أشار رئيس تحرير صحيفة «الشرق» قينان الغامدي إلى صعوبات وتحديات واجهت مجلة الشرق خلال 35 عاماً، إلى أن صدرت وأصبحت صحيفة يومية. جاء ذلك في الندوة الشهرية السابعة التي استضافها منتدى سيهات الثقافي في منزل كمال المزعل أول من أمس، تحت عنوان «قينان الغامدي وتحديات أحدث جريدة محلية»، وكان السؤال: هل يستطيع أن يحدث نقلة نوعية في «الشرق» كما جرى في «الوطن»، خصوصاً أن سقف الحرية ارتفع بعد الربيع العربي؟ وتحدث رئيس تحرير «الشرق» عن مشوار الصحيفة خلال 34 عاماً، منذ أن كانت مجلة «الشرق» ثم «دنيا الشرق»، التي رأس تحريرها عبد الإله الخناني، والصعوبات التي واجهت الشرقية للإعلام والنشر، وانتهت بصدور أول عدد منها في 5/ 12/ 2011م، وبيَّن أنه عندما تم ترشيحه لتولي منصب رئيس التحرير في الصحيفة كانت هناك أربعة أسئلة وصعوبات وضعها أمامه: هل هناك جدوى من إصدار صحيفة ورقية في زمن الأنترنت والثورة المعلوماتية، أم أنها مغامرة؟ فكان جوابه أن هناك جدوى بشرط الاهتمام بالمضمون الذي تقدمه، فالأنترنت قد يتفوق في سرعة نقل الخبر، ولكن الصحيفة تقدم ما وراء الخبر، والتحليل، والرأي، خصوصاً أننا في زمن الرأي. وكان التحدي الآخر: هل رأس المال يعي مخاطر هذه الصناعة، خصوصاً مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي مرت بالعالم، ومع توقف صحيفتين خليجيتين عن الصدور، هما «أوان» و»الوقت»؟ ولكن حلم رئيس مجلس الإدارة سعيد غدران كان يتمثل في إصدار هذه الصحيفة، وقام بأخذ موافقة مجلس الإدارة الذي يتكون من ثلاثين شخصاً، وتمت المباركة للبدء بالمشروع. وكان التحدي الثالث هو الاستعداد، واختيار وتجهيز مبنى الصحيفة، حيث بذل الزملاء القائمين على الصحيفة جهداً كبيراً في ذلك، وتعاقدت الشركة مع بيوت خبرة لتجهيز المبنى، بالإضافة إلى المكاتب الخارجية، والدراسة وجّهت بأن تكون صحيفة شاملة تغطي جميع مناطق المملكة، مع التركيز على المنطقة الشرقية. أما التحدي الأخير فيكمن في استقطاب الخبرات والكوادر المؤهلة، ورأت «الشرق» أن تنتج جيلاً جديداً، لأن الاستثمار في الإنسان هو الأجدى، وكانت فلسفة الصحيفة استقطاب واختيار نخبة من تخصصات مختلفة، فتم تشكيل لجنة لمقابلة هؤلاء المتقدمين، وتمت تصفية العدد إلى 230 شاباً وفتاة، وأقيمت دورات تدريبية بدأت بدورات اللغة العربية المكثفة، ثم دورات نظرية على الفنون الصحفية، وثلاثة شهور للتطبيق العملي، وتم تقليص العدد إلى 135 شاباً وفتاة، بالإضافة إلى استقطاب عدد قليل من ذوي الخبراتالشابة، وكان التركيز على من كانت لديهم خبرات قصيرة في الصحف الأخرى، مؤكداً على اختيار الكوادر الشابة، فأكبرهم لا يصل عمره إلى أربعين عاماً، وأغلبية العاملين في الصحيفة لم يتجاوزوا الثلاثين عاماً من الجنسين، وتم إنجاز دراسات على مضمون وشكل الجريدة. واستمع رئيس التحرير لمجموعة من الأسئلة والاستفسارات من الحضور، طالبوه فيها بتحقيق النجاح في «الشرق»، كما حققه في صحيفة «الوطن»، عندما كان يرأس تحريرها، وأكد الغامدي أن «الوطن» طبقت قواعد مهنية معينة، ودخلت أماكن لم تكن محظورة، وتحدثت عنها بالرأي والتحليل، وبعد سنتين أخذت بقية الصحف خط «الوطن» نفسه. واستدرك: لكن الزمن تغير، ولو كررت «الشرق» ما قامت به «الوطن»، فلن يكون مميزاً. وطلب أن يتم تقييم كل صحيفة في زمنها، فأهداف «الشرق» أن تكون صحيفة وطنية حقيقية. وأشار الغامدي أنه تحدث بموضوعية في ما يخص أحداث القطيف، وأن المهنية الحقيقية والعرض الموضوعي نقطتان مهمتان في الصحافة. وأكد على أن الخطر الطائفي في المملكة العربية السعودية يكمن في الداخل، وليس من الخارج، وهذا لا يمنع أن هناك أطماعاً خارجية. و دعا لأن يكون هدفنا الأول هو لمّ الشمل، وأن تتضافر الجهود في هذا الجانب، وأن هناك ثوابت لا يمكن المساس بها، ومن بينها الوحدة الوطنية، وأن من يقمع هذه الوحدة الوطنية يجب أن يلجم ويقمع، وتحدَّى أن يكون قد شطح بكلمة واحدة في حق أي شيخ، أو رمز شيعي، وأنه مستعد للذهاب إلى بيت الشيخ لو ثبت غير ذلك. ورداً على استفسار أحد الحاضرين بأن الإعلام يدور حول الحقيقة، ولا يذهب إليها مباشرة، اعتبر الغامدي ذلك قصوراً مهنياً، وليس له علاقة بسقف الحرية. ورفض فكرة أن الصحافة دائماً ما تمثل الرأي الحكومي، وبيَّن أن هناك مقالات في «الشرق» تناقض بعض الآراء الحكومية. وعن سبب عدم تغطية أحداث البحرين، والتركيز على أحداث مصر، بيّن أن «الشرق» لم توفق في اختيار مراسل مناسب في البحرين، وأن البحث جار عن مراسل هناك. وأجاب على استفسار أحد الحاضرين أن «الشرق» لم تتحدث إلا عندما تحدثت وزارة الداخلية في أحداث القطيف، بأن هذا الكلام غير دقيق، وطلب التخلص من هذه الحساسية، وأن نكون موضوعيين قدر الإمكان، ف»الشرق» تنظر للقطيف كبقية المحافظات، بل وتوليها اهتماماً أكبر من غيرها. وأضاف أنه ذكر في مقالته تحييد بعض الرموز الدينية، وليس كل الرموز، ففي كل أسرة عاقل ومجنون، وأن النفس الطائفي لم نعرفه إلا بعد الثورة الإيرانية، و ضد الظلم في القطيف، وفي كل المناطق، وضد أي نهج إن كان يحرض على الطائفية. جانب من الحضور في منتدى سيهات الثقافي (تصوير: علي غواص)