تنفجر القنابل لترتفع في السماء سحب الغبار الكثيف فوق مدينة تكريت العراقية فيما تحترق المنازل والمتاجر في المدينة التي تخلو من المدنيين. ويشتبه بأن البعض سلب بضائع بينها ملابس ومستلزمات صحية من متاجر وسط تكريت، كما شوهد رجل يرتدي زياً عسكرياً يقود شاحنة مليئة بالإطارات الجديدة إضافة إلى مولد كهرباء ويخرج بها من المدينة. وانتشرت الدمى المخصصة لعرض الملابس على أرصفة الشوارع لتبدو كالجثث أمام أحد المتاجر، وكذلك تناثرت الملابس والصناديق. وسيحتاج إصلاح الأضرار، التي تسبب بها القتال، الذي نجمت عنه عديد من الحرائق والانفجارات، إلى أشهر إن لم تكن أعواماً. ويتفاوت مستوى الدمار حيث بقيت بعض البنايات سليمة وتضررت بنايات أخرى ببعض الرصاصات، بينما أصيبت أخرى بأضرار جسيمة. استعادت القوات العراقية مدينة تكريت بعد عملية استمرت شهراً، إلا أن إعادة أبسط أشكال الحياة الطبيعية إلى المدينة سيستغرق وقتاً أطول بكثير. وتشكل القنابل التي خلفها عناصر التنظيم المتشدد أكبر تهديد، حيث قال وزير الداخلية العراقي محمد الغبان إنه تم العثور منذ يوم الأربعاء على 185 منزلاً مفخخاً و900 قنبلة في أماكن أخرى. وأضاف أن الفرق الهندسية العسكرية ستقوم «بتنظيف هذه المناطق وتطهيرها من القنابل»، إلا أن هناك مخاوف من عدم توافر عدد كافٍ من العناصر المتخصصة للتعامل مع هذا العدد الكبير من القنابل، التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية. ويقترح البعض وسائل أقل تطوراً للتخلص من القنابل، حيث اقترح أحد المسلحين المتطوعين إحراق المنازل لتفجير القنابل التي بداخلها. ويندرج المتطوعون ضمن قوات الحشد الشعبي، التي تضم فصائل من الشيعة والسنة، حيث يشكل الشيعة القسم الأكبر من المقاتلين. وأطلق أحد المسلحين قنبلة صاروخية على سيارة متوقفة، قال إنه اشتبه في أنها مفخخة. وحتى لو نجحت هذه الطرق في التخلص من المتفجرات، فإنها تلحق الضرر بالممتلكات وهو ما يثير غضب السكان ويقوض الاستقرار على المدى الطويل في تكريت، كما تعد عمليات النهب والتخريب من بين القضايا المثيرة للقلق. وقالت منظمة العفو الدولية أمس إنها تحقق في انتهاكات لحقوق الإنسان قد تكون ارتكبتها القوات العراقية وحلفاؤها أثناء الهجوم لاستعادة مدينة تكريت شمالي بغداد. وقالت دوناتيلا روفيرا المسؤولة عن المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان ومقرها لندن «نحن قلقون جداً بشأن معلومات عن انتهاكات واسعة النطاق أثناء العملية العسكرية في المنطقة المحيطة بتكريت». واستعادت القوات العراقية مدعومة بالميليشيات وغارات التحالف الدولي بقيادة أمريكية، الثلاثاء السيطرة على المدينة التي ظلت لنحو عشرة أشهر محتلة من مسلحي تنظيم «داعش». واعتبرت هذه العملية اختباراً لقدرة فصائل المتطوعين الشيعة في استعادة مدينة سنية دون ارتكاب أعمال انتقامية ضد الأهالي. وأضافت مسؤولة العفو الدولية «نحن نحقق في معلومات أشارت إلى أن عدداً كبيراً من السكان اعتقلوا بداية مارس ولا توجد معلومات عنهم حتى الآن. كما أشارت معلومات أخرى إلى هجمات على منازل أو متاجر تم تدميرها بالمتفجرات أو حرقها من قبل ميليشيات». وأضافت «هناك أيضاً معلومات عن عمليات إعدام جماعية لرجال قد يكونون قد تورطوا (أو لم يتورطوا) في المعارك، لكنهم قتلوا بعد القبض عليهم وهم لا يقاتلون». وقالت إن حادثة من هذا النوع وقعت الأربعاء في تكريت وفق التقارير. وحذرت الحكومة والأمم المتحدة ومدافعون عن حقوق الإنسان مراراً من تجاوزات أثناء العمليات العسكرية. وتحقق النصر في تكريت بمؤازرة غارات التحالف، بحسب ما أفاد مسؤول كبير في التحالف أكد «أن الدعم الجوي كان عاملاً أساسياً». وأضاف أنه كان بإمكان القوات العراقية استعادة تكريت دون الدعم الجوي الأمريكي لكن «الأمر كان سيتطلب وقتاً أطول». بدأت العملية في تكريت في الثاني من مارس، لكن واشنطن قبلت بطلب من بغداد ضرب مواقع تنظيم داعش أواخر مارس.