انقسم العلماء في الرأي حول صحة التقدير في مسألة خصوصية المسجد النبوي، والتي سبق وأثارها عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع، واجتهد في توضيح الأبعاد المكانية لحرم المسجد النبوي فقال: (المشهور لدى أهل العلم أن للمسجد الحرام خصوصيات لا تثبت للمسجد النبوي، ومنها أن المسجد الحرام لدى جمهور أهل العلم ومحققيهم هو مكةالمكرمة داخل محيط أعلامها، وأن المسجد الحرام أعم من أن يقصد به مسجد الكعبة، وأن الصلاة في عموم أحياء مكةالمكرمة مما هو داخل الأعلام تزيد عن مائة ألف صلاة كما جاء النص النبوي بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والمشهور كذلك عن جمهور أهل العلم أن الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزيد عن ألف صلاة عما سواه، وأن مسجد رسول الله لا يتناول غيره من بقية مساجد أحياء المدينة غير ما هو كما هي الحال في مكةالمكرمة. وقد كان عندي تأمل في قصر مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسجد نفسه دون ما كان خارجه من أحياء المدينة. خرجت من ذلك التأمل برأي قابل للنقاش والرجوع عنه في حال ظهور الخطأ، هذا الرأي يتلخص أن المقصود بمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل ما كان داخل حدود المدينةالمنورة ما بين لابتيها شرقًا وغربًا، وما بين عير وثور شمالًا وجنوبًا). وفي الرد على اجتهاد المنيع فضل بعض العلماء التمهل في القطع برأي إلى ما بعد الدراسة والبحث، بينما عارضه الجانب الأكبر منهم إذ رأوا أن المسجد النبوي مخصوص بمكان المسجد فقط، واتفق معه آخرون أن اسم المسجد عام شامل لما يشتمل عليه المسجد في داخله وأطرافه إذا كان متصلًا بالمسجد، كالساحة والفناء والدهليز والسرداب والسطح فكله تابع للمسجد وله حكم المسجد وأكدوا أنه كلما توسع المسجد النبوي دخل في حكم الزيادة حكم المزيد، (الرسالة) بسطت الموضوع أمام العلماء وخرجت بالمضامين التالية:
في البدء أوضح عضو هيئة كبار العلماء الشيخ علي بن عباس حكمي بأن الصلاة تضاعف في جميع حدود الحرم المكي الشريف وليس في المسجد فقط، أما المضاعفة في حدود الحرم النبوي بمدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكما ذكر الشيخ الدكتور عبدلله المنيع، سيتم البحث معه في هذا الرأي في جلسة علمية خاصة بين العلماء وبعد الإجماع على رأي واحد سيتم ذكره علانيةً، وهذه المواضيع لا نريد منها إثارة الخلاف بين العلماء عن طريق وسائل الإعلام، وشدد قائلًا: إننا سوف نتناقش مع الشيخ المنيع بشكل خاص، وعند توصلنا لرأي فلا مانع من إعلانه للإعلام لاحقًا. التوسع والزيادة من جهته بيّن المستشار بالديوان الملكي و وزارة العدل الشيخ الدكتور عبدالمحسن العبيكان أن مضاعفة الأجر في الصلاة داخل المسجد المكي به فرق بينها وبين الحرم المكي ومكة، مبينًا أن الصلاة داخل الحرم المكي يتضاعف الأجر فيها وليس الأمر مقتصرًا على المسجد فقط، وإنما يشمل جميع الحرم من حد التنعيم إلى الجعرانة. وأكد أن المدينةالمنورة ليست كمكةالمكرمة، وإنما يتضاعف الأجر في الصلاة داخل المسجد النبوي «فقط»، منوهًا أنه كلما توسع المسجد النبوي دخل في حكم الزيادة حكم المزيد، فعند التوسع في بناء المسجد النبوي يصبح الأجر مضاعفًا داخل حدود البناء. دراسة الموضوع من جانبه قال المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله المطلق إن المعروف والمشهور هو مضاعفة الأجر في جميع حدود الحرم المكي وليس المسجد فقط وهذا الذي كان متداولًا عند الكل، منوهًا أن مسألة حدود الحرم النبوي هذه كان للشيخ عبدالله بن منيع رأي فيها؛ ولهذا سيتم دراسة الموضوع فيها، ومن ثم سنخرج بالنتيجة. مسجدي هذا وبيّن رئيس القسم العلمي بحملة السكينة الدكتور ماجد المرسال أن الصلاة في المسجد النبوي يتضاعف الأجر فيها داخل المسجد فقط مع الأخذ بالاعتبار أن جميع المدينة حرم