ما ميّز مواقع التواصل الاجتماعي وجذب الناس إليها، هو بساطة الاستعمال وتحديد الخصوصية المطلوبة أو العمومية المرتجاة عند بعضهم، إضافة إلى العامل الأهم ألا وهو الفضاء اللامتناهي من حريّة التعبير. فلا وجود للرقيب الإعلامي لتفنيد وقص النص، ولا العدد المحدد من الكلمات المسموح بها للنشر. ما يلفت النظر مؤخراً هو طرح مشروع كتابي كامل وعرضه بشكل تسلسلي أو قطعي في هذا الفضاء. غير أن ما يذهل حقاً، هو انطلاق أكثر من مشروع دفعة واحدة وتخصيص الوقت لكل هذه التفرعات، مما يأخذك معه إلى ينابيع الكاتب وعطائه. شاكر لعيبي نموذجاً أخَّاذاً. منذ دخوله عالم التواصل الاجتماعي ما فتئ شاكر لعيبي يعطي. بدأ بمشروع ألبوم صوري لوطنه العراق مشيراً إلى العمق الدلالي للصورة تاريخياً. من ثم أخذ في طرح ترجمة شذرات أنطولوجيا الحب التي أصدرت عن دار طوى. وما أن أصدر كتابه الأخير حتى انطلقت عدّة مشاريع متشعبة وواعدة في الفنون التشكيلية واللغة والترجمان. فحواراته المتخيّلة مع سيغموند فرويد حول الدلالات الجسدية والاشتقاقات والمرادفات في المعجم العربي مستشهداً بمراجع تراثنا الضخم ومتناولاً إيّاه مفردة مفردة، إلى قراءات المنحوتات العربية واللوحات اللا متحدث عنها. وأخيراً، من قراءة رمزية النافذة في اللوحات التشكيلة العالمية إلى ترجمات معجم الحكم الصينية، مشاريع كتابية ثقيلة وتحمل في جوهرها بعد النظر الجمالي والعميق على مستوى الكلمة والصورة واللون. كتب تنبئ عن نفسها قبل ظهورها بين دفّتين، ما يعني نوع قراءة جديدة ومتعددة.