أبها – سارة القحطاني صالحة: أمي وحماتي تدخلتا في اسم ابنتي الشعلان: فرض السيطرة قد يصل إلى الأسماء يكثر الجدل بين الزوجين عند اختيار أسماء مواليدهم، وفيما يصر الزوج على الاختيار الاجتماعي والعقلاني، تحرص الزوجة على أسماء ذات طابع حداثي ومتطورة وغريبة، وحيث يعمد الرجل إلى اختيار الأسماء ذات الاعتبارات الأسرية والقديمة، تتشبث المرأة في المقابل برأيها الذي تعتقد أن عدم تحقيقه يلغي هويتها وكيانها كأم، متناسين أن اختيار الاسم حق من حقوق المولود على والديه، وينبغي أن يتم وفق تشاور وتشارك أساسه الابن نفسه. وتبرز في الجانب الآخر معضلة في اختيار اسم المولود الجديد، وهي فرض الأقارب أو والدي الزوجين رأيهم في الاختيار، وغالباً ما يوافقهم من باب الاحترام والتقدير الذي يدفع ثمنه الابن أو الابنة مستقبلا خاصة وإن كان الاسم من الأسماء المكروهة أو ذات المعاني السيئة. تأثير نفسي تقول ابتسام الشهراني سمعنا من أمهاتنا عن مدى تأثير الاسم على نفسية الطفل منذ نشأته حيث إنهم كانوا إذا لاحظوا بكاء الطفل متزايدا في أيامه الأولى وساءت حالته، فإن ذلك قد يعود لعدم تقبل الطفل لاسمه، وبمجرد تغيير اسم الطفل تتحسن حالته؛ فهذا يعني ارتباط الاسم ارتباطاً كلياً بنفسية الطفل، وتضيف ابتسام يجب علينا كأمهات أن نحسن اختيار أسماء أبنائنا، وأن نقدم شيئاً من التنازلات، ولا نتمسك بآرائنا لمجرد السيطرة أو تحقيق الذات على حساب ابني أو ابنتي. فصل بالقرعة أما صالحة سعيد فتقول عندما قدمت ابنتي حدث خلاف بين والدتي ووالدة زوجي وأنا مازلت في المستشفى، وكل واحدة منهن تصر على تسمية ابنتي على ابنتها إلى أن فصلت القرعة في الأمر وبالفعل تمت كتابة الأسماء وجاءت من نصيب والدة زوجي التي اختارت ريتاج، وهدأ الأمر، وأبلغنا زوجي بالاسم لتسجيله، ولكن عندما ذهب لتسجيله نسيه وسجل بدلاً منه أريج، وعندما علمت والدتي ووالدته بذلك أُعلن الخصام ضدنا لأيام وأطلقتا التهم بأنني أنا وهو متفقان ضدهما. وتقول أكثر ما يضايقني أن يعمد الرجل إلى تكرار التسمية على أخوته وأبيه فأنا دائماً ما أبحث عن الأسماء الجديدة على المحيط الأسري على الأقل، ولكن منذ بداية زواجي اتفقت أنا وزوجي على أن له تسمية الذكور، وأنا تسمية الإناث، وبالفعل تقبلنا ذلك رغم أن تلك الأسماء لا تعجبني ولا تعجبه وربما قد يتضايق أبناؤنا منها مستقبلاً إلا أننا فضلنا اختيار تلك الطريقة ردعاً لأية تدخلات عائلية أو خلافات زوجية. أسماء هندية وعن طريقة النساء في اختيار الأسماء قالت علياء السمري أبحث عن آخر صيحات الأسماء ذات الأصول الفارسية والهندية والإيرانية ك بوران، ولين، وسيلين عبر الإنترنت وفي قاموس أسماء المواليد فالأسماء القديمة رغم قدسيتها إلا أنني أرى أنها بدأت تختفي، وتضيف علياء نعم أختار الأسماء الحديثة والغريبة، ولكن لا يعني أن أتجاهل معانيها، فلا أعتمد اسماً إلا بعد أن أعرف مدلولاته ومعانيه .. اسمان لابني ويقول مهدي من الأشياء التي ندمت عليها أنني خلطت بين مشكلاتي الزوجية وبين اختيار اسم ابني الوحيد، وإنني سمحت لأهلي وأهلها بالتدخل بالاختيار، فقد نشأ ابني على اسمين: اسم في شهادة الميلاد، واسم آخر ينادى به، فاسمه المسجل أهلي من اختاروه وينادى به في بيتي، والآخر ينادى به عند أهل زوجتي، وهذا ما جعل ابني يسألني مرات عديدة ما اسمي بالضبط؟ وماذا أقول لزملائي والمعلمين في مدرستي؟ وعن أي اسم أقول لهم هذا اسمي ؟؟ أفضل الأسماء سعيد بن مسفر من جهته قال الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني إن من الناس من هو موفق في اختيار الاسم فيختار اسما يعبد الله به ويرد به أجراً وثواباً ويمنح ابنه أو ابنته اسماً كريمًا يسره أن يدعى به، ولا يخجل إذا نودي به، والأسماء الشرعية هي ما وردت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن، ويقاس عليها بقية الأسماء التي فيها عبودية لله -عز وجل- مثل عبدالرزاق، عبدالحكيم، عبدالخالق، ..الخ وأشار بن مسفر إلى أن هذه أفضل الأسماء لأن فيها معنى للعبودية لله، ومثل هذه الأسماء سيكون لها أثر على حياة الإنسان، بعد ذلك تأتي أسماء الأنبياء ك محمد، وإبراهيم، وعيسى، وهود، ونوح….ويأتي بعدها أسماء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فهم الرجال والأعلام الذين ملأوا التاريخ بذكرهم وتاريخهم وجهادهم وكذلك الصحابيات بالنسبة للنساء وبنات النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته، وأيضاً أسماء الأعلام البارزة في هذه الأمة من المجاهدين والعلماء ومن الأئمة، ومن لهم بصمات في حياة الأمة ومجدها وجهادها. بعد ذلك يكون الإنسان حرا في اختيار الأسماء، وقد تكون أسماء جليلة عربية الأصل وطيبة المعاني وهذا لا بأس به، ولكن المحظور شرعاً أن يسمى الإنسان بأسماء الكفار واليهود والنصارى ممن اختصوا به، فلا ينبغي أن نسمي بهم لأننا نهينا عن التشبه بهم. ميونة وميوعة وبين بن مسفر أنه يجب أن لا يسمي ابنه أو ابنته باسم يعير به مستقبلاً أو ما يعير به الولد أو البنت، وأن يبتعد في تسمية الابن خاصة عن الأسماء التي فيها نوع من التأنث فهذا يشعره بالذل لهذه الأسماء فإن العرب كانت تسمي أبناءها الأسماء الضخمة ك ليث وصخر وذئب وطلحة كذلك الفتيات ينبغي أن يسمين أسماء لا يكون فيها تشبيه ولا إنهاب للعواطف، بحيث يفتن الناس باسمها حتى وإن لم يروها، بل يجب أن يكون معروفا ومقبولا، ولا يحدث منه فتنة. وعن الأسماء الحديثة قال بن مسفر إن الأسماء العصرية التي فيها نوعٌ من الميونة والميوعة والأسماء النصرانية لا ينبغي للمسلم أن يتسمى بها أو يتخلق بأصحابها، فإن للمسلم شخصية قيادية واستقلالية، وليست تقليدية تتبع كل ناعق. فروقات فردية ويؤكد الاستشاري النفسي دكتور شريف عزام على ضرورة مراعاة الأسماء التي تناسب الشخص طول حياته، ومراعاة مدى تأثير الاسم على الحالة النفسية للشخص نفسه فبعض الأهالي يختار أسماء لها علاقة ببعض المواقف، ويعبر عن الحالة التي ولد فيها الطفل مثل وحيد لمن ولد وأبوه متوفى، فالأسماء تسبب انعكاسات نفسية وآثارا سلبية، وتكسب الإنسان