ودعت الساحة الأدبية والثقافية فجر أمس الأربعاء الدكتور راشد بن عبدالعزيز المبارك (أبو باسم) وذلك بعد معاناة مع المرض. وسيصلى عليه اليوم الخميس بعد صلاة الظهر في جامع الراجحي بالرياض، ومن ثم سيوارى جثمانه الثرى في مقبرة النسيم بالرياض. تميز الراحل الدكتور المبارك بأنه جمع بين العلم والأدب، وهو أستاذ متخصص في الفيزياء والكيمياء، وكذلك أديب وشاعر، عرف عنه إسهامه بفعالية في إنجاز الموسوعة العربية العالمية إلى جانب مئات العلماء والمفكرين العالميين، وهي أكبر الموسوعات العلمية في العالم العربي ويشرف عليها الدكتور أحمد شويخات بتمويل من الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-. وقد أثرى الراحل المكتبة العربية بعدة دراسات أدبية وعلمية منها كتاب (كيمياء الدم) لطلبة الدراسات العليا والجامعية، و(هذا الكون ماذا نعرف عنه) وقد نشر أبحاثاً مبتكرة عن تأثير الإلكترون بتفاعل المجال الكهربائي الناشئ من دورة الإلكترون حول النواة والعزم المغناطيسي، الناتج من حركة الإلكترون حول محوره، في عدة مجالات علمية وعالمية، وفي الفكر والسياسة والتاريخ، له كتاب (قراءة في دفاتر مهجورة) و(فلسفة الكراهية) و(التطرف خبز عالمي) و(شعر نزار بين احتباسين) وله عدة دواوين شعرية منها (رسالة إلى ولادة). كما أسس في عام 1402 ديوانية ثقافية تحت اسم (ندوة الأحد)، وتعتبر من أقدم الديوانيات الثقافية التي تقام في المملكة، وقد استضافت كثيراً من المفكرين والأدباء السعوديين والعرب على مدى الأربعين عاماً الماضية. وفي هذا الصدد قال معاذ عبدالله المبارك، هناك شخصيات مؤثرة في الساحة الأدبية والثقافية إذا غابت عنا تترك فراغاً كبيراً، ومَن تشيعه اليوم مدينة الرياض هو عالم الذرة الدكتور راشد بن الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن عبداللطيف المبارك من مواليد مدينة الهفوف سنة 1354 ه، فقد حنان الأب وهو في الثامنة من عمره، تربى في كنف والدته لتصنع منه ابناً باراً بدينه ووطنه وأمته ليصبح واحداً من رموز العلم والأدب في بلادنا الكبيرة. ويضيف معاذ قائلاً: لقد حرص الدكتور راشد على حضور الحلقات العلمية التي كانت موجودة قديماً في الأحساء، وما لبث أن رأى في نفسه أن العلم هو الطريق الصحيح لرقي حياته الشاملة. فالتحق لهذا الغرض بالمدرسة الابتدائية في الهفوف سنة 1363 ه، وبعد ذلك واصل دراسته الثانوية متخرجاً منها سنة 1378 ه، فظهرت عليه بواكير النبوغ الفكري والعلمي. لقد كان عالمنا وأديبنا الدكتور راشد المبارك ومنذ وقت مبكر من طفولته محباً للقراءة والكتابة، ثم ما لبث بعد تخرجه من المدرسة أن عمل في مالية الأحساء لينتقل بعد حين إلى الظهران موظفاً في محكمة القطيف، والتحق بعدها في بعثة دراسية إلى القاهرة ليحصل على البكالوريوس في علم الكيمياء والفيزياء عام 1384 ه، ليلتحق بعدها بكلية العلوم في جامعة الرياض معيداً؛ حيث تم إثر هذا ابتعاثه إلى جامعة مانشستر في (إنجلترا) ليحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفيزياء الجزئية، وعندما عاد إلى أرض الوطن عين مديراً للمختبرات الكيميائية سنة 1389 ه، ثم حصل في العام نفسه على بعثة دراسية أخرى إلى بريطانيا ولكن إلى جامعة ويلز ليتخصص في علم كيمياء الكم ويتخرج منها بدرجة الدكتوراة سنة 1393 ه، ثم عاد إلى الوطن ليعين أستاذاً للكيمياء في جامعة الرياض؛ حيث كان من ضمن تخصصه الدقيق استخدام الذرة في الزراعة وليكون أول سعودي في تاريخ البلاد يحصل على هذا التخصص النادر. اختير عميداً لكلية الدراسات العليا في جامعة الرياض، ليتولى بعدها منصب عضو في المجلس الأعلى لجامعة الملك فيصل، ثم عضو في مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية في جامعة فرانكفورت في ألمانيا. كما اختير في عضوية أمناء جامعة الخليج العربي. وأيضاً اختير عضواً في لجنة معادلات الشهادات العليا في وزارة التعليم العالي، ثم ليتبوأ مكانة أرفع بتعيينه رئيساً للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأسيسكو) من عام 1401ه – 1407ه.