في ليلة مليئة بالطمأنينة والروحانية من ليالي رمضان لعام 1435 ه كنا داخل مسجد الحي، وبعد أن صلينا التراويح مع إمام تلهج الألسن بالدعاء له، هممنا بالخروج من المسجد، وكانت رفيقتي امرأة كبيرة قد أخذت حذاءها وارتدته في نهاية المصلى، وإذا بصوت يعلو من جهة اليسار من امرأة في الثلاثين وبدأت تشجب وتستنكر وتهاجم وتقلل من طريقة فهم المنصوحة وعدم تعظيمها المسجد، وقد تدخلتُ بطريقة تعطي للكبيرة كيانها ومنزلتها وتُبقي للنصيحة قدرها؛ ولكن عبثا أحاول مع الناصحة، فما كان منا إلا أن ننهي الحديث بالخروج إلى منازلنا. والأمثلة كثيرة ومتكررة في اليوم والليلة بنفس الصورة والكيفية من أشخاص يحبون الله ويعظمون مساجده، ولكن لم يعرفوا بعد أن الكلمة الطيبة الرفيقة هي الواجبة والأكثر تأثيرًا في الموقف. ما يجب أن ندركه جميعا هو أن النصيحة واجبة من المسلم للمسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي تجعلنا خير أمة أخرجت للناس، وأن النصيحة لها شروط وآداب يطول الحديث عنها، وأن الله تعالى قال لموسى وأخيه (اذهبا إلى فرعون أنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) فما بالك إن كانت هذه النصيحة داخل المسجد وللمسجد، فهناك من يعنف المصلين لأي أمر يحدث منهم بقصد أو بغير قصد. إن نصيحة المسجد لها قداسة مستمدة من قداسة وعظم مكانته في نفس المؤمن، فمهما أحدث المصلي من أمر يخالف الدين والأدب فلا ينصح بغلظة وعنف، بل يتوخى الأدب في البيان والرقي في الحديث معه، حتى نجني ثمرة النصيحة بتعديل السلوك والفعل الذي لا نريد، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فالمسجد بيت لله، ولك أن تتفكر كيف يكون التعامل مع بيت الله ومن حضروا لبيت الله.