أكد وزير الخارجية، عادل الجبير، أن المملكة لم تمنح تطميناتٍ للمعارضة السورية لأنها تقف معها في فريقٍ واحد «فالتطمينات قُدِّمَت لهم ولنا في الوقت نفسه». وذكر، خلال مؤتمر صحفي أمس في الرياض بحضور نظيره التركي، أن المعارضة كانت جاهزة بالفعل لاجتماعات جنيف «حيث اجتمعت في الرياض وقررت فريقها التفاوضي». واستدرك «لكن بعض البلدان حاولت أن تخفِّف من الأمر وطلبت من المعارضة أن تتوسع». وقال إن هذه البلدان، التي لم يسمِّها، اقترحت ضم مجموعاتٍ إرهابيةٍ أو مجموعةً تساند إيران إلى الوفد المعارض «وهو ما رفضته المعارضة، ونحن دعمناها في ذلك بصورة واضحة». وأشار إلى طلب الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن مؤتمر السوريين في الرياض، الاطِّلاع على خارطة طريق «لأن المفاوضات يجب أن تبدأ بموضوع الانتقال السلمي». وأوضح «طلبنا من المعارضة الذهاب إلى جنيف ووضع شروطها للبدء في المفاوضات، ومن الممكن أن يغادر ممثلوها في أي وقت إذا لم تُطبَّق تلك المطالب». ووفقاً له؛ ينبغي بدء التفاوض على أساس صيغة بيان جنيف الأول «بحيث تكون هناك سلطة كاملة بعيدة عن بشار الأسد ودستور جديد وسوريا جديدة لا يكون للأسد فيها دور، ودورنا هو توفير الدعم للمعارضة وعدم الضغط عليها، والتشاور معها ومراجعة الخيارات الأفضل للوصول إلى قرارات أكثر فاعلية». في الوقت نفسه؛ ذكَّر الجبير بورود التطمينات بشأن التفاوض في البندين ال 12 وال 13 من قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في شهر ديسمبر الماضي، معتبراً أنه لا يمكن التفاوض على القصف العشوائي كون توقُّفه ضرورة «أما التطمينات بفتح مسارات للمساعدات الإنسانية فقد قدمتها الدول العظمي لإخواننا». ونبَّه في سياقٍ آخر إلى أهمية محاربة الإرهاب والتصدي للأعمال العدوانية الإيرانية وتدخُّل طهران في شؤون الشرق الأوسط. وأفاد ببحثه مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، الأوضاع في المنطقة وموضوع المجلس التنسيقي الاستراتيجي بين البلدين «الذي اتفق عليه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – مع الرئيس رجب طيب إردوغان خلال زيارته الأخيرة للمملكة». وكشف الوزير التركي بدوره عن قرب تفعيل البلدين اتفاقيةَ مجلس التنسيق الاستراتيجي مع تسمية رئيسين له تمهيداً لتفعيل دوره بشكل مؤثر لصالح الجانبين. ودعا تشاووش أوغلو إيران إلى التنازل عن موقفها الطائفي، مؤكداً رفض بلاده الطائفية. ولفت إلى تناول اجتماعه مع نظيره السعودي عملية السلام في سوريا في إطار تقارب المواقف بين البلدين. وأبدى ارتياحه لبذل المملكة جهوداً في هذا الصدد، مشدِّداً على وجوب رفع الحصار الموجود على المدنيين السوريين وتقديم الدعم الإنساني لهم. ووفقاً له؛ فإن بلاده تدعم هدنة بين نظام الأسد والمعارضة تتيح تقديم مساعدات إنسانية. ورداً على سؤال صحفي عن اختراق روسيا المجال الجوي التركي؛ أجاب تشاووش أوغلو بقوله «حذَّرنا الطائرة باللغتين التركية والروسية، لكنها اخترقت الأجواء، وما صدر عنَّا ليس تحذيراً تركياً وإنما تحذيرٌ من حلف الناتو عبر مركزه الإسباني»، مُبيِّناً «استدعينا السفير الروسي إلى وزارة الخارجية وحذرنا من تكرار الاختراق». وتداخل الجبير قائلاً «أعبِّر عن تقديرنا للموقف التركي الشجاع والنبيل فيما يتعلق بدعم المعارضة السورية، وعن تأييدنا حق تركيا في الدفاع عن أراضيها بالأسلوب الذي تراه مناسباً»، متحدِّثاً عن عمل الرياض وأنقرة جنباً إلى جنب في دعم المعارضة السورية. وفي شأن التقارب بين القاهرة وأنقرة؛ وصف تشاووش أوغلو مصر ب «دولة مهمة» وشعبها ب «شعب شقيق» بالنسبة لبلاده والعالم الإسلامي والشرق الأوسط. ولاحظ أهمية استقرار مصر بالنسبة للقضية الفلسطينية، متمنيِّاً أن تتجاوز مصر جميع المشكلات في الإطار سلمي، مُقدِّماً شكره وتقديره للمملكة لموقفها الإيجابي في هذا الخصوص. إلى ذلك؛ وصف الجبير المملكة وتركيا بأكبر دولتين اقتصاديتين في الشرق الأوسط. وأكد «إنهما تنظران إلى التحديات في المنطقة بشكلٍ متطابقٍ سواءً في الأزمة السورية أو العراقية أو التحديات الإيرانية أو الوضع في اليمن أو حرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر أو فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب وتوفير الأمن والاستقرار في المنطقة»، رابطاً بين الاستقرار و«سحب البساط من تحت أقدام التطرف والإرهاب الذي يحدث نتيجة لعدم وجود استقرار في بعض الدول». وعدَّ الجبير مجلس التنسيق الاستراتيجي بين البلدين خارطة طريق شاملة تثبِّت العلاقات الثنائية وتسمح للقيادتين برؤية هذه العلاقات في مجملها. وشرح أن المجلس سيعمل على عدة مسارات «فهناك مسار أمني بالنسبة للتعاون العسكري ومكافحة الإرهاب، ومسار سياسي حيث تتقارب المواقف السياسية ويتم التنسيق السياسي في القضايا ذات الاهتمام، ومسار اقتصادي يتعلق بالتجارة والاستثمار في البلدين، ومسار تعليمي يتعلق بتبادل الخبرات بالنسبة للمؤسسات التعليمية بين الجامعات ومراكز الأبحاث، وهناك جانب صحي فيما يتعلق بالطب وتبادل الخبرات، وهناك أيضاً جانب يتعلق بالزراعة».