وبها حرمات كحرمة صيد البر وقلع شجره وإقامة الحد وأخذ لقطته، ولكن مضاعفة الأجر تكون بالمسجد فقط وليس الحرم كاملًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر انه ما بين لابتيها حرم ولكن المضاعفة لا تشمله. وأضاف المرسال أن الحرم المكي له عدة خصائص ولهذا أجر الصلاة يتضاعف في جميع الحرام المكي وليس في المسجد فقط وذلك لأن النبي أسري به من بيت أم هاني وفي القرآن ذُكر أنه في المسجد الحرام، وهذا دليل على أن ما جاور المسجد الحرام من الحرام، والأمر الثاني قول الله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) والهدي داخل الكعبة وهو داخل حد الحرم، والأمر الثالث هو قول الله جل وعلا: (من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) وهذا دليل أن من يسكن مكة ليس عليه هدي وهناك نسبة كبيرة من الناس تسكن مكة في حدود الحرم وهذه الأدلة تجمع أن الحرم في مكة يتضاعف الأجر فيه، والنبي عندما تكلم عن المسجد النبوي قال: (في مسجدي هذا). مساجد أخرى وقال الدكتور محمد رأفت عثمان العميد السابق بكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: إن الشيخ ابن منيع اجتهد وعرض أدلته بأدب تؤكد ميزة العالم وتواضعه وهذا السمت هو الذي يجب أن يسود في كل اجتهاداتنا. وأشار إلى تغليب الرأي القائل بأن مسجد النبي يعني المسجد وتوسعاته ولا يعني محيط المدينة بكاملها لان النبي خصص مسجده حين قال «ومسجدي هذا» في الوقت الذي توجد فيه مساجد أخرى في المدينة والصلاة مثلا في مسجد قباء تختلف عن الصلاة في المسجد النبوي ومن ثم يشمل المسجد النبوي المسجد وما يتبعه من توسعات أو امتدادات ولو كان الأمر كذلك لكانت الصلاة في أي بقعة من المدينةالمنورة لا تستلزم الصلاة في المسجد النبوي وما كان الأمر يستلزم التوسعة وتحديد معالم المسجد النبوي. وأوضح عثمان إلى أن الناس خارج المسجد النبوي يمارسون حياتهم العادية من بيع وشراء وتجارة وهذا لا يصح داخل المسجد وهو ما يعني قدسية المسجد ولو كانت المدينة كلها حرم للصلاة والتعبد لما سمح للناس أن يمارسوا أمور حياتهم العادية والأمر يختلف عن الحرم المكي حيث تعتبر مكة محرمة على غير المسلم ومن ثم تعتبر حرمًا آمنًا للمسلمين والأرجح إن يكون المسجد النبوي هو ما حدد بمعالمه وليس المدينة كلها. التأويل والتأكيد ورأى الدكتور أحمد السايح أن ما رجحه الشيخ المنيع يستند إلى بعض ما قاله النبي وهذه الأقوال تحتمل التأويل وليس التأكيد على أن المسجد النبوي يعني المدينة بكاملها فقول النبي «لا تمنعوا إماء الله بيوت الله وبيوتهن خير لهن» هو قول معمم لا يعني أن النبي كان يقصد أن بيوت المؤمنات بديل للمسجد النبوي في ذاته ولكنه يعني أن البيوت بديل للمرأة عن المسجد وفي ذلك تخفيف لهن ولو كان المسجد النبوي مقصود به المدينة بكاملها لما تواتر الناس حول المسجد وتحديد جهاته كما أن المدينة بها مساجد أخرى ويختلف ثواب المصلي في المسجد النبوي عن الصلاة في أي مسجد آخر واعتقد أن رأي الشيخ ابن منيع مردود عليه وان كان قد أحسن العرض. الاقتراب من المسجد من جهته أوضح المشرف على كرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة بجامعة الملك سعود الدكتور خالد القاسم أن الصلاة كما هو معروف عند جمهور العلماء تتضاعف لمائة ألف صلاة داخل جميع حدود الحرم المكي، ولكنهم بينوا أن تضاعف الصلوات في المسجد النبوي يكون داخل المسجد فقط، مبينًا أن عضو هيئة كبار العلماء كان له رأي في هذا الموضوع. وبين القاسم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر نساءه بالصلاة في المسجد وكما هو معروف أن الصلاة في المسجد أفضل مما سواها وكذلك الصلاة في المدينة أفضل مما سواها، فكلما اقترب الشخص من المسجد كان أفضل وكلما أدى صلاته بالصف الأول كان أفضل كذلك. منوهًا أن الأدلة في موضوع مضاعفة الأجر في الحرم المدني أو المسجد