جدَّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعوته إلى تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي في دستورٍ جديد لبلاده التي تتجه نحو انتخابات مبكرة إثر فشل مشاورات تشكيل حكومة ائتلافية. في الوقت نفسه؛ أعلن حزب الحركة القومية المعارض للرئيس رفضه التحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم إلا بشروطٍ لم تتحقق بعد، ومنها الوقف التام للسلام مع الأكراد. ووصف الرئيس التركي حزبه «العدالة والتنمية» ب «رمز الصدق»، مشدداً على أنه لن يكون «الرئيس الذي يريدونه» في إشارةٍ إلى منتقديه القائلين بعدم حياديته. وطالب أردوغان، في كلمةٍ ألقاها أمس أمام مؤيديه في منطقة ريزة على البحر الأسود، ب «منح الوضع القائم (النظام الرئاسي) إطاراً قانونياً عبر دستور جديد»، معتبراً أن «النظام تغيَّر؛ اقتنعتم أو لم تقتنعوا» في إشارةٍ إلى كونه أول رئيس جمهورية يختاره الشعب في اقتراعٍ مباشر. ويُرجِّح محللون إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في تركيا في ال 22 من نوفمبر المقبل بعد فشل مشاورات تشكيل ائتلاف بزعامة الرئيس الحالي للحكومة، أحمد داود أوغلو. وعلى الرغم من ذلك؛ ليس مؤكداً حصول الحزب الحاكم على نتيجة أفضل من سابقتها التي لم تتخط 41% في اقتراع 7 يونيو الماضي. وتتحضر الأحزاب السياسية لمعركة انتخابية ستكون صعبة. وأطلق حزب الشعوب الديمقراطي، الذي حلَّ ثانياً ب 13% من الأصوات في الاقتراع الفائت، حملة على موقع «تويتر» بعنوان «مرة أخرى لن نسمح لك بأن تكون رئيساً»، في إشارةٍ إلى رفضه القاطع مشروع أردوغان لإلغاء النظام البرلماني. ويتزامن هذا الغموض السياسي مع مواجهة أنقرة العضو في حلف شمال الأطلسي مجموعةً لم يسبق لها مثيل من التهديدات. وتحارب حكومة أحمد داود أوغلو حالياً متشددي تنظيم «داعش» على حدودها مع سوريا، كما تقاتل متمردين أكراداً في الداخل وتضرب مواقعهم في شمال العراق. وأخفق حزب أردوغان وأوغلو خلال الانتخابات الأخيرة في الاحتفاظ بأغلبية نيابية تمتَّع بها منذ عام 2002، ما دفعه إلى محاولة التحالف مع أحزاب أصغر متخلياً مؤقتاً عن الرغبة في الحكم منفرداً. وأقرَّ أوغلو، في كلمة تليفزيونية بُثَّت أمس الأول، بتزايدٍ قوي لاحتمالات إجراء انتخابات مبكرة بعد فشل محاولات تشكيل ائتلاف. ورأى أن الوقت الحالي لا يشهد أساساً لشراكة حكومية، مطالباً البرلمان بالدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة في أسرع وقت ممكن. وأمام رئيس الوزراء حتى ال 23 من أغسطس الجاري للعثور على حليف سياسي، وإلا ستدعو الرئاسة بنفسها إلى انتخابات مبكرة. وستتشكل حينها حكومة مؤقتة تشرف على العملية الانتخابية وتشمل الأحزاب الأربعة الممثلة في البرلمان. بدوره؛ جدَّد حزب الحركة القومية أمس الحديث عن شرطين أساسيين للتحالف مع أوغلو. والشرطان هما التخلي الكامل عن عملية السلام مع المقاتلين الأكراد، والحد من نفوذ الرئيس في الحياة السياسية اليومية. ومن غير المرجح قبول رئيس الوزراء بأي منهما. وقلل مسؤول في «العدالة والتنمية» من احتمال التوصل إلى اتفاق مع القوميين بسبب مواقفهم، ووصف إجراء انتخابات في نوفمبر المقبل ب «الخيار الأرجح والأكثر واقعية». ويأمل أردوغان في استعادة حزبه الأغلبية إذا توجَّه الناخبون مجدَّداً إلى صناديق الاقتراع، وهو لا يخفي رغبته في تعديل الدستور وإقامة نظام رئاسي يتمتع فيه بصلاحيات تنفيذية على غرار فرنسا أو الولاياتالمتحدة. وستكون هذه الخطوة مستحيلة إذا لم يحظ حزبه بأغلبية قوية في البرلمان. وأظهر استطلاعان للرأي أُجرِيَا مؤخراً إمكانية استعادة «العدالة والتنمية» الأغلبية. لكنه لن يحصل على تأييد يُذكَر في أوساط الناخبين الأكراد مع مواصلة الطائرات التركية قصف أهداف كردية في شمال العراق وجنوب شرق تركيا.