أكد المهندس زياد أبا الخيل، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة الجزيرة للأسواق المالية «الجزيرة كابيتال»، إن ما يميز النظام المالي بالمملكة هو ثباته في وجه الكثير من الأزمات المالية التي عصفت بالمنطقة، مشيراً الى ان السعودية هي الاقتصاد الأكبر حجماً في المنطقة، كما أوضح أن الجزيرة كابيتال انتهجت منذ انطلاقها منهجاً متكاملاً للتخطيط الإستراتيجي يرتكز على التطوير والتحديث المستمر لآليات العمل ولأي تحديات، ذلك لتتماشى مع أي متغيرات تطرأ على السوق، ورأى أبا الخيل أن هناك ضرورة ملحة في زيادة الوعي بأهمية تبني مفهوم إستراتيجي للموارد البشرية النسائية، للاستفادة من الأعداد الهائلة من الخريجات الراغبات في العمل، فما هي التغييرات التي طرأت على سوق الاستثمار السعودي ؟ وأين هي أكبر فرص الاستثمار في الوقت الراهن في المملكة ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة «الجزيرة كابيتال» في حواره مع «اليوم». وإلى نص الحوار .. ما هي التغيرات التنظيمية التي حدثت مؤخراً في القطاع المصرفي السعودي، والتي من شأنها التأثير على أداء البنوك السعودية ؟ -مما لاشك فيه، أن وجود قطاع مصرفي متطور وفعال، يعتبر أحد المتطلبات الأساسية لتحقيق نمو اقتصادي، لاسيما وأن التطورات السريعة في تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات، أدت إلى اندماج عالمي بين الأسواق المالية، والذي بدوره فتح آفاقاً جديدة للفرص والمخاطر على حد سواء، وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً أو إيجاباً على الاستقرار الاقتصادي للدولة، ولذلك من المهم أن يكون النظام المالي المحلي قوياً على نحو يلائم هذه المتغيرات، وهو ما يميز النظام المالي للمملكة والذي يقوم على قاعدة عريضة من المؤسسات والتي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات المالية للمدخرين والمستثمرين أثبتت قوتها ومرونتها في الكثير من الأزمات المالية، ويعود الفضل في ذلك إلى التطوير المتلاحق والمتواكب للشؤون التنظيمية للنظام المصرفي السعودي، حتى بات واحداً من أكثر الأنظمة سلامة وكفاءة في العالم. هناك تحديات قد تواجه قطاع المال والتداول، فما هي الإستراتيجيات التي تتبعونها في الجزيرة كابيتال من أجل مواجهة أي تحديات مستقبلية؟ رؤيتنا واضحة في الجزيرة كابيتال، إذ إننا نسعى بأن نكون المزود الإقليمي عالمي المستوى لأفضل الخدمات والحلول الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لعملائنا سواء من الأفراد أو المؤسسات، ووفق هذه الرؤية تأتي إستراتجيتنا لمواجهة التحديات، حيث انتهجت الجزيرة كابيتال منذ انطلاقها منهجاً متكاملاً للتخطيط فأوجدت إدارة مختصة للتخطيط الإستراتيجي تعمل على إعداد الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل، كما تولى إدارة الشركة اهتماما كبيراً بعملية متابعة تنفيذ هذه الخطط، وذلك من خلال استخدام العديد من مؤشرات القياس العلمية الحديثة. هذه العوامل المجتمعة جعلت الجزيرة كابيتال مثالاً يحتدى به في التطوير والتحديث المستمر لآليات العمل ولأي تحديات تواجه الشركة لتتماشي مع أي متغيرات تطرأ على السوق . عملت الجزيرة كابيتال في السنوات الخمس المنصرمة على تطوير صناديق الجزيرة من خلال تنويع مصادر الدخل في الشركة، كيف تنظرون اليوم للصناديق الاستثمارية وطريقة إدارتها في المملكة العربية السعودية؟ أكاد أن أجزم أنها واحدة من أهم الوسائل الاستثمارية وأفضلها للمستثمرين الذين يمتلكون مدخرات، ولا يستطيعون متابعة أداء الأسواق المالية، وليست لهم الدراية الكافية بعالم الاستثمار في الأسواق المالية، ورغم أن الصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة حديثة العهد نسبياً، إلا أن ذلك لم يمنع من تناميها بشكل كبير، سواء من حيث عدد الصناديق، أو حجم الأصول، وهذا يتعلق بالدرجة الأولى بالتوجه العالمي نحو سوق التمويل المتوافق مع الشريعة، وعلى الرغم من تضرر صناعة الصناديق الإسلامية-نسبياً- خلال الأزمة المالية شأنها شأن جميع القطاعات المالية، إلا أنها بدأت تكتسب المزيد من الاهتمام خصوصاً مع تحقيق-أغلبها- عوائد أفضل من نظيراتها التقليدية، فيما تعد السعودية من أكبر مراكز الصناديق الإسلامية الأكثر جاذبية في العالم، وذلك نظراً لعدد الحوافز المعتمدة فيها ومستوى المرونة في قطاع التمويل الإسلامي ككل. ما هي التغييرات التي لمستموها في سوق الاستثمار السعودي خلال العشرة أعوام الماضية؟ وكيف واجهتم أبرز التغييرات سواء الإيجابية منها أو السلبية؟ -طبعا المعطيات الاقتصادية الجديدة لا تخفى على احد، والتي من أبرزها ارتفاع أسعار النفط، وانعكاسه على ارتفاع حجم الموازنة السعودية لأرقام غير مسبوقة، وما تبعها من ارتفاع حجم الإنفاق العام مع زيادة وتيرة تطوير البنية التحتية وزيادة المشروعات الحكومية، وهو ما أثر بدوره على عدة قطاعات اقتصادية، ارتبط بها سوق الاستثمار السعودي بشكل مباشر وغير مباشر، وقد فرض هذا الواقع تحديات جديدة، من أبرزها التجاوب مع هذا الوضع بالشكل المطلوب سواء إيجابياته أو سلبياته. أين ترى أكبر فرص الاستثمار في الوقت الراهن في المملكة العربية السعودية؟ في رأىي الشخصي، أرى أن الاستثمار في الإنسان هو أكبر فرص الاستثمار تفضيلاً، فالموارد البشرية تعتبر من المقاييس الأساسية التي تقاس بها ثروة الأمم، باعتبارها الأصول المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول، حيث أصبح العنصر البشري ودرجة كفاءته هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم، وهذه الثروة الإنسانية لا يمكن تنميتها إلا عبر توفير فرص التمويل وفتح قنوات جديدة لتقديم الدعم المالي اللازم لتطوير المشاريع الناشئة، وهي قنوات استثمارية ممتازة لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة، في حين أن العوائد تكون بعشرات إلى مئات الأضعاف نظراً لسرعة نمو هذه المشاريع. كان للجزيرة كابيتال المبادرة بأول صندوق عقاري للمشاريع السكنية المتعددة ؟ الى ماذا تهدف الجزيرة كابيتال على المدى المتوسط؟ كان الصندوق احد مشاريع الجزيرة كابيتال التي جاءت في سياق تقديم فرصة استثمارية في القطاع العقاري السكني من خلال الاستثمار في عدد من المشاريع السكنية العقارية الصغيرة والمتوسطة ذات العائد الأفضل نسبياً، وبغرض تلبية احتياجات ذوي الدخل المتوسط، حيث هدف الصندوق إلى تنمية رأس المال على المدى المتوسط، والصندوق يتميز عن بقية الصناديق العقارية الأخرى بتوزيع استثماراته على أكثر من مشروع مما يتيح للمستثمرين الاستفادة من أكثر من فرصة عقارية من خلال صندوق استثماري واحد مع تقليل المخاطر المصاحبة للاستثمار في مشروع واحد. كما يمكن للصندوق العمل مع عدد من المطورين العقاريين المؤهلين، حيث يتم انتقاء الفرص الاستثمارية الأفضل من بين المشاريع المقدمة من المطورين العقاريين. ما هي وجهة نظركم حول قانون الرهن العقاري ومساهمته نحو حل مشكلة الإسكان؟ مما لاشك فيه، إن إصدار تعليمات وأنظمة الرهن العقاري يعتبر خطوة هامة نحو فتح باب التمويل العقاري السكني أمام شريحة كبيرة من المواطنين أصحاب الدخول المتوسطة والتي عانت لفترة طويلة من ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بصورة لا تتناسب مع ظروفها وإمكانيتها، وأنا شخصياً متفائل بهذه الأنظمة الجديدة التي نتمنى أن تساهم في عملية تنظيم وحل مشكلة التمويل العقاري، ومن المتوقع مع مرور الوقت ستكون هناك إمكانية لتوسيع نطاق السوق من خلال السماح بدخول المقرضين من القطاع الغير مصرفي في المنافسة، خصوصاً وأن نسبة التمويل العقاري في المملكة تبلغ 3% من الناتج المحلي مقارنة مع 70% في البلدان المتقدمة. ما هي الممارسات الخاطئة الواجب على البنوك السعودية والأجنبية، تجنبها من حيث التمويل الشخصي والاستثماري؟ لن أقول ممارسات خاطئة، وإنما أقول تحديات تفرضها أحيانا مفاهيم تقليدية تراكمت عبر السنين في وسط المصرفيين، قد يكون من أبرزها، أنهم يعتبرون ذوي الدخل المحدود غير قادرين على دفع الديون المستحقة عليهم، وبالتالي تتضاءل القدرة في حصولهم على التمويل التجاري، ومن وجهة نظري أرى أن تقوم البنوك بمنح التمويل بناء على قياس المخاطر المحتملة، بحيث تبدأ بتمويلات صغيرة جداً وقليلة المخاطر، ومن ثم التدرج في منحهم تمويلات بحجم أكبر كلما عهدوا سداداً متواتراً من المستفيد. كيف تقرأ الجهود المبذولة في توظيف المرأة السعودية في البنوك ؟ -هناك فعلاً ضرورة ملحة في زيادة الوعي بأهمية تبني مفهوم استراتيجي للموارد البشرية النسائية، للاستفادة من هذه الطاقات والأعداد الهائلة من الخريجات الراغبات في العمل، وإتاحة فرص ومجالات لعمل المرأة السعودية، بما يتوافق مع البنية النفسية والبدنية للمرأة، ووفقاً للضوابط الشرعية، وعدم حصرها على المهن التقليدية، ووضع المبادرات التفصيلية والأهداف الإستراتيجية المتعلقة بتوظيف الخريجات السعوديات، فضلاً عن أهمية زيادة التخصصات العلمية للمرأة في الجامعات والمعاهد والكليات، والتوسع في تنظيم وإعداد البرامج التدريبية التي يحتاج إليها سوق العمل بمختلف أنواعها لتخريج أكبر قدر من العمالة النسائية المدربة. كيف تستفيد البنوك السعودية من فرص النمو والاستثمار في المملكة؟ -بداية لابد من الإشارة، إلى أن المناخ الاستثماري في المملكة يمتلك مزايا نسبية عالية، هذا المناخ لابد أن يقابله حراك استثماري نشط من البنوك، بحيث تكون لديها القدرة على الوصول إلى أسواق وعملاء جدد لغرض تحقيق الاستفادة القصوى من فرص النمو، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد السعودي بحوالي 4.4% هذا العام، فيما تشهد المملكة نمواً اقتصادياً وسكانياً قوياً، ويمثل فرصة استثمارية ضخمة، وضرورة ملحة في تنويع الاقتصاد المحلي والسعي نحو اقتصاد المعرفة عبر السير بقوة تجاه تنويع مصادر الاستثمار واستغلال الفوائض المالية، والمساهمة في دعم تنوع قنوات الاقتصاد الوطني وزيادة الإنتاجية، وفتح آفاق رحبة لتوظيف أبناء وبنات الوطن. ما هي وجهة نظركم حول خطة التنمية الاقتصادية التي تبنتها الحكومة في عام 2014؟ وكيف تساهم البنوك لدعم مشاريع التنمية الحكومية؟ -خطة التنمية الاقتصادية كانت وفق مستوى طموح جميع السعوديين، حيث تضمنت إجراءات نوعية جديدة لتحسين التنمية الاقتصادية في جميع المجالات، حيث يقع على كاهل البنوك مشاركة نوعية في دعم مشاريع التنمية الحكومية، وذلك عبر المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي والمساهمة في تنمية الموارد البشرية وتدريبها وتأهيلها لتكون مؤهلة لتطوير القطاعات المختلفة، فضلاً عن جذب جزء كبير من الأموال المجمدة خارج القطاع المصرفي لتدخل الدورة الاقتصادية وتساهم في العملية التنموية. هل البنوك السعودية تبذل جهوداً كافية لدعم قطاع الاستثمار؟ -مما لا يختلف عليه اثنان، أن التنمية بشكل عام لا يمكن أن تتطور دون استثمارات كبيرة ومتنوعة، وتشجيع الاستثمار يتطلب تفعيل للأدوات أولاً، ومن هنا تكمن مهمة المصارف الأساسية والتي يتمثل دورها في تحقيق معدلات نمو عالية من خلال تفعيل الاستثمارات، كما أن الميزة الهامة في البنوك السعودية تتركز في كونها توفر مصادر تمويلية وطنية ستكون أكثر ضمانة وسهولة وأقل كلفة من أي مصادر تمويل أجنبية بديلة. هل ترغب في رؤية المزيد من العطاء من القطاع المصرفي لتمويل المشاريع الضخمة؟ -إن بيئة العملية المصرفية في الوقت الحالي يجعلها محفزة وحاضنة للعديد من المشاريع الواعدة والمبتكرة، وذلك من خلال التوظيف المباشر فيها أو الوساطة لصالحها أو توجيه المدخرات المتوافرة، وهذا ما يجعل تحقيق الطموحات وخلق مشاريع إنتاجية استثمارية أقرب منالاً وأسرع تنفيذاً، والأرقام التي تم إيرادها عن حجم تعاملات المصارف الخاصة ومعدلات نمو إيداعاتها وتمويلاتها خلال عام يؤكد تطورها المتنامي بشكل مضطرد، حيث ارتفعت القروض في الربع الأول من هذا العام بحوالي 11.4% على أساس سنوي ، وبلغت نسبة القروض للودائع حوالي 80% . ما رأيك على اعتماد نظام الصكوك الإسلامية لتمويل المشاريع الضخمة؟ و ما هي نسبة المخاطرة لهذا البرنامج؟ -ارتفع حجم سوق الصكوك الإسلامية بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث بلغت قيمة الصكوك القائمة في نهاية العام 2013 حوالي 270 مليار دولار أمريكي عالمياً، 14% منها في السعودية، الأمر الذي يؤكد قدرتها على حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات الكبرى، كما أكدت التجارب العملية لإصدارات الصكوك في عدد من البلدان الإسلامية والخليجية قدرتها على التمويل، ومن وجهة نظري تعود أسباب زيادة الاعتماد على الصكوك الإسلامية إلى توسع رقعة الحلول والمنتجات المالية الإسلامية التي تواكب احتياجات قطاعات واسعة من المستثمرين سواء الحكومات أو الشركات، فضلاً عن الدعم الحكومي المتنامي لاسيما بالتشجيع من خلال القوانين المنظمة، وفيما يتعلق بالمخاطر فأنا أرى أنها يمكن إدارتها من خلال حزم من الإجراءات التي من شأنها رفع نوعية ودرجة التصنيف الائتماني للصكوك المصدرة . مع توسع البنوك في برامج الديون والتمويل، هل ترى زيادة المنافسة في المستقبل؟ -لا شك أن برامج الديون بالتمويل شهدت طفرة لا بأس بها في الفترة الماضية، وهو ما رفع من حجم القروض التي كانت تمنح بشروط وأسعار فائدة منافسة، حيث شهدت هذه البرامج تنافساً كبيراً بين المصارف، لكن من وجهة نظري، ستكون المنافسة على نفس الوتيرة في ظل تراجع أسعار الفائدة والتسهيلات التي باتت تقدمها المصارف، والتي شرعت في الحصول على ضمانات تسعى من خلالها إلى الحفاظ على حقوقها، وهو أمر بديهي، لكن هل سيتناسب مع جميع المستفيدين؟ قطعا لا، وهو ما يؤكد على ثبات وتيرة المنافسة في محلها مستقبلاً، وهو بدوره أثر على العائد على القروض، حيث انخفض من 6% في2008 ليبلغ 3.4% في 2013. لم تتأثر المصارف الإسلامية بالأزمة المالية العالمية مقارنة بالمصارف التقليدية. كيف تقيمون تواجد المصارف الإسلامية في الخليج عامة والمملكة تحديداً؟ -عدم تأثر المصارف الإسلامية يعود لسبب أنها لم تتعامل بالمشتقات المالية عالية المخاطر، حيث إنها تتاجر بما تملك فعلاً من أصول مادية، وهذا ما جعلها بمنأى عن الأزمة، لكن هذا لا ينفى عدم تأثرها تماماً، فحينما تتحول الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية ينخفض النشاط الاقتصادي إنتاجاً وتشغيلاً واستثماراً ، مما يؤدي إلى تأثر المصارف الإسلامية من جراء تقلص النشاط الاقتصادي في جانبه الإنتاجي مما ينعكس بشكل غير مباشر على نشاط المصارف الإسلامية، لكن بالعموم يمكن أن نقول: إن مستقبل المصارف الإسلامية يبشر بمزيد من النجاحات المستقبلية. هل أثرت أزمة اليورو والتغيرات السياسية في الشرق الأوسط على الأسواق السعودية؟ قد يتفق معي الكثير على أن أي دولة لا يمكن أن تعيش بنسبة 100 % بمعزل عن التقلبات الاقتصادية، ولا يمكن إنكار حقيقة أن أي تأثير سلبي أو إيجابي في الاقتصاد العالمي سيؤثر على اقتصاد السعودية، لكن يبقى القاسم المشترك هو في كيفية طرق معالجة الأزمات وتداعياتها، وهذا ما اتخدته المملكة العربية السعودية من سياسات مرنة ساهمت في الحد من التأثيرات السلبية لأزمة اليورو، مما يؤكد بالعموم أن التأثيرات كانت محدودة جداً . ما هي التغييرات الإيجابية الرئيسية في سوق الأسهم السعودية؟ وهل تتوقعون نهضة لهذا السوق على الرغم من ارتفاع نسبة المجازفة ؟ * ما سوف أقوله هو وجهة نظر شخصية أحاول فيها أن اقرأ مسيرة السوق على المدى القريب على الأقل، لاسيما إن السيناريوهات المنتظرة لسوق الأسهم السعودية تنقسم إلى مستويات، أولها: إن المستثمر السعودي بات يدرس المخاطر المترتبة عن أي عمليات شراء قبل أن يفكر في الأرباح المتوقعة، حيث إن المتداول الحالي يختلف جذريا من حيث الدراية الاستثمارية عن المتداول الموجود في السوق قبل عام 2006. والفضل في ذلك يعود لله ثم الى الدور التوعوي الملموس الذي قامت به هيئة السوق المالية على أكمل وجه معتمدة في ذلك على كفاءات وخبرات وطنيه حتى أصبحت السوق المالية السعودية من أفضل أسواق المنطقة تطوراً وتنظيماً، مما ساهم بسير سوق الأسهم السعودية بخطى إيجابية خلال الفترة الحالية، لا سيما ان المستثمر السعودي أصبح ذكياً، ولم يعد يفكر في الأرباح قبل أن يحسب حجم المخاطر، وهو أمر جعله أكثر نضجاً ودراية بأصول الاستثمار. لاشك أن البنوك وكذلك الشركات المالية تعتبر من أكبر القطاعات الحاضنة للموارد البشرية السعودية. ما رأيكم بدمج السعوديين في سوق العمل عامة، والقطاع المصرفي خاصة؟ -مما لاشك فيه، فإن دمج السعوديين في سوق العمل لاسيما المصارف والشركات المالية، هو أمر وطني بالدرجة الأولى، وقد حققت البنوك والشركات المالية مقارنة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى نقلة نوعية غير مسبوقة وذلك بسبب استنادها إلى منهجية علمية وعملية مدروسة، ارتكزت على عدد من الأسس والفرضيات، المرتبطة بتنمية القوى العاملة في المملكة، حيث اعتمدت في منهجيتها لدمج السعوديين على زيادة فرص توظيف القوى العاملة الوطنية بمختلف مجالات العمل المصرفي والمالي، كما أنها سعت إلى المواءمة بين احتياجات مجالات العمل المختلفة، وفرص التدريب والتأهيل المتاحة في مجال العمل المصرفي والمالي، واستندت على تحقيق الاستخدام الأمثل للقوى العاملة، وتحفيزها على الإنتاجية. على الصعيد العالمي، هناك زيادة التفاؤل والتركيز على المملكة العربية السعودية من حيث الاستثمار. كيف تقيم قطاع الاستثمار السعودي من حيث فتح فرص الاستثمار الأجنبي؟ * يتميز الاقتصاد السعودي باستجابته المتسارعة للمتغيرات الاقتصادية المختلفة على المستوى العالمي، والدليل على ذلك، القفزات المتوالية للمملكة في مقاييس التصنيفات العالمية، حيث حققت المملكة نمو اقتصادي تجاوز النمو العالمي بالرغم من أزمة الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة، كما أن الإنفاق العام المتزايد على البنية التحتية والمشاريع الأخرى، خلق فرصاً هائلة ، حيث أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تحقيق خطوات تنموية ملموسة ساهمت في إيجاد فرص استثمارية متنوعة. ما النصيحة التي توجهها للشركات متعددة الجنسيات التي تبحث في القيام بأعمال تجارية في المملكة العربية السعودية ؟ -بداية، ينبغي الإشارة بأن الشركات متعددة الجنسيات هي إحدى السمات البارزة للاقتصاد العالمي الجديد، فهي الأقدر على اجتذاب القدرات المتميزة والكفاءات والموارد ورأس المال، وقد ساهمت بدور ملموس في تعميق مفهوم العالمية والعولمة الاقتصادية، وعليه، فإن آثارها ليست بالقليلة، وأنا أتمنى على هذه الشركات أن تدفع باتجاه تأسيس أنماط التخصص وتشجع وتساهم على تصدير المنتجات ونقل التقنية، خاصة أن الاقتصاد العالمي يتجه الى جعل المعرفة وليس السلعة هي الحاسمة في المنافسة. كيف ترى دور السعودة وأهميتها على الوطن والمواطن؟ -لابد من النظر للسعودة من منظور استراتيجي يستوعب كل أبعادها، فهي ليست مطلباً طارئاً فرضته الأوضاع الاقتصادية، بل يجب النظر إليها باعتبارها متطلباً طبيعياً في إطار خطة وطنية لتنمية واستثمار الموارد البشرية الوطنية التي تواكب وتتكامل مع الخطط الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، ولا شك أن معظم المؤسسات والشركات والمصانع السعودية، بدأت تدرك جيداً أهمية سعودة الوظائف من خلال وضع البرامج والخطط المتكاملة لترجمة مفهوم السعودة إلى واقع ملموس يسير بخطى ثابتة وفق استراتيجيات محددة ومدروسة، كما لقي هذا التوجه تجاوباً كبيراً من الكفاءات الوطنية الشابة، والتي استشعرت الدور الكبير المناط بها لخدمة الوطن، وأنا أتوقع أن تشهد الأعوام القادمة مزيداً من النجاحات والإسهامات من المؤسسات والشركات السعودية في تأهيل الشباب السعودي وتدريبه وإعداده لمتطلبات سوق العمل في إطار رؤية مستقبلية طموحة تسير وفق خطة محددة لتمكين الكوادر الوطنية من زيادة قدراتها العلمية والعملية. ابا الخيل خلال حديثه ل «اليوم»