قال السفير السوري المنشق نواف الفارس: إن إيران أصبحت متورطة في سوريا، وتعيش حالة من التخبط بعدما أدركت جدية التحرك الدولي للإطاحة بنظام بشار الأسد من خلال دعم المقاومة، وتخلي روسيا عن نظام الأسد الذي بات واضحاً من خلال عدم استخدامها الفيتو ضد قرار الأممالمتحدة الأخير الهادف إلى تشكيل لجان للتحقيق حول استخدام النظام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري. وبحكم عمله السابق محافظاً وكذلك رئيساً لفرع الأمن السياسي في محافظة اللاذقية قبل تعيينه سفيراً لسوريا في بغداد عام 2008 وانشقاقه منتصف عام 2012، تحدث ل «الشرق» عن الحادثة الأخيرة التي اندلعت بين عائلة الأسد وعائلة الشيخ المنتميتين إلى الطائفة العلوية إثر مقتل العقيد حسان الشيخ على يد سليمان الأسد، وقال: إذا سقط نظام بشار الأسد سيرى العالم كم من الحقد والكره الذي يضمره معظم العلويين لأسرة الأسد، 90% من العلويين يرفضون تصرفات عائلة الأسد، ولكن هناك ظروف أجبروا عليها جعلتهم يقفون مكرهين في صفه خلال الأزمة، وحقيقة الأمر أن الأغلبية منهم ترفض بقاء الأسد وتعارض توجهه، ويدركون تماماً أنه ليس لهم مصلحة في بقائه لما عانوه منه ومن أسرته من إذلال وتنكيل وقتل. العلويون وجدوا أنفسهم في مأزق، فهم مستفيدون من السلطة وغير مرحَّب بهم من الشعب السوري، وليسوا على وفاق وأمان من بشار الأسد من جهة أخرى، بشار إلى الآن وهو يملي عليهم ويخيفهم بأنه لو سقط ونظامه سيكون مصيرهم الذبح على أيدي المقاومة الشعبية، هناك خوف مسيطر على الطائفة العلوية من المعارضة السورية من أن يقتلوهم، لذلك خوفهم من الذبح جعلهم يسلِّمون أنه لا خيار لهم سوى بشار، فهم حقيقة في وضع لا يحسدون عليه، يعيشون دوامة ورعباً شديداً من الطرفين، ولكن نحن نأمل أن تتراكم هذه الأحداث ويصل العلويون لدرجة الانفجار في وجه بشار الأسد. بشار لن يسلِّم القاتل سليمان هلال الأسد، سيسكتهم بلغة التهديد المبطن والاتفاق من أجل البقاء، وهذه هي العادة التي كان يخمد بها النيران في كل مرة تشتعل إثر تصرفات أبناء أسرة الأسد المتفردة بالسلطة. خلال فترة عملي في اللاذقية كنت أشهد بشكل مستمر مثل تلك الأحداث التي حصلت للعقيد الشيخ، سواء عن طريق فواز الأسد أو سليمان أو كثير من أفراد أسرة وبيت الأسد، كانت هناك إهانات وإذلال لعوائل علوية سواء في القرداحة أو جبلة أو غير ذلك من مناطق العلويين، كثير من العلويين عانوا من قهر عائلة الأسد مثلما كانت تعاني بقية الطوائف الأخرى من الشعب السوري، العلويون هم في الأساس ليسوا على وفاق فيما بينهم، فهناك صراعات وخلافات ومشكلات عشائرية وتوجهات سياسية وتضارب مصالح، وعائلة الأسد أذلت كل الناس وأذلوا شرفاء الطائفة العلوية، في القرداحة نفسها هناك نسبة كبيرة منها تضمر الحقد والكراهية لآل الأسد جراء ما واجهوه من ظلم واستهتار واعتداءات، وهذا النموذج الذي نتابعه الآن هو دائماً ما كان يتكرر في مدن الساحل وريفه. هناك حراك جدي في هذه الفترة ووضع نهاية لمأساة الشعب السوري، إيران أصبحت متورطة في سوريا، وستنسحب قريباً وكذلك حزب الله، ولن يكون حل في سوريا مع بقاء