مع تراكم الأحداث وتتابعها في السنوات الأربع الأخيرة – الربيع العربي – خصوصاً في دول كانت لها اللبنة الأولى في انطلاقة الثقافة والفكر والفنون العربية الحديثة ك «مصر ولبنان و سوريا»، هبطت أسماء وارتفعت أخرى، وبدأت المحاكمات الجماهيرية/ السياسية على مبدأ مع أو ضد هذا النظام أو ذاك، أو تلك المعارضة أو أقرانها. من هنا لم تفتأ ساحة الصحافة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بتداول بعض أسماء الكتّاب ورميها بالسهم الأشدّ قسوة: الطائفية! وأحياناً: عبيد الأنظمة! فأسماء ك «أدونيس وقاسم حداد وإسكندر حبش»، تم محو كل ما بذلوه وقدّموه من نتاج أدبي / فكري/ جمالي، من ثم أخذهم إلى المقصلة الخبيثة، بتهمة الرأي السياسي. هنا يبزغ سؤال مهم: من المستفيد من كل هذا؟! للأسف الشديد أن ما يروّج ويصعّد هذا الصوت المشوّه للثقافة هو من يدعي الثقافة نفسه. ويسعني أن أشير بإصبعي وأقول: إن جميع من يتخّذ ذريعة الاختلاف السياسي لتشويه كاتب ما هو آيديولوجي ورجعي وطائفي وبامتياز أيضاً. فالفكر الطائفي لا يحتاج لانتماء بقدر ما هو تشكيلة ذهنية ومنطلقات ترفض كل آخر. وأيضاً أقول: إن أكبر كذبة روّج لها المثقفون العرب هي «حرية الاختلاف». فما أن وقع الاختلاف الحقيقي حتى فاض نتن الرجعية والانتماءات لدى من كانوا يدّعون محاربتها في كتاباتهم طوال سنين. «الجمال باقٍ أبداً» قالها أنسي الحاج مرةً، فماذا سيبقى من كم الكتابات التشويهية الهائلة بعد حين، غير استكمال محاربة التقدّم ثقافياً؟