حظي الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بإجماع سياسي داخلي نادر من نوعه، على ضرورة دعم حكومته وفتح صفحة جديدة للعملية السياسية، وإصلاح الأخطاء التي ارتكبها سلفه نوري المالكي. هذا الإجماع لم يتوقف عند الداخل العراقي، بل امتد إلى المجتمع الدولي ووصل إلى طهران نفسها، التي أعلنت دعمها لرئيس الحكومة المكلّف حيدر العبادي، وفقا لتقرير "العربي الجديد" اللندنية. وهكذا ظلّ المالكي وحيداً، ولم يبق له سوى انتظار مصيره الموعود، والذي توقّعت مصادر أنّه سيكون في إيران. وقال القيادي في تحالف "متحدّون" خالد الدليمي، ل"العربي الجديد"، إنّ "إزاحة نوري المالكي، بعد أكثر من ثماني سنوات نقطة تحوّل كبيرة ومهمة في العراق، وخطوة أولى للتغير وإصلاح أوضاع البلاد، التي طالما عبث بها المالكي وسخرها لنفسه كديكتاتور دموي". وأوضح الدليمي "نحن كتحالف نعلن أننا سنتعاون مع العبادي وندعمه في حكومته الجديدة للتغيير والإصلاح، وفتح حوار شامل مع الفصائل العشائرية والوطنية المسلّحة، التي انتفضت سابقاً بوجه المالكي، من أجل تلبية مطالبها الدستورية واعتماد مبدأ المواطنة والغاء التقسيمات الطائفية التي خلقها المالكي وجعل فيها العراقيين مواطنين درجة أولى وثانية". بدوره، رحب "التحالف الكردستاني"، باختيار العبادي، واعتبره خطوة عظيمة في طريق إنقاذ البلاد من التمزّق. وقال القيادي في "التحالف الكردستاني"، إبراهيم حاجي، ل"العربي الجديد"، إنّ "العبادي يواجه تركه ثقيلة خلّفها المالكي وراءه، أسوأها الفتنة الطائفية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولا تنتهي بالفساد المالي وتفكك المؤسسة العسكرية". وأوضح حاجي أنّ "الكرد سيدعمون العبادي ويقفون معه في خطواته الإصلاحية، ونأمل أن ينجح في كسر كل القيود حوله، وأن يحسن علاقاته مع الجيران ودول المنطقة". غير أنّه أكّد أنّ حقبة المالكي "لن تنتهي قبل دفعه أمام القضاء ليواجه مسؤولية ما ارتكبه من انتهاكات وجرائم طوال السنوات الماضية". وفي الوقت الذي يواصل فيه المالكي حشد الجيش وقوات النخبة في محيط المنطقة الخضراء، ويمنع دخول البرلمانيين والمسؤولين السياسيين إليها، كشف القيادي في التيار الصدري، حسين البصري، عن "رفض المالكي مغادرة القصر الرئاسي ومنع أعضاء كتلة "دولة القانون"، الذين انقلبوا عليه من الدخول الى منازلهم وزيارة أسرهم المقيمة داخل المنطقة الخضراء". وأوضح البصري ل"العربي الجديد" أنّ "المالكي يعتمد حالياً على القوات الموالية له ويحشد الجيش حوله في الوقت الذي تحتاج مدن البلاد إلى هذا الجيش لقتال داعش"، مؤكّداً أنّ "رئيس الوزاء الجديد حيدر العبادي بدأ منذ صباح اليوم، مباحثات مع الكتل السياسية لتسمية الحقائب الوزارية ونائبي رئيس الوزراء"، مشيراً الى أنّ "الكتل السياسية أبلغته بضرورة ترك المحاصصة الطائفية واختيار وزراء اختصاص، لكل حقيبة، خاصة وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والمالية". في هذه الأثناء، كشف مصدر مطلع داخل المنطقة الخضراء ببغداد، رفض الكشف عن هويته، أن" المالكي تلقى عرضاً إيرانياً للإقامة مع أسرته في البلاد". وقال المصدر في حديث إلى "العربي الجديد" إن "المالكي تلقى عقب خطابه المتلفز اتصالات من مسؤولين إيرانيين يبلغونه بضرورة عدم التصعيد وتسليم السلطة لخلفه المكلّف لمنع انعكاس التطورات السياسية على الملف الأمني، وعرضوا عليه الإقامة مع أسرته في طهران". وأكّد المصدر نفسه أنّ "المالكي الذي يمرّ بحالة نفسيه سيئة للغاية لم يرد بالسلب أو الإيجاب على العرض، لكنّه بالتأكيد لن يبقى في العراق مع وجود آلاف الشكاوى بانتظاره من مواطنين، وكتل سياسية، كانت تتحين لحظة سقوطه الأخير لمقاضاته". وفي موقف يصب في إطار ما كشفه المصدر، أعلنت إيران دعمها لتعيين حيدر العبادي رئيس وزراء جديداً في العراق. ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، قوله إن "الجمهورية الاسلامية الإيرانية تدعم العملية القانونية التي جرت لتعيين رئيس الوزراء العراقي الجديد".