يعد الربيع عرس الطبيعة، وإشراقة الأرض والسماء، وهو الفصل الذي «تركن» فيه الظواهر الطبيعية متقلبة المزاج إلى بعض السكون والراحة لتأخذ الأرض نفساً عميقاً، وتتزخرف بألوان الزهور وعبيرها، وتكتسي حلة من البهاء والجمال، جمال تراه الأرواح الجميلة، وتعمى عنه الأرواح المتشائمة. يبدأ الربيع فلكياً في ال 21 من شهر مارس في نصف الكرة الشمالي، وفي ال 22 من شهر يونيو في النصف الجنوبي، وهو من أعدل الفصول وأجملها، ليله ونهاره معتدلان بين الحر والبرد، ونسيمه معتدل بين «اليبوسة والرطوبة»، وشمسه تعتدل في العلو والهبوط، وقمره يعتدل في أول درجة من الليالي البيض، وأُنشد في ذلك: يقول لسانُ الحال منهُ وقولُ الحق يعذبُ للسميعِ فوجهي والزمانُ وشهر وضعي ربيع في ربيع في ربيعِ فالربيع حديقة غنَّاء، وجمال ساحر، يشهد للحق في سره، ويناجي الخالق بروعة دلاله وبهجة جماله، كان مادة شعرية للشعراء، سَحَرهم بجماله، وأبهرهم بدلاله، فجادت قرائحهم بأجمل الأشعار، وأروع الكلمات، فقال الشاعر صفي الدين الحلي: خلعَ الربيع على غصون البان حللاً فواضلها على الكثبان ونمت فروع الدوح حتى صافحت كفَل الكثيب ذوائبُ الأغصان وتتوَّجت هام الغصون وضرجت خدَّ الرياض شقائقُ النعمان وقال الشاعر مصطفى بطران: سكب الربيعُ على الزمان جمالاً وسرى الجمال على التلال تلالاً لا لستُ أنكر أنَّ سحرك رائع وبديع حسنك قد حباك جمالاً فلماذا نشوِّه هذا الجمال الرباني برمي المخلفات والنفايات عندما نقوم بالتنزه في الأماكن البرية، أليس جديراً بِنَا أن نحافظ على جمال بيئتنا التي حبانا الله بها؟ في العام الماضي استمتعنا بربيع الشمال، الذي أفرح الناس فرأينا أبناء المملكة يتوافدون من شتى ربوع الوطن قاصدين أهل الشمال المعروفين بكرمهم، الذين استقبلوهم بدورهم بالحب والترحاب، فرأينا أبناء روضة الهباس، والخشيبي، ورفحاء، وهجرة ابن شريم، وقيصومة فيحان، ينصبون بيوت الشَّعر والخيام على الطريق الدولي، ويقدمون القهوة، ويقومون بواجب الضيافة تجاه إخوانهم القادمين إليهم من سائر مناطق المملكة، ومن دول الخليج العربي. لُحمة وطنية بفضل الله نُحسد عليها، فالكل أهل وأحبة منذ أن وحَّد المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، المملكة، وأرسى قواعدها على الدين الحنيف، والمجتمع السعودي يشتهر بالشهامة والطيبة، وصلة الرحم، واحترام كبار السن، ومع دخول الأجواء الربيعية هذه الأيام لعلنا أن نساهم ونعلِّم أبناءنا كيفية المحافظة على جمال طبيعتنا، فربيع الشمال «غير».