فيما انتزعت قوات حكومة كابول السيطرة على وسط قندوز بعد مواجهاتٍ عنيفةٍ مع حركة «طالبان»؛ اعتبر مسؤول أفغاني رفيع سقوط المدينة في قبضة المتمردين قبل أيام مؤشِّراً على حاجة بلاده إلى القوات الأجنبية. وبعد 3 أيام من تعرُّضها لانتكاسة في المدينة الاستراتيجية الشمالية؛ دخلت القوات الحكومية الأفغانية وسط قندوز صباح أمس الخميس وواصلت الاشتباك بعنفٍ مع المتمردين. لكن القتال استمر في أجزاء أخرى من المدينة التي أثار استيلاء «طالبان» عليها لفترةٍ وجيزةٍ تساؤلاتٍ بشأن استعداد القوات الحكومية لإدارة أمن البلاد بمفردها. وأفاد سكان بأن الجنود النظاميين بدأوا عمليات تفتيش للمنازل في قندوز وأزالوا علم التمرد ليرفعوا العلم الوطني في محلِّه. وعاين طبيب في المدينة، يُدعى عبدالأحد، جثث المتمردين في الشوارع وطائرات عسكرية تحلِّق في السماء وانتشاراً للجنود في كل مكان. لكنه لفت إلى استمرار تمركز المسلحين في بعض المباني الحكومية وخوضهم مواجهات من القوات الحكومية. وشوهد الدخان يتصاعد ظهر أمس من مبانٍ على مشارف المدينة التي نفت «طالبان» الانسحاب من كامل مناطقها، وقالت إن مقاتليها تخلُّوا عن بعض الأجزاء حتى لا تحاصرهم القوات الحكومية والأمريكية. إلا أن المتحدث باسم وزارة الدفاع في كابول، دولت وزيري، أكد مغادرة المتمردين قندوز، متحدثاً عن «عملية تمشيط للأحياء». وأشار بيان صادر عن الوزارة إلى مقتل 150 من مقاتلي «طالبان» وإصابة 90 من زملائهم خلال الهجوم المضاد. وكان ليل الأربعاء – الخميس شهد قتالاً عنيفاً في المدينة، ما أسفر عن مقتل 30 شخصا على الأقل معظمهم مدنيون بحسب وزارة الصحة المركزية. وأشارت الوزارة إلى استقبال المستشفيات نحو 340 مصاباً تلقّوا العلاج. وأرجع أحد السكان، ويُدعى عبد القادر أنوري، فرار مقاتلي التمرد إلى «ضربات جوية مكثفة أثناء الليل»، مؤكداً بدء انتشار قوات الأمن في الشوارع مع خوضهم مواجهات على الأطراف. «لكن المحال ما تزال مغلقة والناس لا يغادرون بيوتهم»، حسب قوله. بدوره؛ تحدث الناطق باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، عن تنفيذ حركته خطة لإخلاء المدينة والسماح للطرف الآخر بدخولها ومن ثم محاصرته فيها. وذكر مجاهد أن القتال استمر أمس. ولم يعلِّق متحدث باسم التحالف الدولي الداعم لكابول على دور قوات التحالف في عملية استعادة قندوز، مكتفياً بالقول «نشارك بدور استشاري». وشدد الكولونيل بريان تريبوس على «احتفاظ قواتنا بالحق في حماية نفسها إذا اقتضت الضرورة، فيما تقوم بمهمتها لتقديم المشورة والمساعدة». وأفاد تريبوس في وقتٍ سابقٍ بأن أفراداً من القوات الخاصة التابعة للتحالف، وبينهم أمريكيون، اشتبكوا أمس الأول مع المتمردين على الأرض. وكشفت الولاياتالمتحدة بالتزامن عن شنِّ 5 ضربات جوية ضد مواقع التمرد قرب المدينة محل الصراع ومطارها منذ اندلاع القتال الإثنين الماضي. وتصاعد العنف في شمال أفغانستان في السنوات القليلة الماضية. واعتبر الرئيس التنفيذي الأفغاني، عبدالله عبدالله، الاستيلاء على قندوز لفترةٍ وجيزةً دليلاً على الحاجة إلى استمرار الدعم من قِبَل القوات الأجنبية. والمدينة هي أول عاصمة إقليمية تستولي عليها «طالبان» منذ إبعادها بالقوة عن السلطة عام 2001. ولاحظ عبدالله عبدالله أن القوات الحكومية تحمَّلت مسؤولية ضخمة خلال العام المنصرم منذ انسحاب معظم القوات الأجنبية. وشدد، في تصريحاتٍ له من نيويورك حيث يجتمع مع الداعمين الدوليين، على أهمية مواصلة الدعم الأجنبي لهذه القوات، داعياً واشنطن إلى اتخاذ قرارٍ بشأن إعادة النظر في خطط الحد من وجود قواتها في بلاده. وفي مايو الماضي؛ أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن الوجود العسكري لبلاده في أفغانستان سيتقلص بحلول نهاية العام الجاري إلى نصف عديده الحالي وهو نحو 10 آلاف جندي. وسينحصر عمل المتبقِّين في قواعد بكابول وقاعدة باجرام الجوية الضخمة. ويخطط البيت الأبيض إلى خفض هذه القوات إلى بضع مئات بحلول نهاية 2016 على أن تعنى أساساً بحماية السفارة والمصالح الأمريكية الأخرى. لكن عبدالله عبدالله، وهو ثاني أرفع مسؤول أفغاني بعد الرئيس أشرف عبدالغني، دعا إلى الإبقاء على العدد الحالي للجنود الأجانب بعد نهاية العام المقبل. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قبل أسبوع أن مسؤولين دفاعيين في واشنطن وحلفاء يراجعون خيارات جديدة تشمل إبقاء العدد الحالي من الجنود الأمريكيين إلى ما بعد نهاية 2016 بعد أن تنامى القلق من خفض العدد. وردا على سؤالٍ عن انتقادات وُجِّهَت إلى كابول بسبب الإخفاق الأخير؛ تعهد عبدالله ببحث أسباب سقوط قندوز، متوقعاً قرب استعادتها بالكامل. وأقرّ بعلم الحكومة مُسبقاً باستهداف الجماعات الإرهابية السيطرة على المدينة. ولفت إلى الحاجة إلى مزيدٍ من الوقت للرد على الانتقادات، متابعاً «لكن اليوم هو وقت الاتحاد حول قواتنا الأمنية ودعم القوات التي تساعدها بأي شكل». في سياقٍ متصل؛ جدَّد عبدالله هجومه على حكومة إسلام آباد. ورأى أنه «لولا الدعم الذي تحصل عليه طالبان في باكستان لكان الوضع العسكري والأمني اختلف، لذا فإن هذه قضية مهمة»، داعياً الدولة المجاورة إلى القضاء على ملاذات المتشددين. واتفق عبدالله وعبدالغني على تقاسم السلطة بعد العجز عن تحديد من فاز منهما في الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وبموجب الاتفاق؛ توَّلى الأول الرئاسة التنفيذية، فيما سُمِّيَ الثاني رئيساً للبلاد.