أعلن الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا أمس انسحابه من منطقتين رئيستين على الأقل في الدورة الثانية من انتخابات المناطق المقررة في 13 ديسمبر الجاري بهدف تشكيل «سد جمهوري» لمنع اليمين المتطرف من الفوز بها. وقال السكرتير الأول للحزب جان كريستوف كامباديليس إنه «في المناطق المهددة بالسقوط بيد اليمين المتطرف حيث لا يتقدم اليسار على اليمين، قرر الحزب الاشتراكي تشكيل سد جمهوري ولا سيما في (نور- با- دو- كاليه- باكاردي) و(بروفانس- آلب- كوت دازور) الواقعتين على التوالي في شمال البلاد وجنوبها». وأضاف في أعقاب اجتماع طارئ لحزب الرئيس فرنسوا هولاند أن «التضحية كبيرة، فخلال السنوات الخمس المقبلة لن يكون للاشتراكيين أي تمثيل في مجلسي هاتين المنطقتين». والمعركة الانتخابية في «نور – با – دو- كاليه – باكاردي» تخوضها زعيمة حزب اليمين المتطرف مارين لوبن، في حين تخوض المعركة في «بروفانس – آلب – كوت – دازور» ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبن، وحصلت كل منهما على حوالي 41% من الأصوات في الدورة الأولى، بحسب التقديرات، وهي نتيجة تكفيهما للفوز بهاتين المنطقتين إذا ما تكررت في الدورة الثانية. ويأتي قرار الحزب الاشتراكي إثر حلول حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في الطليعة في ست مناطق على الأقل من أصل 13 في الدورة الأولى من انتخابات المناطق، جامعاً نسبة أصوات قياسية بلغت 28% على الصعيد الوطني، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية. وكان زعيم المعارضة اليمينية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سارع إلى رفض أي تحالف مع اليسار في الدورة الثانية لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف، ما قد يزيد من فرص حزب الجبهة الوطنية في تحقيق فوز تاريخي. ورفض ساركوزي أي «اندماج» مع الاشتراكيين وأي «سحب» للوائح حزبه «الجمهوريون» الذي قال إنه يمثل «البديل الوحيد الممكن» في المناطق التي قد يفوز فيها حزب الجبهة الوطنية. ولكن هذا القرار عاد على ساركوزي بانتقادات كثيرة حتى في أوساط حزبه الذي اجتمع مكتبه السياسي صباح أمس لوضع «استراتيجية موحدة» لاتِّباعها في الدورة الثانية. وقال رئيس الوزراء مانويل فالس إن «رسالة اليمين تُبرهِن عن قدر كبير من اللامسؤولية». بدوره، قال آلان جوبيه المنافس الأول لساركوزي في صفوف اليمين لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 2017 إن «المسألة واضحة، نحن أمام صعود قوي للجبهة الوطنية يجب مواجهته برؤية واضحة وأعصاب هادئة»، في تصريح يؤشر إلى اختلاف في الموقف مع ساركوزي. ومساء الأحد أظهرت تقديرات وزارة الداخلية أن اليمين المتطرف حصل على 28% من الأصوات على المستوى الوطني، متقدماً بذلك على المعارضة اليمينية (27%) وكذلك أيضاً على الاشتراكيين (23.5%). وسارعت الجبهة الوطنية إلى إعلان نفسها «أكبر حزب في فرنسا» استناداً إلى هذه النتيجة. ومن بين المناطق الست التي حل فيها أولاً اليمين المتطرف هناك ثلاث مناطق تعدُّ استراتيجية، اثنتان منها هما المنطقتان اللتان ترشحت فيهما مارين لوبن وابنة شقيقتها، والثالثة هي منطقة «ألزاس -شامبانيا – أردين- لورين» (شرق) التي يخوض المعركة فيها فلوريان فيليبو نائب رئيسة الجبهة الوطنية. أما المناطق الثلاث الأخرى التي تصدَّر الانتخابات فيها اليمين المتطرف فهي سنتر- فال دو لوار «وسط»، وبورغوني- فرانس- كونتيه «وسط شرق»، ولانغدوك- روسيون- ميدي- بيرينيه «جنوب». وفي خطوة نادرة، تصدَّر صحيفتَي لوفيغارو «محافظة» ولومانيتيه «شيوعية» الصادرتين صباح أمس عنوانٌ واحد هو «الصدمة».