مثلكم جميعاً سعيد بالزخم المصاحب لمعارض الكتاب والاحتفاء الحاصل مؤخراً بالكتاب في منطقة الخليج ولدينا في السعودية تحديداً. القراءة والحرص عليها دليل وعي مطلوب للارتقاء بالوعي العام، للغوص في أعماق الأدب والفلسفة وحتى للوصول لأبعاد تحليلية وعمق أكثر لفهم بعض المواضيع الجدلية وخلافه. وأياً كان الدافع وراء القراءة حتى ولو كان مجرد المتعة الفردية هي في نهاية الأمر إضافة معلوماتية، أدبية حتمية، هذا على افتراض أن للكتاب ومحتواه قيمته العليا ومكانته المرموقة. في الفترة الأخيرة شهدت الساحة الثقافية السعودية (جماهيرياً) احتفاءً بعديد من المؤلفات والمؤلفين الجدد في هيستيريا مصاحبة للتقديم مرات، وفي مبالغات شهدت خلق أجواء غير طبيعية في أوقات أخرى، إلا أنك حينما تلتفت للمحتوى المؤلف فإن لم تخجل من نفسك ووقتك اللذين تضيعهما بين تلك التفاهات فإنك على الأقل ستقهقه حتى البكاء! هذا الامتهان للمهنة والمتلقي والوسط الأدبي كاملاً سواء من مؤلفين أو دور نشر وموزعين يجب أن يتوقف تماماً. إن المتابع لما ينشر من سخافات تحت مسمى أعمال أدبية يخجل حتى من الانتماء لمهنة الكتابة أو حتى إمساك كتاب. الثقة شيء جيد، لكن تلويث الوسط الأدبي بداعي الثقة هو عمل عبثي لن ينتج عنه إلا العائد المادي للقائمين خلف مثل هذه الأعمال الرديئة، ولا عزاء. وللتأكيد على أهمية الموضوع، تؤكد دراسة بريطانية أجريت على عينة من 14 ألف مشارك نشرت نتائجها صحيفة «الإندبندنت» أن الوظيفة الحلم ل 60% من المشاركين هي التأليف والإنتاج الفكري تليها العمل الأدبي في المكتبات والأكاديمية والعمل الصحافي في المرتبة السادسة. بينما لك أن تتخيل في أمريكا أن مكتبة الكونجرس تتلقى (يومياً!) 15 ألف مؤلف جديد لإضافته لأرشيف المكتبة، لا ينتقى منه إلا القليل .. لكم الآن أن تتخيلوا أعمالا بجودة (حبيبي برشلوني) و(مغامرات الشكولاتة) أين سيكون مصيرها؟