أحبطت القوات العراقية والعشائر المناهضة ل «داعش» أكبر هجومٍ شنَّه التنظيم الإرهابي على مدينة حديثة في محافظة الأنبار، لكنه أسفر عن مقتل 25 مسلحاً عشائرياً. في هذه الأثناء؛ لاحظ التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة واشنطن تقلُّص الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم بنسبة 40% عن أقصى توسُّع لهم في العراق وبنسبة 20% في سوريا؛ إذ أجبرته قوات دولية على الانسحاب من عدة مدن. واعتبر قادةٌ عسكريون عراقيون الهجوم الأخير لمسلحي «داعش» على حديثة، الذي استمر نحو 72 ساعة، محاولةً منه لتحقيق نصرٍ معنوي بعد هزيمته في الرمادي عاصمة الأنبار. وأفاد أمين عام تجمُّع «أحرار الفرات» الذي يضمُّ مقاتلي عشائر سنيَّة، الشيخ عبدالله عطا الله، ب «تصدَّينا لأكبر هجومٍ يشنُّه التنظيم على المدينة» وب «تقديمنا 25 شهيداً على مدار الهجوم الذي تواصل خلال الساعات ال 72 الماضية». وصمدت حديثة أمام هجمات المتطرفين رغم سقوط معظم أنحاء المحافظة في وقتٍ سابقٍ، وهي تضمُّ أحد أكبر السدود على نهر الفرات وتُعدُّ مركزاً لقضاءٍ يحمل الاسم نفسه. وأكد قائم مقام المدينة، مبروك حميد، صدَّ المهاجمين الذين استخدموا -كما قال- أكثر من أربعين سيارة مفخخة وجرَّافات مدرَّعة. وأوضح «لم يتمكنوا من الوصول إلى السواتر، وانتهى هجومهم الذي انطلق من المحاور الشمالية والجنوبية والغربية للمنطقة»، مشيراً إلى وجود عناصر من القوات الأمنية بين الشهداء والجرحى. وشدد حميد في تصريحاتٍ صحفية «تمَّ حسم المعركة، فالقوات تسيطر بشكلٍ كاملٍ، مقدِّراً عدد قتلى «الدواعش» بأكثر من 200 مسلح. لكن القائم مقام والشيخ عطا الله أقرَّا بأن «البلدة محاصرة»، وتوقَّعا تحريرها «في غضون الساعات القليلة المقبلة». بالتزامن؛ أكد المتحدث باسم التحالف الدولي تقديم دعمٍ للقوات العراقية التي تدافع عن حديثة التي تعدُّ منطقةً استراتيجية. و«كان هناك عدة هجمات من قِبَل داعش على البلدة، ولم ينجح أيٌ منها بفضل الدعم الجوي القوي»، بحسب المتحدث، الكولونيل ستيف وارن. ولفت وارن إلى صمود القوات النظامية أمام الهجوم، مقدِّراً عدد القتلى في صفوف المهاجمين ب 100 مسلح قضوا في ضربات جوية إضافةً إلى عدد أكبر سقط خلال مواجهات مع القوات.واعتبر أن «داعش يحاول تغطية هزيمته في الرمادي… لأن هذه المدينة تشكل رمزاً، فهي سنيَّة فقدوها لصالح القوات الحكومية». وأرسلت السلطات في بغداد تعزيزاتٍ من جهاز مكافحة الإرهاب وقوات الجيش للمشاركة في عملية التطهير في حديثة، بحسب مصدر أمني في قيادة العمليات المشتركة. في السياق نفسه؛ أبلغ مسؤول عسكري عراقي رفيع عن إعادة المتطرفين الانتشار في المناطق الواقعة غربي الأنبار بعد تمكن القوات من طردهم من الرمادي. واحتل «داعش» على الإثر قرية السكرانة الواقعة إلى الشرق من حديثة بعد مهاجمتها بأكثر من 20 سيارة مفخخة. وأكد مصدر في الإدارة المحلية سيطرة التنظيم على القرية ووجود عناصره داخلها، فيما تحدثت مصادر أخرى عن عددٍ من العائلات العالقة في منطقة الشاعي التابعة لناحية بروانة (جنوبي حديثة) التي هاجمها المتطرفون كذلك. ووفقاً لأمين عام تجمع «أحرار الفرات»؛ تفرض القوات الأمنية المدعومة بأبناء العشائر حصاراً على نحو 30 قناصاً تسللوا إلى منطقة الشاعي في بلدة بروانة. وقال الشيخ عطا الله، المنتمي إلى الجغايفة أبرز العشائر المناهضة للجهاديين في حديثة، إن «بروانة تحت سيطرتنا بالكامل باستثاء مساحة لا تتجاوز كليومترين مربعين في شمالها، ونحن نحكم الحصار هناك». وأشار إلى «وجود عددٍ من الأطفال والنساء محاصرين داخل المنطقة وتعمل القوات الأمنية على تحريرهم». وبيَّن النقيب زياد النمراوي من شرطة البلدة أن قوات الأمن تحاول كسر الحصار على عشرات العائلات في حي الشاعي». ولم يستطع المسؤولون تحديد عدد الأسر العالقة في الحي. إجمالاً؛ أعلن المتحدث باسم التحالف تقلُّص الأراضي الخاضعة لسيطرة مسلحي «داعش» بنسبة 40% في العراق وبنسبة 20% في سوريا خلال عام 2015، ما يعني خسارتهم بنحو 30% في البلدين. وأقرَّ الكولونيل وارن، في إفادة صحفية، بصعوبة الحصول على نسب دقيقة في سوريا. لكنه استدرك «نعتقد أن النسبة نحو 20%» مقابل 40% في العراق و30% في المجمَل. واجتاح التنظيم ثلث العراق في 2014 واحتل الموصل، كبرى مدن الشمال، ووصل إلى مسافة قريبة من بغداد. لكن هجمات مضادة لقوات حكومية وكردية مسلحة يدعمها التحالف بقيادة واشنطن أجبرت المتطرفين على الخروج من عدة مدن الشهر الماضي مثل تكريت شمالي بغداد والرمادي الواقعة إلى الغرب من العاصمة. وفي سوريا؛ يخوض التنظيم معارك مع القوات الحكومية وجماعات معارضة رافضة له. وكانت الحكومة في بغداد برئاسة حيدر العبادي توقعت الشهر الماضي أن يكون 2016 عام النصر الحاسم على «الدواعش». ويوم أمس؛ كشف التحالف عن تنفيذ مقاتلاته 20 ضربة جوية ضد مواقع «داعش» في البلدين. وشرحت قوة المهام المشتركة، التابعة للتحالف، في بيانٍ أمس أن «19 ضربة نُفِّذَت قرب 6 مدن عراقية وأصابت 7 وحدات تكتيكية تابعة للتنظيم»، بينما نُفِّذَت ضربة واحدة قرب بلدة عين عيسى السورية فأصابت ثلاثة مواقع قتالية.