بدأت قوى الثورة وأحزاب اللقاء المشترك في اليمن المطالبة بإزاحة كل أقارب الرئيس السابق علي عبد الله صالح من مراكزهم في الجيش واستبدالهم بآخرين قبل الشروع في أي حوار بين القوى الوطنية. يأتي ذلك في وقتٍ تستعد فيه جهات عدة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني المقرر أن يتم خلال مارس الجاري بمشاركة مختلف القوى السياسية. وطالبت اللجنة التنظمية للثورة الشبابية، والتي يديرها حزب الإصلاح أكبر أحزاب اللقاء المشترك والذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في اليمن، الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق بإقالة عائلة صالح وأقاربه من جميع المؤسسات العسكرية والأمنية، معتبرة ذلك المدخل للشروع في عقد مؤتمر الحوار الوطني والمشاركة فيه.وعلمت «الشرق» من مصادر خاصة أن قيادات في «المشترك» وقيادات شبابية من ساحات الثورة في مدن تعز وصنعاء والحديدة وعدن بدأت إعداد برنامج تصعيدي للمطالبة بإقالة جميع أقارب صالح من مؤسسات الدولة باعتبارهم يمثلون عائقا كبيرا أمام الانتقال الكامل للسلطة، وفق رؤيتهم. أقارب صالح يحكمون القبضة على الجيش أكدت مصادر متعددة ل «الشرق» بقاء العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق صالح وقائد الحرس الخاص للرئاسة، في منصبه مع الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي، وأضافت أن هادي رفض استقالة تقدم بها العميد طارق وطلب منه البقاء في منصبه لعدم الحاجة لتغييره، حسب رؤية هادي. ويقود نجل صالح العميد أحمد علي عبد الله صالح قوات الحرس الجمهوري أكثر قوات الجيش اليمني تأهيلا وعتادا، والتي تعد جيشا كاملا حسب خبراء عسكريين رأوا أنها السبب في بقاء صالح في السلطة وعدم سقوطه رغم انشقاق الجيش. وإضافةً إلى الحرس الجمهوري أنشأ نجل صالح القوات الخاصة ووحدة التدخل السريع وهي قوات ذات طابع أمني مهمتها تنفيذ عمليات قتالية خاصة وتحظى برعاية كبيرة من نجل صالح، ويشرف على تدريبها خبراء بريطانيون ومصريون وأردنيون موجودون بصورة مستمرة في صنعاء. كما يدير العميد يحيى محمد عبد الله صالح، نجل شقيق صالح والأخ الأكبر لطارق قائد الحرس الخاص، قوات الأمن المركزي، وهي أكثر فصائل الأمن تسليحا وتماسكا وتملك عتادا عسكريا يُعرَف أنه خاص بالجيوش وليس بقوات الأمن، وكان الأمن المركزي ظل متماسكا إلى جانب صالح أيضا طيلة الأزمة التي عصفت بحكمه العام الماضي، كما واجه المظاهرات الشبابية في كل مدن اليمن تقريبا. وإلى جانب الأمن المركزي يقود يحيى صالح أيضا قوات مكافحة الإرهاب المدعومة أمريكيا، والتي تم تدريبها في الولاياتالمتحدة لمواجهة القاعدة، وتعد من أفضل فرق الأمن اليمنية من حيث التدريب والتأهيل والجاهزية القتالية. ويتولى عمار محمد عبد الله صالح، نجل شقيق صالح، إدارة جهاز الأمن القومي أحد أجهزة المخابرات، والذي نشأ بدعم أمريكي بريطاني. وتعد القوات الجوية أيضا محورا مهما في المؤسسة العسكرية اليمنية التي وقفت الى جوار صالح وعملت على إعاقة أي تحرك عسكري في العاصمة صنعاء والمدن الكبيرة لإسقاط نظامه، ويقود القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، والذي شهدت بعض وحدات قواته تمردا منذ أكثر من شهرين حيث يتظاهر أفراد القوات الجوية للمطالبة بإقالته من قيادة هذه المؤسسة. إضافة إلى أفراد عائلة صالح في الجيش، يقود اللواء مهدي مقولة المنطقة العسكرية الجنوبية والتي تضم قطاعا كبيرا من قوات الجيش اليمني في الجزء الجنوبي للبلاد. ويعد مقولة أحد المقربين من صالح وتربطه علاقة مصاهرة بعائلته، وسبق أن عمل قائدا لحرس صالح الخاص، كما ساند صالح إبان ثورة الشباب وحافظ على تماسك الألوية العسكرية الواقعة تحت إدارته. وفي المنطقة العسكرية الشرقية، والتي تضم قطاع الوحدات العسكرية في الجزء الشرقي من اليمن الممتد من مأرب وشبوة وحضرموت والمهرة من حدود صنعاء إلى حدود عمان، يوجد العميد عزيز ملفي أركان حرب المنطقة. وملفي من أقارب صالح، وكان حارسا شخصيا له حتى عام 2008 حين تم تعيينه في المنطقة الشرقية للسيطرة على المنطقة وتقزيم صلاحيات اللواء محمد علي محسن، قائد المنطقة الموالي للإخوان المسلمين والمحسوب على قائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء المنشق علي محسن الأحمر، وهو ما تحقق بالفعل حين أحبط ملفي تمرد المنطقة العسكرية الشرقية وعطل انضمامها للثورة رغم إعلان قائدها مع اللواء علي محسن الأحمر دعم ثورة الشباب. وفي المنطقة العسكرية الوسطى والمركزية، عيَّن صالح قادة عسكريين مقربين منه لضمان ولائهم، وبالتالي فشلت كل محاولات اللواء علي محسن الأحمر والمعارضة والثوار في استمالة أي من وحدات هذه المناطق لصالح الثورة. ولم يكتفِ صالح بتعيين القادة العسكريين الكبار من أقربائه وأصهاره بل تعدى ذلك إلى تعيين مدراء أمن في المحافظات من المقربين منه ومن أسرته إضافة إلى المحافظين، ففي نحو خمس محافظات يمنية عين أصهاره من الدرجة الأولى كمحافظين. لجنة هيكلة الجيش ومخاطر التفكك تواجه اللجنة العسكرية والأمنية المكلفة بإعادة هيكلة الجيش تركة ثقيلة من تعيينات المقربين من صالح وأفراد عائلته، مما يجعل مهمتها في إعادة الهيكلة شاقة وذات مخاطر كبيرة بدأت تظهر مؤخرا، حيث يرى مراقبون في تحذيرات لهم أن أقرباء صالح وتحديدا في الجيش قد يعمدون إلى تفكيك القوات المسلحة حال تمت عملية إبعادهم من مناصبهم.