نوعا من الصبغة النفسية كوحيد الذي يشعر الشخص بالوحدة، كما أن للأسماء انطباعات تنعكس أيضاً على الحياة الشخصية للفرد، فمثلاً اسم أمين يوصل إيحاء للآخرين بهذه الصفة فجميع الأسماء لها انعكاسات إيجابية أو سلبية، ولكن تلك الانعكاسات ومدى تأثر الشخص باسمه يعود لما يسمى ب «الفروقات الفردية». قلق اجتماعي وقال عزام هناك من تعرض لمشكلات نفسية ولم يستطع التوافق مع اسمه، وأصبح دائم القلق والتوتر خشية ذكر اسمه في أية مناسبة أو سؤاله عنه، وأدخله هذا الأمر لما يسمى بالقلق الاجتماعي، ما اضطره لتجنب الاجتماعات أو تغيير الاسم، وبعض الأسماء تعكس نوعاً من التفاؤل لدى الشخص، فمدى تقبل الاسم ومدى تأثيره على شخصية الإنسان يعتمد على ما يسمى بالفروقات الفردية. وأضاف نجد أيضاً أن بعضهم يتقبل اسمه حتى وإن كان يحمل معاني غير جيدة ودون أية مشكلات نفسية، وذلك يعتمد أيضاً على الفروقات الفردية لدى الأشخاص، كما أن الناس في القدم لم يكونوا يعرفون معاني الأسماء، أما الآن فالآباء أصبح لديهم ثقافة جيدة، وأصبحوا يعلمون جيداً معنى الأسماء ومدلولاتها. وعن كيفية العلاج أوضح عزام أنه تتم معالجة من لم يتوافقوا مع أسمائهم عن طريق العلاج المعرفي السلوكي، إذ لابد من تغيير المعرفة والشعور وبالتالي السلوك يتغير.. مشروع عائلي عبدالله الشعلان ويرى أستاذ علم الاجتماع د. عبدالله بن أحمد الشعلان أن بعض الأسر تعطي اهتماما كبيرا في اختيار أسماء مواليدها. فهي تحرص أن يكون الاسم عصريا ومتميزا. ويعد اختيار اسم المولود مشروعا عائليا يشترك فيه جميع أفراد الأسرة. بل وحتى الأقارب. في السابق كان حق اختيار الاسم يتفرد ويتميز به كبير العائلة (الجد) فهو من يختار اسم المولود دون اعتراض من أحد حتى من والديه. أما الآن ومع التغير الاجتماعي الذي حدث لبناء الأسرة، ومع التغير والتحسن في مكانة الزوجة والأبناء أصبح لكل فرد من أفراد الأسرة رأي في اختيار اسم المولود. اسم الجد ويضيف الشعلان أنه من الشائع في المجتمع السعودي أن يسمى الابن الأول للأسرة خاصة على اسم الجد، حيث يكنى الزوج قبل أن يصبح أبا باسم أبيه. ومن دواعي اختيار اسم الجد اعتقاد الأسرة بأن تلك التسمية هي من البر بالوالدين. (ولكن وفقا لعلماء الشريعة لا يعد ذلك من البر). وغالبا ما يكون هناك اتفاق ضمني بين الزوجين على ذاك الاسم إلا في حالة أن يكون اسم الجد من الأسماء التي تتعارض مع الأسماء الدارجة والمألوفة، فهنا تقف الزوجة معارضة ذاك الاسم، ومن ثم يحدث خلاف بين الزوجين. وتشير بعض الدراسات إلى أن اختيار أسماء المواليد تتأثر بأسماء الفنانين والفنانات والرياضيين، التي تنقلها الفضائيات، فالأسرة أصبحت تجري خلف الموضة، وكل ما هو جديد وغريب بحثا عن التميز. تعزيز الثقة وأوضح الشعلان أن للاسم أثرا على صاحبه. فإذا كان الاسم به غلظة وقسوة ووحشة انعكس ذلك على صاحبه فأصبح ذا طبع قاس، ويميل إلى العنف في تعامله مع الآخرين. وإذا كان في الاسم ما يدعو إلى السخرية والاستهزاء مال صاحبه إلى العزلة وعدم