بعضهم يظن أن الماء الفرات لا يشربه إلا هو وأن الغذاء الصحي لا يأكله غيره، ويظن آخرون أن المال أهم ما في هذه الحياة، وأظن -وبعض الظن إثم- أن الحياة علمتنا أن أجمل ما في الوجود هو السعادة وأجمل ما في السعادة هو الحب، والحب بجميع أشكاله طبيعة بشرية ورابطة روحية، فالمؤمن يحب ويبغض في الله، يحب الجمال والطبيعة ويحب الدين والوطن، أما أسماه فحب الوالدين والأبناء، وأحلاه حب الرجل لزوجه شريكة حياته وقلب البيت وعينه الساهرة إن لم تكن نصفه الثاني فهي نصفه الأول، وهي الزهرة الندية التي قطفتها من شجرة عائلتها باختيارك ورغبتك، وما أعطاك الله القوامة إلا لتقود مركب الحياة الزوجية بعقلك لا بعاطفتك، وما وهبك الله القوة إلا لتقوم بحمايتها من غير ظلم وإكرامها من غير إهانة، فالذكورة لا تعني الرجولة، والزوجة ليست بالجدار القصير ولا بالعبد المأمور، وليس من حقك أن تطلب منها ما هو فوق طاقتها ولا أن تحملها ما لا تحتمل. وأما ما نسمعه عمن يقسو على تلك الزهرات فما هو إلا دليل على جهل أو حماقة فئة لا تحس بمشاعر ولا تراعي عاطفة ولا تدرك حجم أشرف العلاقات الإنسانية، والشارع الحكيم حدد للزوجة حقوقها وواجباتها، ومن يرى غير ذلك فهو ضعيف البصر والبصيرة. إن الزوجة بطبيعتها تريدك معها وبين أطفالها غالباً ولا تريدك خارجه في الاستراحات أو أمام القنوات دائماً لأنها ترى أن ما يسعدك يسعدها، تستغني عن بعض مطالبها من أجلك، وهي إن أحبتك أحبتك أكثر من نفسها، فلا تتمادى في أن تجعلها آلة لكل أعمالك ولا جهاز تحكم لكل مطالبك، وكم تركت ما تحب من أجل ما تُحب، فلا تجعل لها غاية ما تحبه ما تحب .وإذا كانت القوامة مسؤولية فإن الرجولة ليست دكتاتورية، وكم سمعنا عمن يقولون عنها ما لا يفعلون، وكم رأينا ممن يجعلون من ضعفها وسيلة لاستضعافها وما علم المسكين أن المرأة التي أعطته قلبها وحبها إذا دعت الضرورة قد تتحول إلى أخشن إنسان أو أشرس حيوان، وهو ما نشاهده في هذه الحياة التي علمتنا أولاً وأخيراً أن البيت الذي تسكنه المودة والرحمة هو البيت الذي تكمن فيه السعادة الحقيقية.