اكتُشف النفط في بلادنا عام 1937م. وحين احتفلت شركة أرامكو السعودية بمرور 75 عاماً على تأسيسها قبل ثلاثة أعوام؛ قال بعض مسؤوليها إن النفط في بلادنا يكفي ل 75 عاماً أخرى. وبحساب بسيط؛ فإن ذلك يعني أن تفكيرنا في الأجيال الآتية لا يجوز أن يتوقف عند هذه التقديرات المتفائلة. فالعالم من حولنا يريد الطاقة، ونحن نؤمّن للأسواق الدولية احتياجات هائلة، فضلاً عما نؤمنه للاحتياج المحلي. وفي أحسن الأحوال تفاؤلاً؛ يجدر بنا أن نفكر مثل العالم ببدائل الطاقة، بل أكثر من باقي دول العالم. إن العالم ما زال ينظر إلينا بوصفنا آبار نفط، ومع إجحاف النظرة فإن المأمول ألا ينظر إلينا النظرة نفسها بعد خمسين سنة. وهذا بذاته يفرض علينا أن نكون أكثر جدية في البحث عن البدائل التي تضمن أمناً اقتصادياً مستداماً. وقد سبقنا كثيرون في استكشاف الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية، وكلتاهما متوفرة في بلادنا بحكم موقعها الجغرافيّ من الكوكب. ومن نافلة القول الإشارة إلى صحارانا الشاسعة الحارة التي تلتهب فيها الشمس في أغلب فصول السنة. المناخ الدافئ في المملكة العربية السعودية يشير إلى أن نعمة مصادر الطاقة متوفرة في ترابنا وسمائنا. وبما أن النفط سوف ينفد على المدى البعيد؛ فإن الأولى أن نكون جاهزين للتغير الكبير الذي سوف يعيشه الكوكب حين يقول النفط آخر كلماته. صحيح إن التوقعات الجيولوجية مطمئنة، ولكن علينا أن نتعامل مع النفط باقتصاد لا يختلف عن اقتصاد الماء أمام نهر جارٍ. النفط ثروة، لكنه ثروة ناضبة عاجلاً أم آجلاً. والطاقة الحرارية ومعها الطاقة الشمسية متوفرتان في كل شبر من بلادنا الواسعة. وعلينا أن نبدأ فوراً بالتعامل مع هذا الواقع المناخي ليكون ثروة جديدة، وذلك بتطوير الأبحاث المتصلة بمصادر هذه الطاقة. أبحاث أكثر جرأة وعمقاً ومغامرة. علينا أن نبدأ ذلك فوراً لا لنكون سبّاقين إلى هذا الميدان فحسب، بل لنكون محتاطين وجاهزين للحقيقة القادمة.. حقيقة نضوب النفط.