في صباح يوم الأربعاء الموافق 1436/4/22 ه جاء النبأ الأليم معلناً رحيل صديقنا الحبيب؛ الأستاذ حسن بن زيد الحليبي تغمده الله بالرحمة والرضوان، وأسكنه فسيح الجنان، وصلني الخبر كالصاعقة التي وقعت على القلوب فخيمت الكآبة على النفوس، والكل مثقل بالحزن والألم على فراقك يا أبا عبدالمحسن. تشيعك القلوب وأنت منها .. حبيبا طاهرا عفا نقيا. ولكن عزاءنا الوحيد أنك ذهبت إلى رب رحيم، يغفر الذنب العظيم، وأنك خلّدت من الذكريات، والأعمال الصالحات الطيبات، والأبناء والبنات، والأحفاد والإخوان والأخوات ما يسطره التاريخ لك على جبين الزمن بمداد من الفخر والامتنان، وهذا هو الكنز الثمين، والذخر النفيس. نعم.. الكل مثقل بالحزن والألم، فلا الدمع يكفكف ألم الرحيل ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفراق ولكننا نؤمن ونصدق بأن الموت حق، ولقاء الله حق، وأن القلب ليحزن، وأن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الرب سبحانه (إنا لله وإنا إليه راجعون). لقد كان حزني لفقدك يا أبا عبدالمحسن أضعافاً مضاعفة؛ حيث استبدت بي هموم الذكريات لأيام مضت، وسنين انصرمت، وذكريات دونت، ومواقف سجلت. ومن هنا استعصى البيان، وعجز اللسان، ففي لحظات الأحزان تختلط كل الألوان ولم يبق في هذه الحياة سوى لون واحد جلي؛ هو لون الوفاء، لون المحبة والإخاء والصفا. أجل …. لقد عرفتك منذ نعومة أظفارك، موضع إعجاب ومحبة وتقدير، كنا نعيش في حارة واحدة، كأسرة واحدة في منزل واحد، نتبادل أنواع المعرفة نأكل سويا، وعشنا معكم في محبة وأمن وسلام، ونتنقل من مكان إلى مكان، وزادك التقوى والصلاح والإيمان وكنت ساعد والدك الأيمن في الدكان، وفي كثير من أمور الحياة وكان والداك عطوفين على الصغار والأيتام، محسنين للجيران، تغمدكم الله جميعاً بالرحمة والرضوان، وكنت نبراساً وضّاءً لإخوانك وأبنائك وأقاربك، لقد تجلدت بالصبر والثبات والإحسان، لا تشكو همك وغمك وحزنك إلا إلى الواحد الديّان، وكانت علامة الرضا والاستسلام تشع على وجهك الطلق في كل الأوقات. كنت تحرص على حضور الاجتماع الأسبوعي، الذي يجمعنا بثلة من الأخيار جمعهم العلم وألف بينهم الحب والتعاون على البر منذ أكثر من أربعين عاما، وكنا نسر بوجودك بيننا ونشعر بأنك كالوردة التي تعطرنا برائحتها، وتنعشنا بنسماتها، تدغدغ مشاعرنا بأحاديثك، وتدخل السرور إلى نفوسنا بطرائفك وحكاياتك ومداعباتك. ونستفيد من تجربتك لقد عركتك الحياة، وتغلبت على الصعاب حتى حققت المراد وبعد أن حصلت على الشهادة الجامعية تنقلت من دوحة إلى أخرى وقطفت من كل بستان زهرة، ومن كل غصن وردة، واكتسبت خبرة ومعرفة ودراية، وتحملت المسؤولية والأمانة. وأخيراً ألقيت بعصا الترحال لأسعد بلقائك في ثانوية الهفوف كأخ صديق ومعلم للتربية الدينية، ومن ثم وكيلاً فاعلاً ناجحاً بالمدرسة فتحملت عبئا كثيرا وبذلت الغالي والرخيص في سبيل مرضاة رب العالمين لخدمة أبناء هذا الجيل. فكنت خير معين لأجيال ستظل تدعو لك بالرحمة والمغفرة بأن يفسح لك في قبرك ويبارك لك في عقبك. فلك الدعوات منا كل يوم وما لاحت على الدنيا ترابا. فالحمد لك يا رب أولاً وآخراً، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.