السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبارة تملأ الكون أدباً وذوقاً، ولكن هناك أماكن تدخلها لا تجد مَنْ يقول السلام، والمؤسف أنك لا تجد مَنْ يرد عليك السلام، بل وينظر لك باستغراب قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} النساء/86 . هل ربط القوم بين السلام وطلب مسألة (سؤال المال)، أم أنهم يجدونها عادة قديمة لا تدل على تحضر صاحبها، الذي لا يستخدم تحية أجنبية أو على الأقل يردد صباح الورد أو مسائه (لقد كثر الورد وقلت قيمته وأثره)، أليس السلام أمراً من الله في كثير من الآيات، ومنها قوله تعالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} النور:61، أليس السلام سنة من سنن نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، ووصانا به كثيراً للأجر المترتب عليه وللأثر الذي يتركه في النفوس. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم. (المشكلة الناس اليوم تنشد الحب فلا تجده، والأمر سهل وميسر كما بيَّنه سيد الخلق) . السلام هي أول كلمة تقال للتواصل مع أي شخص قريب أو بعيد، مجهول أو معروف، بل هي أول كلمة جميلة تقال في الصباح عند رؤية أحدهم لا لأنها عادة أو تحية فقط، بل لأنها ميثاق بين طرفي السلام، نعم أنه ميثاق بدايته تكون بأمن العلاقة بينهما فيأمن على نفسه وعرضه وكل ما يملك ثم صدق التعامل والمعاملات بينهما فلا غش ولا خداع ولا تعدٍّ ولا ظلم، وأخيراً الأمنيات الجميلة والذكر الطيب عند انتهاء مدة الميثاق. والناس أصناف في الهدف من السلام (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، فهناك مَنْ يؤديه أما روتيناً، أو كما يفعلون، أو أداء مهمة، أو لمصلحة، أو حباً وكرامة، أو معالجة مسألة أو موقف، أو تكوين علاقة جيدة وجديدة، وأفضلهم مَنْ كان هدفه امتثالاً لأمر الله ورسوله، لأن هدفه طموح ومبني على أساس ويسهل قياسه كما هي مواصفات الهدف الفعال. وأنواع الناس عجيبة في طريقة السلام وأثره، أولهم ذلك الذي يسلم فلا يتعدى أثر سلامه موقع يده لأنه سلم بيده فقط وهو يحدث آخر أو ينشغل بنفسه وبمطالعة المكان، وهناك مَنْ تسابق عيناه يديه في السلام فيظهر الحفاوة والاهتمام وإعطاء الناس الاحترام والتقدير، فيكون تأثيره الإيجابي بحجم عطائه وتقديره. وهناك مَنْ يزاحم قلبه، عينيه ويده في السلام، فينثر الحب والكرم والنبل على قامة مَنْ يقابله، فيترك أثراً جميلاً لا يُمحى من الذاكرة، ويعطي درساً لكل عاقل بأن السلام هو الجمال، وبقدر سلامك وأثره يكون جمال داخلك ورقي قيمك.