أثار مقتل مهاجرٍ أفغاني لدى محاولته دخول بلغاريا غضب الأممالمتحدة، التي دعت الاتحاد الأوروبي إلى الإسراع في تسجيل وإعادة توطين اللاجئين، في وقتٍ استأنف رئيس وزراء المجر المناهض لتدفُّق طالبي اللجوء تصريحاته العدائية تجاه الإسلام. وقدَّرت منظمة الهجرة الدولية عدد من عبروا البحر الأبيض المتوسط هذا العام في طريقهم صوب أوروبا بصفةٍ غير شرعية، بأكثر من 613 ألف شخص، وصل 473 ألفاً و137 ألفاً منهم إلى اليونان وإيطاليا على الترتيب، بينما تُوفِّيَ أو فُقِد منهم نحو 3100 شخص. ودعت المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين إلى الإسراع في إقامة مراكز استقبال كافية في اليونان، لتسجيل الواصلين بحراً ثم توزيعهم. وحمَّلت المسؤولية عن الإجراءين إلى دول الاتحاد الأوروبي. واعتبرت أن أزمة تدفقات الهجرة غير الشرعية لا تدار بطريقة مناسبة في الوقت الحالي، وأن «من المهم وضع الإجراءات قيد التنفيذ». وأبدى المتحدث باسم المفوضية، أدريان إدواردز، ارتياحه للاتفاق بين أوروبا وتركيا على خطة لوقف التدفقات، لكن أنقرة تحدثت عن «مشروع غير نهائي» مبديةً رفضها لحجم التمويل. وتقضي الخطة بمنح أنقرة 3.4 مليار دولار كمساعدات، وتسهيل حصول مواطنيها على تأشيرات، وإحياء محادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، مقابل بذلها جهوداً لوقف سفر طالبي اللجوء عبر البحر. وعلَّق إدواردز بالقول من جنيف السويسرية «أعتقد أن المبدأ الأساسي باقٍ كما هو، ونحن سعداء لأن نرى اتفاقاً يشمل المهربين وتجار البشر». ولفت أيضاً إلى أهمية وضع احتياجات المهاجرين في الحسبان. وقُتِل أفغاني أمس لدى محاولته دخول الأراضي البلغارية، في واقعةٍ وصفتها الأممالمتحدة ب «غير مسبوقة»، داعيةً حكومة صوفيا إلى «تحقيق فوري وشفاف». وذكر مسؤولون في صوفيا أن حرس الحدود أطلق طلقة تحذيرية ارتدَّت وأصابت اللاجئ إصابةً قاتلةً ليُتوفَّى متأثراً بجراحه. وكان الرجل يسير مع مجموعة من مواطنيه اللاجئين، حين واجهتهم دورية شرطة قرب بلدة في جنوب شرق بلغاريا. وعبّرت المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين عن صدمتها على الإثر. وأبدى متحدثٌ باسمها، وهو بوريس تشيشيركوف، أسفه ل «موت طالب لجوء أثناء محاولته عبور الحدود للوصول إلى بر الأمان». وحثَّ السلطات البلغارية على إجراء تحقيق فوري وشفاف ومستقل، مذكِّراً بأن «طلب اللجوء حق إنساني عالمي وليس جريمة». ووقع الحادث حين كانت دورية من 3 ضباط بُلغاريين تحاول احتواء مجموعة من نحو 50 شخصاً، بحسب كبير أمناء وزارة الداخلية في صوفيا، جورجي كوستوف. ونسب كوستوف إلى أفراد المجموعة مقاومة عملية الاعتقال، ونقل عن أحد الضباط قوله إن طلقة تحذير أُطلِقَت وأصابت أحد المهاجرين فتُوفِّي لاحقاً. في غضون ذلك؛ وصف وزير الخارجية التركي، فريدون سنيرلي أوغلو، خطة العمل المشتركة مع الأوروبيين لوقف تدفقات الهجرة بأنها «ما زالت «مشروعاً غير نهائي»، رافضاً الميزانية التي اقترحتها بروكسل في هذا الخصوص. وأبلغ الوزير الصحفيين بقوله «الخطة ليست نهائية (…) ما زالت مشروعاً نعمل عليه». وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت ليل الخميس- الجمعة انتزاع اتفاق بشأن «خطة عمل مشتركة» مع أنقرة، عقب قمة لرؤساء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. ووفقاً للمفوضية؛ تنص الخطة خصوصاً على إعادة إطلاق المحادثات حول طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد، في مقابل تعاون في استقبال مزيدٍ من اللاجئين وتعزيز مراقبة الحدود. وشدد الوزير أوغلو على أن «القبول بالعرض المالي الذي قدمته بروكسل غير وارد» بالنسبة إلى بلاده. وأشار إلى حاجة أنقرة إلى 3 مليار يورو على الأقل في العام الأول من الاتفاق، موضِّحاً «أبلغنا الأوروبيين بأن المساعدة المالية التي عرضوها غير مقبولة، فهي ضئيلة». ورأى أوغلو أن «تركيا ليست بلداً نتذكره فقط في أوقات الأزمات، أو بلداً علينا ألا نتعاون معه إلا لأسباب تكتيكية». وتستقبل بلاده رسمياً على أراضيها 2.5 مليون لاجئ، منهم 2.2 مليون سوري فرُّوا من الحرب بين نظام بشار الأسد ومعارضيه. وتفيد أنقرة بإنفاقها 8 مليارات دولار (7 مليارات يورو) على هذا العدد. بدورها؛ قدَّمت منظمة الهجرة الدولية إحصاءً جديداً لعدد من عبروا البحر المتوسط هذا العام متجهين صوب أوروبا، مقدِّرة عددهم بأكثر من 613 ألف شخص تُوفِّيَ منهم نحو 3100، فيما وصل إلى اليونان نحو 473 ألفاً وإلى إيطاليا نحو 137 ألفاً. وأغلبية هذه الأعداد قادمة من سوريا وفق الأممالمتحدة. ويشكل السوريون ما نسبته 67 % من الواصلين إلى الأراضي اليونانية. لكن حركة قوارب الهجرة غير الشرعية أهدأ في أكتوبر الجاري مقارنةً بمثيلتها في سبتمبر الفائت «باستثناء اليومين الأخيرين مع وصول 70 أو 80 قارباً إلى اليونان يومياً»، بحسب المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين. واستقبلت جزيرة ليسبوس اليونانية 85 مركباً وصلت الأربعاء الماضي، في محطة أولى من رحلة يستهدف المستفيدون منها دول الدول الأوروبية الغنية في نهاية المطاف. وأرجعت المفوضية الارتفاع الأخير في عدد القوارب إلى «تحسن مؤقت في الأحوال الجوية» و«تدفُّق كثيف قبل حلول الشتاء» مع احتمالية ارتباطه بالمخاوف من إغلاق الحدود الأوروبية. ولاحظت المفوضية أن وصول الآلاف إلى ليسبوس لا يمر دون التسبب في بعض التوتر، كاشفةً عن اضطرار طاقمها في الجزيرة إلى إخلاء مركز تسجيل «عندما اندلعت أعمال عنف في موقع مكتظ بالمسافرين». وفي سياقٍ متصل؛ جدد رئيس الوزراء المجري الشعبوي، فيكتور أوربان، هجومه على الدين الإسلامي في سياق حديثه المتشدِّد عن أزمة طالبي اللجوء. ورأى أن «الإسلام لم ينتمِ قط إلى قارتنا، بل دعا نفسه إليها». وبرَّر معارضته استقبال الدول الأوروبية مئات الآلاف من الفارِّين من الاضطرابات في بلدانهم كسوريا والعراق بحديثه عن الدفاع عن القيم الثقافية للقارة. واعتبر أوربان، في مقابلة تنشرها أسبوعية «فوكوس» الألمانية اليوم، أن «الإسلام لا ينتمي روحياً إلى أوروبا ويحدِّد نظماً تنتمي إلى عالم آخر». لكنه أقرَّ بانتماء العمال الأتراك المسلمين، الذين وصلوا لدعم الاقتصاد الألماني في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى «تاريخ ألمانيا وبالتالي أوروبا».