واقفٌ ما بين الذكريات والأسئلة في فراغ ذاته، على الرصيف القاتم من جهة الصمتِ، ناظراً إلى دوامة الشتات الكثيف في داخله، أي تعبيرٍ لا يكون أبلغ حينما يحاكي الآخر منهُ «لا شيء أكثر من هذا الثلج». نصٌ مشبعٌ في خلاء الحالات وملئها. نصٌ ممتدٌّ في مكانه، ومتقطعٌ في زمانه. هكذا ينثرُ إسكندر حبش قصيدتهُ في كتابه الأخير الصادر عن دار التكوين 2014. «لا شيء أكثر» في لغةٍ محمَّلة بثقل التعبِ والتصوُّر. كلماتٌ مركبَّةٌ، عملها تفكيك الرؤية القاتمة، البعيدة عن اللمس، والقريبة في خفاء النقائض. كيف لا وهو السائلُ «من أين يأتي هذا النور والليلُ لا يكف؟ من أين يجيء الكلام والثلج يمحو هذه اللغة؟». ربما أوصلت الكتابة إسكندر إلى أماكن كان يخشاها. أماكن وقف بعيداً عنها كي يصفها بخوفٍ قليل. غير أنَّه في سردٍ أشبعه بدلالاتِ الطبيعة لم يحتمل ألَّا يعترف بوجوده في الكتبِ فقط. ذلك الوجودُ الصعبُ إخراجه إلى العالم «الخراب». هل يحاصر بهذا الكاتب نصَّه؟ هل يحاصره النصُّ بصوتهِ المتألِّم حدَّ ابتكار صوت بديلٍ له؟ «محاط بهذه الأرض. محاط بهذا الجدار الصلب. تماماً، مثلما تحيط الكرمة عتبة أيلول. لكنِّي لا أعرف من أي خابية ستنبثق رائحة الليل» هكذا يعيش الشاعرُ في الرؤى التي لا تحتملها الكلمات.