يُرجّح أن تتيح مجزرة باريس التي حصلت قبل ثلاثة اسابيع، لحزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف تحقيق اختراق مهم، يعيد رسم المشهد السياسي، في الدورة الأولى من انتخابات المناطق التي نُظمت أمس. وتسيطر المجالس المحلية (في المناطق) الفرنسية على وسائل النقل المحلية والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى المدارس الثانوية والتدريب المهني، بسلطات معزّزة بعد تعديل قلّص عددها من 22 إلى 13، إضافة الى أربعة أخرى ما وراء البحار (غوادلوب ولاريونيون وغويانا والمارتينيك). ولكن في فرنسا ذات الحكم المركزي، فإن دورها أقل بكثير من مثيلاتها التي تتمتع بنفوذ في ألمانيا وإسبانيا. وستكون نسبة المشاركة في الانتخابات أمراً أساسياً، اذ لا يشارك فيها عادة حوالى نصف الناخبين، بسبب نظامها المعقد المؤلف من دورتين، وعدم فهم دورها في الهيكل الإداري المتعدد الطبقات في فرنسا. وكان واحد من كل ناخبَين امتنع عن التصويت في انتخابات المناطق عام 2010. وتضاعفت الدعوات الى «تعبئة عامة» في وسائل الإعلام والأوساط الاقتصادية والنقابات، لإقناع الفرنسيين بقطع الطريق على «الجبهة الوطنية». لكن مونيك بروسييه (66 سنة) قالت انها أسقطت «ورقة بيضاء، اذ جميعهم أغبياء». ودُعي حوالى 45 مليون ناخب الى اختيار اعضاء المجالس الجديدة للمناطق، وسط تدابير أمنية مشددة بعد مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً، في هجوم تبنّاه تنظيم «داعش»، ويُعتبر الأعنف في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية. ويسيطر الحزب الاشتراكي الحاكم على غالبية المناطق، ولكن يُرجّح أن يخسر معظمها، إما لمصلحة «الجبهة الوطنية»، أو لحزب «الجمهوريون» اليميني المعارض بزعامة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. واستفاد اليمين المتطرف من مجزرة باريس، ومن تدفق المهاجرين إلى أوروبا، علماً أن استطلاعات الرأي ترجّح تقدمه في ست مناطق، وفوزه في ثلاث في الدورة الثانية المرتقبة الأحد المقبل. رئيسة الحزب مارين لوبن مرشحة للفوز في الشمال (نور با دي كاليه بيكاردي)، فيما تتصدّر ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبن استطلاعات الرأي في الجنوب (بروفانس الب - كوت دازور). فوز «الجبهة الوطنية» سيشكّل سابقة في فرنسا، وقد يعيد رسم المشهد السياسي، بحيث يجعله سباقاً يضم ثلاثة أطراف، قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة عام 2017، والتي تُعتبر مارين لوبن أحد أبرز المرشحين للفوز بها. وقال آلان ألبيرن من حزب «الخضر»: «هذا مؤشر سيء بالنسبة الى فرنسا، لأن الجبهة الوطنية تكتسب شرعية شيئاً فشيئاً. الناس لا يدركون ما هو مُخبأ لهم».