الاختلاط بالناس. والعكس صحيح فإذا كان الاسم يحمل معنى جميلا وجذابا عزز الثقة في نفس صاحبه وأصبح أكثر توافقا من الناحية الاجتماعية. وإذا حمل الاسم شخصية من الشخصيات التاريخية العظيمة جعل صاحبه يتطبع بطبائع تلك الشخصية. وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن اختيار أسماء الأبناء لما لها من تأثيرات نفسية عليهم. اسمك ومهنتك وقال مما يؤكد على أثر الأسماء على المسميات ما وصلت إليه إحدى الدراسات من جامعة أوهايو حيث أشارت إلى أن الأشخاص الذين يحملون أسماء شرقية يعتقد أنهم مميزون في الرياضيات، وقد يكونون الأكثر قبولا في بعض الوظائف كبرمجة الكمبيوتر، في حين قد يميل بعض حاملي الأسماء الملكية الجذابة كاسم اليزابيث لدراسة العلوم الإنسانية. تفاهم وانسجام وأشار الشعلان إلى أن تسمية المولود تعد من المواضيع ذات الأهمية في الأسرة. فحالة اتفاق الزوجين على اسم واحد يعكس مدى التفاهم والانسجام والاحترام والتقدير بين الزوجين. وهذا لن يحدث إلا في أسرة تتخذ من الحوار الأسري منهجا لها. فالحوار هو فن التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين. ويعد الحوار الأسري هو أساس بناء الأسرة. فهو لغة تفاهم بين الزوج والزوجة أولا وبين الوالدين وأطفالهما. وقال من خلال الحوار الأسري يزداد التفاعل الاجتماعي بين الزوجين، ويفهم بعضهم الآخر فهما جيدا، وتقصر المسافة بينهما، ويشارك كل منهما الآخر في همومه ومشاعره وأفكاره، ويتمكن الزوجان من حل مشكلاتهما واختيار اسم مولودهما بكل هدوء بعيدا عن النزاعات والتشنج. فبناء الأسرة السليم يقوم على لغة الحوار الإيجابي الذي فيه يحترم كل طرف رأي الآخر وينصت له، وليس الحوار السلبي الذي يعني فرض الرأي والتشنج له وعدم احترام رأي الآخر. تأثير سلبي وأكد الشعلان أنه إذا اختفى الحوار في الأسرة تنشأ النزاعات بين أفرادها لأن لغة التفاهم بينهم تكون قائمة على التمركز حول الذات، أي التسلط وفرض الرأي. وفي هذا الجو الخالي من الحوار قد يفرض أحد الزوجين رأيه في تسمية المولود دون موافقة الآخر، وهذا قد ينجم عنه تأثير سلبي على الطفل حيث إنه غالبا ما يسمى الطفل باسمين من كلا الوالدين، فاسم رسمي في الأوراق والشهادات، واسم آخر ينادى به في المنزل. وقد ينجم عنه اختلاف في التربية وعدم اتفاق بين الوالدين، ما يجعل الطفل متذبذبا بين هذا وذاك. أسماء مكروهة وأوضح مدير أحوال منطقة عسير محمد السلمي أن صاحب الشأن يتقدم لأقرب إدارة أحوال لتسجيل المولود، ومنحه شهادة ميلاد بكل يسر وسهولة، وقال عندما يكون هناك أسماء مكروهة شرعاً مثل «بره» ونحوها فإن الموظف يوضح لصاحب الشأن أن هذه من الأسماء المكروهة شرعاً، وإذا أصر على التسمية، ينظر في طلبه وفق الأحكام الواردة في النظام واللائحة، ويضيف السلمي أما الأسماء التي نصت الفتوى الشرعية الصادرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية للإفتاء والإرشاد، فيفهم صاحب الشأن بعدم جواز التسمية بها مثل ملاك، عبدالمصلح، ونبي، ونبية ونحو ذلك.