ليست بصريحة، مبينًا أن بعض المذاهب أوضحت أن تضاعف الأجر يكون داخل حدود المسجد القديمة وآخرون بينوا أنها تتسع باتساع المسجد ولكن قول أكثر العلماء أنها تتسع باتساع ساحة المسجد. خلاف التوسعات من جهته أوضح الشيخ علي حريصي أن الصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان في تفضل ما سواها بألف صلاة بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»، مبينًا أن هذا الأمر باتفاق أهل العلم. منوهًا أن التضعيف بذلك بخلاف المسجد الحرام فإنه لا يختص بما كان لأن الكل يعمه اسم المسجد الحرام، والإشارة في الحديث إنما هي لإخراج غيره من المساجد المنسوبة إليه -صلى الله عليه وسلم-. وخلاصة القول: إن الفضل المذكور في تفضيل الصلاة خاص بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وما زيد فيه. اتصال الصفوف وقال القاضي بالمحكمة العامة بالرياض وعضو مجلس الشورى الشيخ سليمان الماجد إن مضاعفة الصلاة في المدينة خاصة بالمسجد النبوي وساحاته إذا اتصلت الصفوف، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» فقوله: هذا دليل على إرادة المسجد فقط، ولكن قد يكون في هذا نظر. مكة والمشركين وأوضح رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض الدكتور حسين العبيدي أن هذه المسألة محل الخلاف بين العلم قديمًا وحديثًا، والصحيح أن مضاعفة أجر الصلاة يشمل الحرم (المكي) كله ولا يختص بالمسجد فقط ودليل ذلك أن المشرك ممنوع من دخول الحرم كله وقد جاء النهي عن قربان المشركين المسجد الحرام فقال تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، مبينًا أنهم ممنوعون من دخول الحرم كله فيطلق المسجد الحرام ويراد الحرم كله، كما قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)، وأوضح العبيدي أن عامة المفسرين بينوا أن الإسراء كان من بيت أم هانئ، ويؤيد هذا ما رواه أبو داود الطيالسي من طريق عطاء أنه قيل له: هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم؟ قال: بل في الحرم لأنه كله مسجد، منوهًا أنه عُرف عن الحرم المكي المضاعفة. المسجد شامل أما ما بينه الشيخ عادل الكوكبي فقد عبر بأن الصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف صلاة في غيره من المساجد، كما أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وقد وردت بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة والحسنة. منوهًا أن اسم المسجد عام شامل لما يشتمل عليه المسجد في داخله وأطرافه إذا كان متصلا بالمسجد، كالساحة والفناء والدهليز والسرداب والسطح فكله تابع للمسجد وله حكم المسجد. وكل ما يزاد فيه من التوسعة كما نشاهد الآن في المسجد الحرام، ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما يضاف إليه من الأطراف حكمه حكم المسجد، من حصول هذه الفضيلة والثواب. خاصية المسجد وبين الداعية الدكتور محمد موسى الشريف أن المسجد النبوي له خاصية ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (وصلاة في مسجدي هذا) هذه إشارة على أهمية الصلاة في المسجد النبوي دون غيره، مع العلم بأن جميع المدينة حرم وكل شيء فيها يعامل كالحرم لكن المعروف أن الصلاة يتضاعف أجرها في المسجد النبوي وهذا الرأي عند أغلب العلماء. ترجيح الاتساع وأكد الأستاذ بقسم الدراسات العليا الشرعية جامعة أم القرى الدكتور ياسين الخطيب أنّ مساحة المسجد النبوي في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- تختلف عنه في العصر الحديث، حيث إنّ العلماء والفقهاء رجّحوا بأنّه كلما اتسع المسجد النبوي كان أجر الصلاة فيه بألف صلاة، موضحًا بأنّ حدود المسجد لا تقتصر وفقًا على الحدود التي كانت متعارف عليها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ أنّه وفي زمن الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان تمّ توسيع الحرم