ماذا لو اعتدنا قولَ كلماتٍ كهذه: «عظيم، حسن، رائع، مضيء، بهيّ، جميل» إلى غيرها من الكلمات المحببة إلى النفس.. وتجنبنا عباراتٍ كهذه: «حقير، قبيح، دنيء، سوقي، عنصري، جاهل» وأشباهها من الكلمات التي تجرح النفس. حين يختلفُ أحدُنا في الرأي مع آخر؛ فهل تُنتقص مكانته لو استخدم عباراتٍ كتلك التي وردت في الحالة الأولى؟ كلا، بل تزيده احتراماً وتقديراً بين الناس، إذن ما الدافع لاستخدام عبارات كتلك التي سيقت في الحالة الثانية؟! لقد علمني أساتذتي القراء: أنّ أفضل ما أصنعه ككاتب: أنْ أرى العالم من وجهة نظر الآخرين، فالمرءُ الذي لا يتقبل آراء الآخرين؛ لن يجد من يتفق معه إلا نفسه، وسيكون تعيساً إنْ لم يكن له صديقٌ يصدقه، وأكثرُ تعاسة لو كان له صديقٌ وخسره بسبب رأيه، فإذا أردت التواصل مع الآخرين بنجاح؛ فإنه يترتب عليك أن تدرك أنهم يختلفون عنك في الطريقة التي تفهم أنت بها الحياة. الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء؛ وإلا لكان الأستاذُ وتلميذه ألدَّ عدوين في رحلة العلم، ولنا في أدب اختلاف أئمتنا الأربعة خير بيان، وبعض الناس لا يحسدون الآخرين لعيوبهم، بل لمزاياهم، وأن الفضيلة ليست في الامتناع عن الشتائم، بل في عدم الميل إليها، ولا يستطيع أحدٌ إهانتك إلا بمساعدتك، ومَنْ تكلم عن نفسه تعالياً بما يحب؛ تكلم الناسُ عنه احتقاراً بما يكره؛ فاجعل خطواتك في الحياة كالذي يمشي على الرمل لا يُسمع صوته ولكن أثره واضح، أما إنْ كانت المطرقة هي أداتك الوحيدة في الحوار، ففكر جيداً قبل أن تكسر شيئاً جميلاً.. فالإنسان يبدأ رحلة النجاح في اللحظة التي يقرر فيها ذلك. قلت: الوقتُ الطويل الذي تنفقه في صناعةِ عدوٍ واحدٍ لك؛ بإمكانك اختصاره لتصنع منه عشرة أصدقاء.