يتعلق بها من فوائد وأهمية وإحصاءات وأرقام، وماذا يترتب على عدم وجودها، وأوجه الهدر وبيان حجمه وتأثيره على الفرد والمجتمع وهكذا. والجمال في صناعة هذا المنهج أن يكون من ضمن الثروات التي تدرس (الطالب كأجمل ثروة للوطن) فيدرس من خلال هذا المقرر كيف يمكن حمايته كإنسان من الهدر والخطف الفكري والانحرافات، وحمايته من المخدرات والجريمة وآثارها وخطرها على الوطن والأمة، مدعمة كذلك بالبيانات والإحصاءات والأرقام التي تجعل المتلقي يؤمن بصدق ما يطرح ويتأثر به. وأخيرا.. تعودنا من وزارتنا تبني البرامج والأفكار الهادفة.. ومنهج ترشيد استهلاك الثروات سيكون مشروع الحزم بإذن الله.