الكلمة بكل أنواعها المسموعة، أو المقروءة، أو المكتوبة سلاح ذو حدين، فإن كانت طيبة أثمرت خيراً، وإن كانت سيئة أثمرت سوءاً و شراً. والكلمة كلمة هدم أو بناء، كلمة صدق أو كذب، كلمة حب أو كره وغيرها. و قد قسم القرآن الكريم الكلمة إلى نوعين: كلمة طيبة، و كلمة خبيثة لقوله تعالى:(ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء. تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها. ومثل كلمة خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار). الكلمة الطيبة هي الألفاظ الحسنة التي تخرج من فم الإنسان ابتداءً أو جواباً، وتحمل الخير والنفع للناس، وتبتعد عن الفحش، والبذاء، والإضرار، والإيذاء، والشتم، والاستهزاء. والكلمة الطيبة هي مفتاح دخول القلوب، ولها فوائد عديدة منها: تبث روحاً إيجابيةً للمستمع المتكلم، فتطيب القلوب، وتمسح دموع المحرومين، وتصلح بين المتخاصمين، وتقلب الضغائن محبةً، وتواسي أهل الميت والمجروح، وتثمر عملاً صالحاً، وتهدي إلى الحق، وتصعد إلى السماء، فتنفتح لها أبواب السماء (إليه يصعد الكلم الطيب….). ولقد دعا الإسلام إلى الكلمة الطيبة في عدة آيات منها: (… و قولوا للناس حسناً) وقوله تعالى:(وقولوا لعبادي يقولوا التي هي أحسن). وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمةٍ طيبةٍ). وقوله أيضاً: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»). وفي تاريخنا الإسلامي كلمات طيبات غيرت الواقع، أبرزها كلمة (اقرأ باسم ربك الذي خلق) التي نهضت بأمتنا من الظلام إلى النور. ومع الأسف نعاني في زماننا من أزمة كلمة طيبة بنسبة كبيرة، على الرغم أننا أمة ناطقة بدرجة كبيرة جداً، والدليل مواقع التوصل الاجتماعي، ومواقع النت والحوار التي تصدمنا بكثرة كلمات السب و الشتم، وسوء الحوار! وكذلك ما نشاهده في واقعنا من قلة استخدام الكلمة الطيبة، مثل: كلمات «شكراً، لو سمحت، عذراً و غيرها»؛ لأن الطفل لم يتعود على سماعها، واستخدامها عند أسرته فغالب ما يسمعه الأوامر والنواهي. وبهذا نحن محتاجون أن نتعود قولها وسماعها، و أن ننتبه لما نقول، ونعيه خاصةً أمام أطفالنا، حتى يخرج لنا جيل ذو ألسنة رطبة بالكلمة الطيبة؛ لأن المرء مخبوء تحت لسانه، و بلسانه يعرف. ومن لم يستطع أن يقدم الصدقة، فليقدم الكلمة الطيبة لقول نبينا صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة).