فر آلاف العراقيين من مناطق المعارك في نينوى، حيث فتحت القوات العراقية جبهة جديدة لطرد تنظيم داعش من المحافظة وكبرى مدنها الموصل. وتصل العائلات على متن شاحنات صغيرة وأحياناً يجلبون معهم قتلى أو جرحى ووجوهم يغطيها الغبار، بعد عبورهم خطوط التماس باتجاه قوات البشمركة الكردية. وتستقبل قوات البشمركة في مخمور، جنوب شرق الموصل، أعداداً متزايدة من المدنيين الفارين منذ العمليات العسكرية التي بدأت الخميس بقيادة الجيش وتهدف إلى استعادة السيطرة على الموصل، المعقل الرئيس لتنظيم داعش. وقال علي خضير أحمد عضو مجلس محافظة نينوى، أثناء وجوده في مواقع استقبال العائلات «وصل حوالي ثلاثة آلاف شخص حتى الآن، والأعداد تزداد بشكل مستمر» مشيراً إلى أن «الحكومة العراقية لم تقدم خدمات ونقوم بإيوائهم في ملعب رياضي في قضاء مخمور». وأطلقت القوات العراقية بمشاركة أبناء عشائر سنية من المحافظة عملية عسكرية، انطلاقاً من قضاء مخمور باتجاه بلدة القيارة (60 كلم جنوب الموصل) بهدف استعادة السيطرة على نينوى، التي استولى عليها الجهاديون خلال هجوم كاسح في يونيو 2014. وأعلنت السلطات أن العملية تشكل المرحلة الأولى لاستعادة السيطرة على الموصل، ثالث مدن العراق، التي أعلنها الجهاديون مركزاً «للخلافة». وعلى متن إحدى الشاحنات التي وصلت عبر طرق ترابية إلى الخطوط الأمامية، كان هناك أربع نساء وعشرة أطفال ورجل ملتح يرتدي دشداشة تقليدية صفراء ملطخة بالدماء. وفور توقف الشاحنة صرخت إحدى العجائز بأن فتاة أصيبت لدى فرارهم بشظايا قذيفة أطلقها عليهم عناصر تنظيم داعش لمنعهم من الهرب. ولما كشف والد الفتاة الغطاء عنها كانت قد فارقت الحياة والدماء تسيل من جسدها إثر إصابتها بالظهر والذراع. وانهالت الدموع من عيني الرجل وزوجته وأطفاله وقد غطى وجوههم الغبار لقطعهم مسافات طويلة على طرق ترابية، وصرخ قائلاً «لقد ماتت، ماذا نفعل؟ إنها مصائب وقد حلت على رؤوسنا». وأضاف باكياً «تركنا وراءنا عائلات في القرى أبيدت نتيجة القصف والمعارك». وتجري معارك حاليا قرب أربع قرى تقع غرب قضاء مخمور. وتضم منطقة القيارة التي تتوجه إليها القطاعات العسكرية قاعدة جوية قديمة ومصفاة للنفط على الضفة الغربية لنهر دجلة. بدوره، قال المواطن إسماعيل نويس (28 عاما) الذي فر من قرية خربردان مع أسرته المكونة من سبعة أشخاص «الوضع يرثى له شاهدنا مصائب واليوم أصبح أسوأ من الأيام الماضية وبات في غاية الصعوبة». وأضاف أن «العائلات تشعر بالخوف من القصف، كما أن عناصر داعش لا يسمحون للأهالي بالهرب ويريدون منهم البقاء في القرى». من جهته، حض المسؤول المحلي الحكومة العراقية على فتح مخيمات للنازحين الذين يحصلون على القليل من المياه من قوات البشمركة. وقال بهذا الصدد «نحن نحتاج إلى إقامة مخيمات لهم وتقديم مساعدات عاجلة، لأن أوضاعهم مزرية خصوصا أنهم لم يتمكنوا من جلب أي شيء معهم أثناء هروبهم من المناطق التي تدور فيها المعارك». ونزح أكثر من 3,3 مليون شخص من مناطق النزاع في العراق منذ بداية عام 2014 بحسب إحصاءات للأمم المتحدة. وتواصلت العمليات العسكرية لليوم الثالث قرب قرية النصر في غرب قضاء مخمور، حيث تجري معارك عنيفة بين قوات الجيش العراقي وأبناء العشائر وعناصر التنظيم المتشدد. يذكر أن القوات العراقية كانت تمكنت من فرض سيطرتها بشكل عام على الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار خلال عملية عسكرية نهاية العام الماضي. كما أن القوات العراقية تستعد لشن هجوم واسع لاستعادة قضاء هيت من تنظيم داعش في محافظة الأنبار. وأعربت منظمات دولية عن قلقها حيال مصير آلاف المدنيين الذين يفرون من العمليات العسكرية الأخيرة.