نواف الفارس قال السفير السوري «المنشق» نواف الفارس، إن الأفكار التي طرحها بشار الأسد من خلال ظهوره الإعلامي يوم أمس الأول وحصر تنفيذها وتطبيقها على الأرض بحكومته القائمة، يستغرق تنفيذها عشر سنوات. كما أن رئيس النظام السوري جانب الصواب كعادته حينما اعتقد أن الحل السياسي الذي في جعبته يأتي من خلال القضاء على الثوار والعودة للهدوء، موجهاً بذلك صفعة قوية لكل الأطراف الدولية وخاصة التي تريد إيجاد حل سياسي، وعلى رأسها روسيا. ورأى من خلال حديثه ل»الشرق»، أن المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، مجرد مراسل لا يمتلك أي حلول سياسية، كما تطرق الفارس إلى انشقاقه وانعكاساته على أبناء قبيلته «العقيدات» وفقدانه أبناء أخيه وعدداً من أبناء عمومته. وألمح الفارس إلى سفيرَي سوريا في الأردن ورومانيا بأنهما ضابطا أمن ينتميان إلى الطائفة العلوية، وأن مصيرهما مرتبط ببقاء النظام. * في البداية برأيك لماذا ظهر بشار الأسد في هذا التوقيت؟ - كان ظهوره متوقعاً خاصة أنه صعّد العنف بشدة ضد الشعب خلال الأيام القليلة الماضية، واختار هذا التوقيت كي يقول إنني مازلت قوياً، بينما كانت ملامحه تخونه، فالتعب والإنهاك كانا واضحين على وجهه وجسده. وظهر كلامه أجوف وغير منطقي، وحتى تفسيره المرحلة الانتقالية جاء عكس تفسير الروس والأمريكان وحتى الإيرانيين، والحل السياسي من وجهة نظره هو القضاء على الثورة وعودة الهدوء إلى سوريا وكأن شيئاً لم يحدث!! فهو لم يعترف بالمعارضة ويرى أن كل الشعب السوري إرهابي ومجرم، ووجدنا أنه لم يعترف إلا بعدد بسيط من الأشخاص هو من صنعهم في الداخل السوري ويريد أن يحاورهم، والأفكار والحلول التي يعتقد أنها سياسية، هذه بحد ذاتها كي تطبق يلزمها عشرة أعوام، فهو في النهاية يتخبط ويلف ويدور ولا يريد أن يقدم أي تنازلات، أو بمعنى أنه يقول للشعب السوري سلم نفسك وارمِ السلاح وتعالَ تحاور مع الحكومة والأجهزة الأمنية، كلام غير منطقي لا يقوله إلا من فقد صوابه، وإلا كيف تتجاهل كل تلك الأرواح والدماء التي سفكتها والعوائل التي شردتها؟! * هل يُفهم من خطابه أنه ينوي تقديم بعض التنازلات؟ - لا أبداً.. هذا النظام لا يفقه شيئاً في موضوع الإصلاح والشعب وحقوق الإنسان وحقوق المواطن والتضحية من أجل الوطن، فهذه القضية بالنسبة له مستحيلة وليست موجودة في قاموسه إطلاقاً، فهذا النظام يصرّ على البقاء في السلطة حتى يتم اقتلاعه بالقوة، وغير ذلك يعدّ الأمر مستحيلاً، خطابه جاء صفعة قوية لكل الأطراف الدولية وخاصة الدول التي تريد إيجاد حل سياسي، وعلى رأسها روسيا. والقارئ الجيد لخطابه يجد أنه لن ينصاع لروسيا أو غيرها، وحتى الروس يعلمون أنه لن يلبي رغبتهم لو طلبوا منه التنحي، ولكنهم استثمروا وضعه والثورة السورية وبدأوا يضغطون على أطراف أخرى من أجل تحقيق أهداف وقضايا تخدمهم خارج سوريا مع الغرب وأمريكا وتحقق مصالحهم، وحقيقة ليس لروسيا مصالح داخل سوريا فهي ليست بلداً نفطياً ولا اقتصادياً قوياً، ولكن هم في نهاية المطاف مدركون أن بشار الأسد لن يقبل التنحي، ولن يقبل أي تسوية سياسية حقيقية. * بحكم عملك وتوليك مهام عسكرية وسياسية وقيادية وقربك من النظام سابقاً، كيف تقرأ تفكيره وهل سيلجأ إلى الأسلحة المحرمة دولياً إن وجد نفسه في وضع صعب؟ - أتمنى أن تصحح سؤالك.. أنا لم أكن مُقرّباً منه، ولكنني خدمت وطني لفترة طويلة سواء كعسكري أو مُحافظ أو سفير، وصحيح أنني أعلم في ذلك الوقت ما هو توجه هذا النظام وكيف يفكر قادته سواء بشار أو والده من قبله وكيف يعالجون الأمور، فهو إذا فلتت الأمور من يده سوف يستخدم السلاح الكيماوي ولن يدخر أي سلاح عنده، ولكن على مراحل وبالتدرج. * الطائفة العلوية التي ينتمي لها بشار الأسد، والتي عشت بينهم لسنوات إبان توليك منصب محافظ اللاذقية وقبلها رئيس فرع الأمن السياسي.. كيف وجدت ولاءهم لعائلة الأسد؟ - نعم أنا عشت بين تلك الطائفة وأعرفها بعمق وأعرف أشخاصها وتركيبتها، فهم وبنسبة كبيرة ضد هذا الذي يقوم به بشار الأسد، ولكنه استطاع أن يزج بشبابها العاطلين عن العمل في الحرب ضد الشعب، أغراهم بالمال والإقناع والإرهاب، والخوف من المرحلة التي ما بعد الحكم العلوي وأنهم سيلاقون نفس المصير الذي سيلقاه هو ونظامه، وأنه سيكون مصيرهم بعد زوال النظام الذبح والحرق. ومن هذا المنطلق عمل لهم معسكرات في الساحل السوري وأعطاهم مالاً وجنّدهم بالإقناع وبالإكراه وأرهبهم من الثورة ومن البديل. * هل تريد أن تقول إنهم أصبحوا متورطين؟ - نعم هو ورّطهم، ونسبة كبيرة منهم متورطون، ولكنهم في حقيقة الأمر ما كانوا بهذا الاتجاه، فمنهم رجال مثقفون ووجوه اجتماعية محترمة ووطنيون كثر، وهناك رموز كبيرة منهم ضد بشار وضد أبيه من قبله، فهم في نهاية الأمر جزء من المجتمع السوري عانوا مثلما عانى المجتمع، وصحيح أن هناك قسماً منهم استفاد واستثمر الحكم العلوي في سوريا وانتفعوا مادياً ولكن أغلبهم ضد بشار وما يمارسه من قتل ودمار. * تنتمي لقبيلة عريقة وكبيرة جداً في سوريا وتعدّ أنت أحد رموزها.. ماذا حل بأبنائها بعد انشقاقك؟ - الأكيد أنه بعد انشقاقي زاد حقد النظام على قبيلة العقيدات، وأنا شخصياً فقدت أبناء أخي وعدداً من أبناء عمومتي المقربين، بالإضافة إلى عدد كبير جداً من أبناء قبيلة العقيدات، التي هي قبيلة كبيرة ولها ماضٍ مشرّف ومشهود لها في طرد الاحتلال الفرنسي من سوريا على يد جدي كسار الجراح، كما انخرط أبناؤها في هذه الثورة منذ الأيام الأولى بداية من دير الزور والرقة والحسكة وحمص وحماه وحلب، وفي ريف دمشق هناك عدد كبير من العقيدات، وضحوا وقدموا الآلاف من الشهداء من أجل تطهير سوريا من نظام بشار الأسد وأعوانه. * بماذا تفسر عدم انشقاق السفراء السوريين في عديد من البلدان؟ - منذ بداية الثورة السفراء في الاتحاد الأوربي وأمريكا وكثير من دول العالم ودول الخليج بشكل خاص كلهم طُردوا من سفاراتهم، وعادوا إلى سوريا، والمتبقون هم قريبون من بشار الأسد طائفياً وسلطوياً وهؤلاء مستحيل أن ينشقوا لأنهم من أعمدة النظام، الموجودون على رأس عملهم وهم عدد قليل مثل «بهجت سليمان « في الأردن وهو في الأساس ضابط أمن، ومن المقربين من بشار الأسد ولا يمكن أن ينشق ما لم تطرده الأردن، لأن مصيره مرتبط بمصير بشار، وكذلك سفير سوريا في رومانيا «وليد عثمان» هو أيضاً من أزلام بشار الأسد ولن ينشق. والمتبقون ولاؤهم مطلق لبشار. * كيف تقرأ انشقاق المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي؟ - أُعطي أكبر من حجمه، جهاد مقدسي ظهر اسمه من بعد منتصف الثورة وهو في الأساس موظف في السفارة السورية في «نيويورك» ومن ثم كان موظفاً في السفارة السورية في بريطانيا، فهو في النهاية مجرد ناطق رسمي يعطونه الورقة ويقرأها. وليس لديه شيء مهم يتحدث به ولا هو مطلع على أسرار النظام ولا له علاقة بهذا الجانب العميق في النظام، وهرب لينجو بحياته وليس إيماناً بالثورة، ولكنه أدرك أن النظام زائل وأراد أن ينجو بجلده وهرب، وهو لا يقدم ولا يؤخر. * كسياسي وضابط كبير في الجيش السوري، برأيك ما هي القوة التي يستند عليها النظام ليستمر مقاوماً ثورة الشعب لقرابة عامين؟ - الجيش السوري كان تقييمه بين الجيوش في المراتب الأولى في العالم من حيث القوة والتسليح والعدد والتنظيم، الجيش السوري الذي استطاع بشار الأسد أن يوجه ويسخّر قوته ضد الشعب السوري الذي صرف عليه عبر عقود من الزمن كثيراً وكثيراً، هو بلاشك إحدى ركائز القوة التي يستند إليها النظام، بالإضافة إلى أنه يتلقى دعماً كبيراً من روسيا وإيران وحزب الله والصين مادياً وسلاحاً ودعماً سياسياً سواء في الأممالمتحدة أو أي محفل دولي آخر، فهذان السببان لاشك أنهما سر مقاومة النظام كل هذه الفترة، وحقيقة إن لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل جاد ستطول المدة، ولكن هو في النهاية سيسقط ولكن بعد ما تدفع سوريا ثمناً باهظاً جداً. * وما رأيك سعادة السفير في الدور الذي يقوم به الأخضر الإبراهيمي؟ - الأخضر الإبراهيمي مجرد مراسل، ليست لديه حلول، انتدبه مجلس الأمن والجامعة العربية لتنسيق الأمور وهو مجرد مراسل لا أكثر، دوره إذا حصل اتفاق دولي، أي إذا اتفقت روسيا وأمريكا والعرب والأوروبيون يخرج الإبراهيمي ويعلن تلك المبادرة أو الاتفاق، فالأممالمتحدة لا تريد أن تغيب عن الساحة السورية، ومجلس الأمن لا يريد أن يغيب عن الساحة السورية بشكل سياسي أو دبلوماسي، فكلف الإبراهيمي بهذه المهمة. * دعني أسألك عن الثورة في الداخل وتركيز الجيش الحر على الاستيلاء على المطارات، كيف تنظر إلى ذلك؟ - تفكير سليم ومدروس بعناية.. هم يعلمون يقيناً أن قوة النظام أصبحت من خلال سلاح الجو الطائرات والصواريخ.. هو على الأرض منهك تماماً، السيطرة على المطارات مهمة جداً للحد من طلعات الطيران التي تقصف الأبرياء ببراميل الديناميت والصواريخ التي تهدم وتقتل المئات يومياً، فخطة الثوار مهمة جداً وإذا توفر لهم الدعم الكافي وسيطروا على المطارات سيقصمون ظهره بالتأكيد.