قال الخطاط السوري منير الشعراني “ليس الخط العربي نصاً دينياً مقدساً، بل هو عطاء إنساني لعب الإسلام دوراً بارزاً في تطويره”. ذكر ذلك في أمسية أقيمت مساء أول أمس، بموازاة معرض دبي الدولي لفن الخط العربي، الذي يستمر في ندوة الثقافة والعلوم حتى الخميس المقبل. وأضاف الشعراني “المشكلة ليست في الخط العربي، بل في العقول والإمكانات التي لا نستطيع توفيرها”. مؤكداً أن الحروف الطباعية العربية أساسها غني جداً، على العكس من الحروف اللاتينية، بوصف هذه النتيجة خلاصة بحث في التراث الخطي والنماذج الموجودة في المتاحف والعمارة، وكذلك من مختلف المصادر. وعن تجربته في هذا المجال، قال “أحاول استكمال بعض النواقص في مدارس الخط العربي، ومنها الخط الكوفي النيسابوري، الذي حاولت أن أكمله بنفس الروح، إلا أنني لم أجد سوى ورقة واحدة فقط، وبعض الحروف المتناثرة”. وفسّر الشعراني تأخر استحداث حروف طباعية عربية جديدة بعدم وجود جهة توفر الدعم المطلوب لإطلاق استحداث الحرف الجديد، وقال إن الأوان لم يفت بعد، ومازالت الفرصة سانحة لإحياء هذا المشروع الكبير. وفي السياق، استعرض تاريخ الطباعة، وبخاصة عند دخولها إلى الدول العربية، حيث كان السبب الأساسي في رأيه هو الفرمان الذي أصدره السلطان بايزيد الثاني بتحريم الطباعة على رعاياه عام 1458م، بحجة الخوف من تشويه وتحريف الكتب الدينية! ثم جدد السلطان سليم الأول ابن بايزيد الثاني هذا الفرمان عام 1515م، وبالحجة نفسها. واعتبر الشعراني أن الشماس السوري عبدالله زاخر أول عربي يقوم بتصميم حرف عربي، عندما أنشأ مطبعة في دير ماريوحنا الصايغ في الشوير بلبنان، فصنع كل أدواتها، بالإضافة إلى حروفها التي صممها وسبكها بنفسه، حتى بدأت المطبعة بالإنتاج عام 1733م. واستمر الاعتماد على النسخ كخط أساس لحروف الطباعة العربية، للمتن ولمعظم خطوط العناوين، حتى بعد الانتقال إلى الحرف التصويري، ويستوي في هذا المصممون العرب والأجانب. وخط النسخ، على رغم من كونه واحداً من أجمل الخطوط العربية، وعلى الرغم من الدور العظيم الذي لعبه في نقل المعرفة بشتى أنواعها منذ ابتكاره في العصر العباسي وحتى اليوم، ليس الحل الأمثل للحرف الطباعي العربي، وإن كان الأقرب إلى عين القارئ من بين الخطوط المتداولة التي حصرها العثمانيون في أنواع ستة لا تتعداها، حددوا لكل منها وظيفة معينة، فالرقعة للكتابة العادية، والديواني وجليه للفرمانات والدواوين، والفارسي للشعر، أما الثلث والنسخ فقد وضعا في قفص ذهبي على أنهما مقدسان، فحصر استخدام الثلث الجلي في تزيين المساجد والاستخدامات الدينية الجمالية، والثلث العادي لبعض المصاحف الجليلة، وأسماء السور في المصاحف التي كانت تكتب بخط النسخ. وفي ختام ندوته، طالب الشعراني بالشروع في دراسة جوهر الخط العربي من جديد، وما تتيحه إمكاناته البنيوية من أشكال لانهائية من التجليات والأساليب، و”أن ننطلق من دراستنا من الحروف الكوفية الأولى، وأن ننظر بعين فاحصة إلى تجليات حروفه على الخامات المختلفة، لنصل إلى اكتشاف هيكله فنكسوه لباساً جديداً”.