إيران ومليشياتها، إيران حالياً تتخبط في سوريا، وأصبحت متيقنة أنه لم يعد هناك مجال لبقاء بشار الأسد، ليس لديها أحد في سوريا سوى الأسد، وتعتبر بقاءها استنزافاً لها وخسارة مقارنة مع ما ستحصل عليه من مكاسب في المستقبل. واضح من القرار الأخير في الأممالمتحدة الهادف إلى تشكيل لجان للتحقيق في من استخدم الكيماوي ضد الشعب السوري، وبالمناسبة هذه أول مرة يوافق الروس فيها على قرار مثل هذا في مجلس الأمن ضد نظام الأسد؛ حيث لم يستخدموا «الفيتو»، وهي رسالة واضحة لبشار الأسد أن روسيا تخلت عنه، وهذا يعتبر أهم قرار أممي يصدر لمصلحة الشعب السوري. ربما لا تعرفون الشعب السوري جيداً، فالشعب السوري مختلف تماماً عمن سواه من الشعوب، ثم إنه بمجرد رحيل بشار الأسد وزبانيته سيتفاجأ العالم بمقدرة الشعب السوري على تجاوز المحنة وسيدرك أن سوريا ليست العراق وليست ليبيا، فهو لديه معاناة واحدة وهي نظام بشار، سيتفق الشعب السوري على العيش بسلام وطرد كل الميليشات المتطرفة والإرهابية أمثال داعش والنصرة وغيرهما من القوى المسلحة المتطرفة، ولن تجد هذه الميليشيات حاضنة شعبية لها. بات واضحاً أن هناك ضغطاً دولياً جاداً ضد الأسد حتى يطأطئ رأسه للحل والتخلي عن السلطة وبأقصى سرعة ممكنة، فهناك دعم واضح للثوار في هذه الفترة وسوف يساهم بشكل فاعل في دفع بشار لقبول الرحيل. لو كانت هناك قيادة سياسية وعسكرية موحدة منذ البداية لكان النظام سقط منذ الأشهر أو السنة الأولى لاندلاع الثورة، وسبب تأخير الانتصار الفوضى التي يقف وراءها دون شك الإخوان المسلمون الذين لعبوا دوراً قذراً في تفتيت قوى المعارضة السورية، الإخوان مسيطرون على الائتلاف أما على الأرض وفي الداخل السوري فليس لهم قبول، ولو فرض المعارضون احترامهم على الشعب السوري لما كانت الأمور وصلت إلى ما وصلت إليه، ولكن الشعب السوري لمس منهم خذلاناً وخيبة أمل وخيانات، لذلك تجد أن الداخل والمقاتلين على الأرض لا يسمعونهم ولا يعيرونهم أي أهمية. أمريكاوروسيا دولتان عظميان ولهما مصالحهما وأهدافهما، لكن العيب فينا نحن، فلو وحَّدنا موقفنا لما اهتممنا بدورهما، ولحللنا مشكلاتنا بأنفسنا، أما تلك الدول فهي تعمل لمصالحها ونحن من فتح لها المجال لتتدخل وتتلاعب بمصيرنا. من هيَّأ الظروف لداعش حتى تكبر وتتمدد هو بشار الأسد ونوري المالكي في العراق، برعاية إيرانية، من أجل قمع وتحطيم الثورتين السورية والعراقية، جاءوا بداعش حتى يسموا الثورتين بطابع الإرهاب ويكسبوا التعاطف الدولي، وهذا هو المخطط منذ البدايات، تعمل إيران والنظامان العراقي والسوري من أجل تشويه ثورتي العراقوسوريا وطبعهما بطابع الإرهاب عن طريق إيجاد تنظيم داعش، وبعض قادة داعش والمجموعات المتشددة كانوا معتقلين في سورياوالعراقوإيران، أطلقوهم من السجون ومكَّنوهم من المنطقة، ولكن النظام السوري الآن يترنح، لكن لن يسقط بنفس الطريقة التي شهدناها في دول عربية أخرى، لأن العالم ليس له مصلحة في سقوط النظام بشكل مفاجئ وعلى أيدي الثوار، لكن الضغط الحاصل حالياً سيؤدي إلى انصياع بشار للرحيل وقريباً جداً وأتوقع أن تكون وجهته نحو إيران وليس روسيا.