تجري اتصالات بين الأممالمتحدة والحكومة السورية بعد إعلان الأخيرة موافقتها على إدخال مساعدات إلى منطقة مضايا المحاصرة في شمال غربي دمشق، في وقت أفادت شبكة حقوقية بمقتل 63 شخصاً بينهم 21 ماتوا جوعاً بسبب الحصار، بالتزامن مع انطلاق حملة على وسائل التواصل الاجتماعي دعماً لمضايا وفك الحصار عنها. وأعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر الخميس تلقيهما موافقة الحكومة السورية على إدخال مساعدات إنسانية في أقرب وقت إلى ثلاث بلدات سورية، هي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب في شمال غربي البلاد ومضايا في ريف دمشق. وجاء في بيان مكتب الأممالمتحدة: «ترحب الأممالمتحدة بالموافقة التي تلقتها اليوم من الحكومة السورية في شأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مضايا والفوعة وكفريا وتعمل على تحضير القوافل لانطلاقها في أقرب فرصة». كما أكد الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في سورية بافل كشيشيك ل»فرانس برس» أن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصلت على موافقة لإيصال المساعدات إلى مضايا والفوعة وكفريا»، مشيراً إلى أنه «من المرجح أن تكون قافلة مساعدات مشتركة بين الأممالمتحدة والهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر». وأشار إلى أن المحادثات جارية حتى الآن حول التوقيت «وهناك بعض النقاط التي يجب توضيحها»، لافتاً إلى أن «المساعدات لن تصل قبل يوم الأحد». ونقلت الأممالمتحدة عن «تقارير موثوقة بأن الناس يموتون من الجوع ويتعرضون للقتل أثناء محاولتهم مغادرة مضايا التي يعيش فيها نحو 42 ألف شخص». وأوردت مثالاً من مضايا إذ قالت: «وردتنا معلومات في الخامس من كانون الثاني (يناير) 2016 تفيد بوفاة رجل يبلغ من العمر 53 سنة بسبب الجوع، في حين أن أسرته المكونة من خمسة أشخاص ما زالت تعاني من سوء التغذية الحاد». وفور سماعهم بالأنباء، أطلق «بعض الأشخاص في مضايا الرصاص في الهواء فرحاً»، وفق ما قال معاذ القلموني (25 سنة)، وهو صحافي من سكان مضايا، عبر الإنترنت لوكالة فرانس برس. وشغلت مضايا خلال الأيام الماضية وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الدولية. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور وأشرطة فيديو لأشخاص من مضايا بدا عليهم الوهن الشديد وقد برزت عظامهم من شدة النقص في المواد الغذائية. على موقع «تويتر»، أعرب كثيرون عن تضامنهم مع مضايا وانتشر هاشتاغ «#مضايا تموت جوعا». وكتب أحدهم: «نحن في القرن الواحد والعشرين ما زال الإنسان يموت جوعاً تباً لهذا العالم». وعلق آخر: «الحرب تظهر وحشية الإنسان (...) كيف يموت الإنسان جوعاً في هذا الزمن!». وكان كشيشيك قال ل»فرانس برس»: «هناك نقص في كل شيء (في البلدة). منذ مدة طويلة، يعيش السكان في ظل غياب المواد الأساسية من طعام ودواء ولا يوجد حتى كهرباء أو مياه». وتابع: «يستجدينا السكان من أجل حليب للأطفال (...) لأن الأمهات غير قادرات على الرضاعة». وروى سكان تمكنت وكالة فرانس برس من الاتصال بهم هاتفياً أن الغذاء المتبقي يتمثل بالأعشاب أو المياه المملحة. وقالت مؤمنة ( 32 سنة): «لم يعد هناك ما نأكله، لم يدخل فمي منذ يومين سوى الماء (...) حتى أننا بتنا نأكل الثلج الذي يتساقط علينا، أكلنا كل أوراق الشجر وقطعنا الجذوع للتدفئة، ونفد كل ما لدينا». وتحاصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها قرى عدة في ريف دمشق منذ أكثر من سنتين، لكن الحصار على مضايا تم تشديده قبل نحو ستة أشهر. وهي واحدة من أربع بلدات سورية تم التوصل إلى اتفاق في شأنها في أيلول (سبتمبر) بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لإطلاق النار وإيصال المساعدات ويتم تنفيذه على مراحل عدة. وبموجب الاتفاق، تم الأسبوع الماضي إجلاء أكثر من 450 مسلحاً ومدنياً من الزبداني ومضايا المتجاورتين ومن الفوعة وكفريا الخاضعتين لحصار فصائل معارضة. وكان من المقرر بعد انتهاء عملية الإجلاء السماح بإدخال مساعدات إنسانية وإغاثية إلى البلدات المحاصرة، إلا إن الأمر لم يحصل. وبحسب بيان الأممالمتحدة، فان آخر قافلة مساعدات دخلت إلى مضايا كانت في 18 تشرين الأول (أكتوبر). وتعذر الوصول إليها منذ ذلك الحين. وأكد كشيشيك أن «الحل لا يكمن في إيصال المساعدات مرة واحدة، ففي أماكن كهذه تركت من دون مساعدات لأشهر أو حتى سنوات، تحتاج لإيصال الإغاثة بانتظام لضمان حصول السكان على الغذاء الكافي لهم ولعائلاتهم». وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عناصر النظام والمسلحين الموالين له زرعوا منذ أيلول «ألغاماً في محيط مضايا، وفصلوها عن المناطق القريبة منها بالأسلاك الشائكة لمنع أي عملية تسلل منها وإليها». وأسفر الحصار المفروض على مضايا، بحسب «المرصد»، عن وفاة «23 شخصاً بينهم أطفال ونساء، قضى عشرة بينهم بسبب النقص في المواد الغذائية، وآخرون جراء الألغام أو إصابتهم برصاص قناصة أثناء محاولاتهم تأمين الغذاء أو جمع أعشاب عند أطراف المدينة». من جهتها، قالت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»: «على رغم توقيع اتفاقية الهدنة في 24 أيلول والتي كان أحد بنودها فك الحصار عن بلدة مضايا، إلا أنه لم يتم السماح بدخول المواد الغذائية منذ بدء سريان الهدنة إلا مرة واحدة بتاريخ 18 تشرين الأول، حيث دخلت قافلة مساعدات برعاية الأممالمتحدة، وقد تسببت مادة البسكويت المنتهية الصلاحية التي وزعت مع باقي المساعدات في ما لا يقل عن 200 حالة تسمم في بلدة مضايا. وفي هذا الصدد أصدرنا تقريراً طالبنا فيه الأممالمتحدة بفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن توزيع المواد الغذائية الفاسدة، والذي لم تظهر أي نتائج له حتى الآن». وقالت الشبكة أنها «وثقت مقتل 63 مدنياً، بينها 29 بسبب نقص المواد الغذائية والطبية: و21 شخصاً، بينهم 8 أطفال، و3 سيدات قضوا جوعاً»، إضافة إلى «ثمانية أشخاص بينهم سيدتان، قضوا نتيجة نقص الدواء وقلة الرعاية الطبية». وتابعت: «سجلنا مقتل 34 شخصاً، أثناء محاولتهم الخروج من البلدة عبر الأراضي الزراعية».