بعد انتهاء التجربة، تأتي مرحلة التقييم، هكذا تنتهي سنة 2015 بكل ما حملت من أحداث على جميع الأصعدة الشخصية والمجتمعية والوطنية والدولية، فتلك هي حقول متعددة تمر عبرها التجارب الفردية والجماعية. لن نعيد سرد الأوضاع التي مر بها العالم خلال هذه السنة، ولكننا سنوجه أنظارنا لمراكز نظن أنها مهمة، للتركيز عليها والعناية بها لسنتنا الجديدة. الأوضاع الاقتصادية وإعلان الميزانية، تستدعي من الأفراد التوقف قليلا، وإعادة النظر في نمط الحياة السائد للأسرة السعودية، فإذا كان رفع الدعم عن بعض الموارد الأساسية يؤثر على دخل الأسر الثرية، فكيف حال الأسر ذات الدخل المحدود والضعيف! إنها اللحظة التي تستوجب التوعية بترشيد الصرف المالي للمواطن السعودي، وتعويده على أساليب التخطيط والادخار والاستثمار، فالرؤية المستقبلية الواضحة لسد بعض الثغرات المالية بتعويضها أو استبدالها ضمان للاستمرارية. قضية الصراعات التي تفاقمت آثارها في عام 2015، لتصل ذروتها باستهداف الأبرياء وزعزعة السلم الأهلي، هي الأخرى بحاجة لوقفة جادة. فالشحن الطائفي وإثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد، لم يُثمر إلا مزيدا من الاحتراب والتدهور الفكري والتجاوز الأخلاقي، الذي خرج عن مبادئ الدين والأخلاق والقيم. فاستغلال شريحة الشباب في تدمير دعائم القوى في المجتمعات، أدى إلى الخسائر البشرية والمالية التي شهدناها طيلة هذا العام. فهل نبدأ عاما جديدا بفكرٍ جديد؟ استثمار الموارد البشرية في مشاريع وطنية داعمة وزيادة الدخل، لاسيما بالتركيز على تكافؤ الفرص للكفاءات المؤهلة بمنحها حقها من الوظائف والتعيينات المناسبة لدرجة المؤهلات العلمية والخبرات العملية، لما لذلك من تشجيع للطاقات البشرية لمواصلة تحقيق النجاحات والحصول على أعلى المراتب والدرجات العلمية. حيث إن استمرار وجود مشكلة البطالة مازال يُمثل عامل هدم لكل الطموحات الشابة، التي ما زالت تنتظر الفرصة لممارسة دورها في عملية البناء والمشاركة الفعلية. فمن المؤسف عزوف شريحة من الشباب عن مواصلة التعليم لتقلد الدرجات العليا، ذلك بحجة عدم وجود فرص مكافئة للمؤهلات المتقدمة، بينما تبقى نسبة الحاصلين على مؤهلات أكاديمية عليا تنتظر في الطابور. نهاية العام، هي بداية عام جديد قابل للتحديث، فاسترجاع شريط العام المنصرم خطوة إيجابية في طريق التغيير، بالتعلم والاستفادة مما مضى، والتعثر والسقوط حالة طبيعية يمر بها الإنسان، لكن الفرق يكمن في التعاطي مع التجارب باختلافها الناجحة والفاشلة بجدية واستثمار. فباستقبال السنة الميلادية الجديدة، تفتتح الشركات والمؤسسات خططها التشغيلية، برؤية جديدة وأفق أوسع مما كان عليه قبل عام. وعليه تواتينا فرصة البدء من جديد؛ فالمواطن موظفا أو عاطلا عن العمل لديه فرصة التفكير والتخطيط، كما أنها فرصة للرؤساء وأصحاب المناصب الكبيرة لإعادة النظر في أساليبهم العملية والتخطيطية وسياساتهم في توظيف الطاقات البشرية.