لم يكتفِ وليّ العهد بالكلمة الرسمية التي سمعها من ذوي ضحايا الجريمة الإرهابية التي طالت المصلّين في القديح الجمعة الماضية؛ بل فتح قلبه للإصغاء إلى كلّ من أراد الحديث معه مباشرةً أثناء سلامهم عليه، أمس، في قاعة الملك عبدالله بمحافظة القطيف. ولم يعتنِ صاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن نايف، ببروتوكول اللقاء الذي جمعه بهم قدر اهتمامه بالاستماع إلى المطالب التي سردوها له، وأكّد سموه لهم أنها محلّ الاهتمام الأقصى من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ومن لدنه شخصياً، ومن لدن كلّ مسؤول في الدولة. وكان برفقة وليّ العهد أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف، في اللقاء الذي تضمّن إيصال تعازي ومواساة خادم الحرمين الشريفين لذوي الشهداء، وعيادة المصابين وإبلاغهم تحيات المليك ودعاءه لهم بالشفاء. وجسّد اللقاء شفّافية التواصل الأبوي بين القيادة والمواطنين، على خلفية ما شهدته بلدة القديح من عمل إجراميٍّ على يد أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابيّ. وليّ العهد وأمير الشرقية التقيا المواطنين لتأكيد موقف الدولة الثابت ومسؤوليتها إزاء المواطنين في جميع المناطق، ومواجهة كل من يحاول العبث بأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وأكد سموّه أن غالبية من يقفون وراء هذا الحادث في قبضة العدالة، وقوات الأمن تقوم بواجباتها لضبط جميع المتورطين أينما كانوا لتطبيق شرع الله في حقهم. من جانبه؛ عبّر أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، في كلمته، عن الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين على ما أولاه من اهتمام لأبنائه في المنطقة الشرقية، ومحافظة القطيف وقرية القديح بشكل خاص. ووصف سموه شهداء القديح بأنهم «شهداء لنا جميعاً»، وأكد أن «الدم يمتزج بالدم، والعزاء يمتزج بالعزاء». وأضاف «نُعزَّىْ بالشهداء كما تُعزَّون، وكما تتألمون نتألم». وقال الأمير سعود «نعلم علم اليقين أن هناك من يريد بهذه البلاد السوء ولا يريد لها الأمن والاستقرار، ولكن بحمد الله ثم بجهود أبنائها المخلصين لا يمكن لأي عابث من أي مكان أن يمسها بسوء، فلحمتنا الوطنية كانت وما زالت بإذن الله تعالى العامل الموحد لهذه البلاد». وأكد سموه أن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين كانا على اتصال بجميع الجهات الحكومية منذ أن حدثت الجريمة النكراء بقرية القديح ويتابعان ما يحصل أولاً بأول، ويوجهان بألا يُوفَّر أي جهد في سبيل العمل على علاج المصابين وتخفيف الآلام، والعمل الدؤوب مع رجال الأمن للوصول إلى معرفة الخائن ومن خلفه من الخونة الذين استباحوا الدم الحرام في اليوم الحرام في المكان الحرام. واستشهد الأمير سعود بن نايف بما قاله خادم الحرمين الشريفين في برقيته التي وجهها لسمو ولي العهد وجاء فيها أن «كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة وسينال عقابه الذي يستحقه ولن تتوقف جهودنا يوماً عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم»، مؤكداً أن هذا الموقف والكلمات الصادقة «خففت المصاب عن الجميع». كما أورد سموه في ثنايا كلمته مقولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله «المواطن هو رجل الأمن الأول»، مطالباً الجميع بالتكاتف والتعاضد للذود عن أمن الوطن وسلامة المواطن. وبدورهم؛ ثمّن ذوو الشهداء والمصابين الموقف المشرّف للقيادة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وأمير المنطقة الشرقية. وعلى لسان المواطن حسين آل غزوي الذي فقد 5 من ذويه في العملية الإرهابية؛ أكد الأهالي أن العزاء هو عزاء الوطن. وأشار آل غزوي إلى جريمة الإرهاب في الدالوة بوصفها محاولة دنيئة لشقّ الصف الوطني.. وقال «نأبى إلا أن نقف صفاً واحداً ضد الإرهاب ولن ينالوا منا ولن ينجحوا في تفريقنا». كما أشاد بما صرّح به خادم الحرمين الشريفين حول محاسبة حتى من يتعاطف مع الإرهابيين الذين أقدموا على هذه الجريمة». وقال إن هذه الكلمات «كانت بلسماً شافياً للجراح وسننطلق جميعنا من هذه الكلمات لمحاربة الإرهاب ومحاربة التفرقة، ونتمنى أن يكون هناك قانون رادع لمحاربة وتجريم التفرقة والقبلية». ووجه الشكر للقيادة باسمه وباسم أهالي الشهداء والمصابين والقديح والقطيف والمنطقة الشرقية عامة. وقد تحدّث مع سمو ولي العهد عددٌ من المواطنين الذين حضروا اللقاء، من بينهم جعفر آل مرار والد الشهيد موسى، وهشام العلوي شقيق الشهيد نبيل العلوي، وأحمد المرزوق وهو أحد الناجين من جريمة التفجير. إضافة إلى كلمة مرتجلة ألقاها عضو مجلس الشورى محمد رضا نصر الله. وكان برفقة سمو ولي العهد كل من: وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور سعد بن خالد الجبري، والمستشار في الديوان الملكي الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن المحيسن، ومدير الأمن العام الفريق عثمان بن ناصر المحرج، ورئيس الشؤون الخاصة لسمو ولي العهد سليمان بن نايف الكثيري، وعدد من كبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.