تستهدف جهودٌ أمميةٌ إجلاء نحو 400 شخصٍ «مهددين بالموت» من مضايا المُحاصَرة في ريف دمشق، في وقتٍ حذَّرت منظمة «أطباء بلا حدود» من العودة إلى «حصار التجويع». ووصفت الأممالمتحدة معاناة السكان في البلدة بأنها «لا تُقارَن» بكل ما حصل في سنوات النزاع السوري الذي بدأ في مارس 2011. ميدانياً؛ اقتحم جيش النظام أمس بلدة سلمى التي تعدُّ أبرز معاقل الفصائل المقاتِلة في ريف محافظة اللاذقية (شمال غرب). وتصدَّرت مضايا جدول أعمال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي ليل أمس الأول، وانتهت بتأكيد رئيس قسم العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة، ستيفن أوبراين، حاجةَ نحو 400 شخصٍ إلى الإجلاء لتَلقِّي رعاية صحية ملحَّة، واصفاً إياهم بأنهم مهددون بالموت ويعانون من سوء التغذية و»مشاكل طبية أخرى». وعلَّق المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، بافل كشيشيك، بقوله أمس «نعمل مع الأممالمتحدة والهلال الأحمر السوري على تحقيق ذلك». لكنه أقرَّ بأن «العملية معقدة جداً وتتطلب الحصول على موافقة مسبقة»، موضِّحاً «نحن نتفاوض مع الأطراف المعنيِّة لتحقيق هذه الخطوة الإنسانية». وتمكنت الأممالمتحدة والمنظمات الشريكة لها الإثنين من إدخال 44 شاحنة محمَّلة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى البلدة المُحاصَرة بشكل محكم من قِبَل قوات النظام ومسلحي ميليشيا حزب الله منذ حوالي 6 أشهر. ووصف ممثل رئيس المفوضية الأممية العليا للاجئين، سجاد مالك، ما شاهده أمس الأول في البلدة التي تؤوي 40 ألف شخص بينهم فارّون من الزبداني القريبة ب «مروِّع». وروى، في مؤتمرٍ عُقِدَ أمس في جنيف عبر دائرة فيديو من دمشق، أن «ما رأيناه لا يُقارَن (…) بمناطق أخرى»، مُبيِّناً أن الأطفال كانوا يقتاتون من أعشاب و»لم يعد لديهم ما يأكلونه سوى الماء الممزوجة بالتوابل». ومضايا واحدة من أربع بلدات تمَّ التوصل في سبتمبر الماضي إلى اتفاقٍ بشأنها بين النظام والفصائل المقاتلة. وينص الاتفاق، الذي يشمل أيضاً الزبداني وكفريا والفوعة، على وقفٍ لإطلاق النار وإيصالٍ للمساعدات وإجلاءٍ للجرحى، ويتم تنفيذه على مراحل. وتزامن إدخال المساعدات إلى مضايا مع إدخال 21 شاحنة مماثلة إلى بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب (شمال غرب). ويقيم في البلدتين أكثر من 20 ألف شخص، وتُلقِي قوات النظام دورياً المساعدات لهم عبر المروحيات. وبشأن الحالات الطبية الحرجة؛ روى المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي الذي كان في عداد الفريق المواكب لقافلة المساعدات إلى مضايا أنه رأى «أطفالاً وبالغين نحيلي البنية ويعانون من سوء تغذية». وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، عن «أوضاع صحية حرجة يعاني منها عشراتٌ من سكان البلدة باتوا بحاجة إلى علاجٍ فوراً خارجها وبينهم نساء وأطفال». وطبقاً لمنظمة «أطباء بلا حدود»؛ تبدو المرافق الطبية في البلدة غير مجهزة تقنياً لإسعاف الحالات الحرجة. واعتبرت متحدثة باسم المنظمة الإجلاء الطبي إلى مكان آمن لتلقي العلاج أمراً مطلوباً بالتأكيد «لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من سوء تغذية»، مُشدِّدة في الوقت ذاته على أن «زيارة إنسانية وحيدة ومن ثَمَّ العودة إلى حصار التجويع لن يكون مقبولاً». ومن المقرر، وفق الأممالمتحدة، إدخال «مساعدات إضافية» في الأيام المقبلة إلى البلدات الأربعة المشمولة بالاتفاق بين النظام والفصائل المقاتلة. وفي وقتٍ تستقطب معاناة مضايا اهتمام وسائل الإعلام؛ تستمر المعارك العنيفة على جبهاتٍ عدَّة. ودخلت قوات النظام أمس بلدة سلمى الاستراتيجية، وفق ما أفاد مرصد حقوق الإنسان. وترافقت الاشتباكات المستمرة وفق المرصد مع ضربات جوية وقصف مدفعي كثيف.