في أوائل الثمانينيات الميلادية حين كان الدكتورغازي القصيبي -رحمه الله- وزيراً للصحة، أتى بفكرة توزيع بطاقة تهنئة مع صورة الطفل ودليل الأسماء العربية حين يولد طفل جديد، كما ذكر في كتابه «حياة في الإدارة». شخص بهذا الفكر لابد أنه سابق لأوانه ومجتمعه بأشياء كثيرة، عقليته، أفكاره وتميزه. بينما مازال كثير منا رغم ازدياد الوعي وانفتاح العقليات يؤمن ببعض المفاهيم الغريبة، كالأسلوب المتبع في تسمية الأطفال. يُصر كثيرون ويعتقدون أن تسمية الطفل باسم الجد أو الجدة دليل بر وحب أو تخليد ذكرى، قد يكون في ذلك جزء من الصحة، لكن ليس على كل حال، أي لا مانع من إعادة إحياء أسماء الأسلاف لكن بمنطقية أكثر دون الحتمية المزعجة والتكرار الممل. الاسم من حقوق الطفل على والديه وهو جزء من هويته المميزة كإنسان، لذا أشعر حينما يكون في العائلة أكثر من شخص أو طفل يحملون نفس الاسم، بأنه شيء مزعج، يُفقد الشخص إحساسه بالتميز في أبسط حقوقه وهو الاسم! وهذا التكرار في نظر بعضهم فيه تقدير للأجداد أو كبار العائلة، الذين أولى أن يُقدروا بالحب والبر الفعلي وعمل الخير، فضلاً عن أن حمل هؤلاء الأطفال لاسم الجد العظيم قد يعرضهم لمقارنة أو تحد لمدى استحقاق حمل هذا الاسم!. فضلاً عن أهمية اختيار الاسم من قبل الوالدين، والاستمتاع باختيار الأفضل والأجمل نطقاً ومعنى لهذا الضيف الجديد، بدلا من حصره في إطار شخص آخر تيمنا باسمه. واللغة العربية غنية بأسماء عتيقة، أنيقة ذات معان فاتنة، لكننا في غفلة عنها. وعودة للجد العظيم، الأب الرائع، الوزير والسفير المختلف غازي، الذي كان على يقين من أن العقول والأذواق مختلفة، لذا قرر توزيع دليل الأسماء لذوي كل مولود جديد، متجاهلا احتمال أن هناك عائلات لن تفتح الدليل، حيث اسم الطفل محدد قبل أن تحمل به أمَّه!. وذكر -رحمه الله- في كتابه استراحة الخميس أنه يكره تسمية الوليد باسم قريب مهما كان، وكيف رفض تسمية أيٍّ من أبنائه باسم والده عبدالرحمن، كي لا يكون هناك سوى عبدالرحمن واحد، ولأنه لا يُحب أن ينمو إنسان في ظل إنسان آخر وكي لا تكون هناك مقارنة، لأن المقارنات قاتلة! إلا أن ابنته يارا استطاعت أن تسمي غازي على اسم والدها بحيلة عاطفية لتنال موافقته! وأظن والله أعلم أن حرصها على التسمية لا يمت للأعراف بصلة، بل من باب الإعجاب والحب الشديد لوالدها، حبها الأول وأميرها الأوحد. ختاماً، ماكتبته كان فكرة ورأي محايد لا يعبر عن انتقاد أو انحياز لأي فكر، مع الميل لمبدأ غازي! حيث أقول لأبنائي إذا كتبهم الله لي: إياكم والتسمية باسمي، لأن إحياء الاسم لن يضمن لكم إحياء الشخص إن رحل!.