قال المفكر الكبير أحمد حسن الزيات في مقال نشره عام 1951م: «وأخيرًا أدركت مصر الرسمية بعد خمس عشرة سنة من سني المهانة والاستكانة أن «المعاهدة» و«الاتفاقية» اللتين تربطانها بإنجلترا في الشمال والجنوب إنما هي كلمتان من لغة السياسة حملها الاستعمار ما حمل الديموقراطية والحرية والإنسانية والسلام والعدل من معاني المخادعة والمصانعة والمراءاة فجعلها من أسماء الأضداد في لغة الخلق!» انتهى كلامه. وما أشبه الليلة بالبارحة وما أشبه أمريكا بإنجلترا وما أشبه العراق بمصر، وكأن التاريخ بدأ يعيد نفسه! ها نحن نقترب من مضي خمسة عشر عاماً على قدوم الجحافل الأمريكية للعراق العظيم بكذبة قديمة عرفها العقلاء منذ زمن اسمها الديمقراطية، جعلها الغرب حجة له ليتدخل في أي مكان له فيه مطمع، فليت شعري هل قرأ العراقيون التاريخ وفيهم قراء وأدباء بل مؤرخون عقلاء. وليت شعري ماذا جنى العراقيون من الديمقراطية المزعومة وماذا حققت لهم بعد هذه الأعوام؟ وهل أن أتطفل وأجيب اسمحوا لي لن أجيب ولو أجبت فهل أقول من ثمرات الديمقراطية التي نراها في أرض العراق الطائفية والمناطقية والتهجير والفساد السياسي والمالي والاجتماعي وهلما جرا.. بل وأفحش ذلك داعش وما أدراك ما داعش.. داعش شر ذلك. وختاماً اسمحوا لي أن أقول اقرأوا التاريخ ففيه الخبر ومنه نجني العبر.