النبوي ولم يعترض عليه أحد من فقهاء عصره. وفيما يتعلق بالصلاة خارج حدود المسجد النبوي، يعتقد أنّ أجر الصلاة يتضاعف فيه داخل حدود الحرم دون خارجه مستشهدًا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البخاري ومسلم في الصحيحين حيث قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»، وهذا دلالة على أنّ الأجر يقتصر فقط على حدود المسجد. ورأى الخطيب أنّ صلاة المرأة في بيتها أفضل من الصلاة في المسجد النبوي والحرام كما ذكر هذا وبينه أهل العلم، منوهًا على أنّ قوله -صلى الله عليه وسلم- للنساء وخاصة نساء المدينة: «لا تمنعوا إماء الله بيوت الله وبيوتهن خير لهن» هذه المسألة لا تدخل في إطار عظم وفضل أجر الصلاة بالمسجد النبوي، فهي مسألة مختلفة ولا ينبغي ربطها بقضية أفضلة الصلاة في المسجد النبوي. مقصود الأجر ومن جانبه قال الباحث في الشؤون الشرعية الدكتور محمود زيني: إنّ المدينةالمنورة ليست مقصورة على المسجد النبوي، مشيرًا إلى أنّ الحديث القائل عن النبي: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة» يدل على أنّ الصلاة في حدود المدينةالمنورة تساوي ألف صلاة سواء كان في المسجد النبوي أو خارج حدوده، لكنّه أشار إلى أهمية عدم هجر المسجد النبوي بل لا بدّ من الذهاب إليه وزيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- والسلام عليه وزيارة قبور الصحابة. وبيّن زيني أنّ مقصود الأجر الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه يتمثل في المدينة بأكملها، والأجر يكون واحدًا في كل ركن من أركان المدينة وأجزائها ويستشهد زيني في ذلك بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما أراد بنو سليم ترك بيوتهم والانتقال بالقرب من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصلاة في مسجده طلبًا لمضاعفة الصلاة فيه وحينما علم رسول الله بذلك نهاهم وقال: «دياركم بني سليم تكتب آثاركم» وهذا دلالة على أنّ حدود الحرم النبوي لا تقتصر على المنطقة المحددة بل تشمل كل جوانب المدينةالمنورة وأجر الصلاة فيها تكون بألف صلاة كما في الحديث الصحيح. زمن عمر وبدوره أكد عميد معهد الأئمة والخطباء بجامعة طيبة الدكتور مصطفى مخدوم أنّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي نصّ على أنّ صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة يدل على أن الأجر يشمل حدود المسجد والتوسعة التي أدخلت عليه كما قال الصحابي عمر بن الخطاب: «لولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد توسعة المسجد لما وسعته، ووالله إنّه لمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو امتد إلى ذي الحليفة، أو ولو امتد إلى صنعاء»، حيث نشأ هذا التساؤل في زمن عمر -رضي الله عنه- عند أول زيادة زادها في المسجد النبوي، فرأى بعض الصحابة يتجنبون الصلاة في تلك الزيادة ويرغبون في القديم منها. واعتبر مخدوم أنّ مثل هذه المسائل تعدّ توقيفية ويحتاج النظر فيها من جوانب متعددة، حيث إنّ مضاعفة أجر الصلاة يقتصر على حدود الحرم النبوي فقط ولا يتعدى كامل حدود المدينةالمنورة، مشيرًا في نفس الوقت بأنّ صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد النبوي والمسجد الحرام وفيه دلالة على أنّ الفضل يأخذ جوانب متعددة وأخرى ولا يقتصر على فضل واحد. بنو سليم واعتبر الأكاديمي والباحث الشرعي الدكتور سلطان العمري، أنّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما قال: «دياركم بني سليم تكتب آثاركم» هذا فيه دلالة على أنّه لم يؤمر بنو سليم ترك الصلاة في المسجد النبوي وإن كان النهي متعلق عن ترك ديارهم، وذلك لأنّ الصلاة في المسجد النبوي أكبر وأعظم من الصلاة في أي مكان آخر دون المسجد الحرام، فهم كانوا يصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقطنون ديارهم البعيدة عن الحرم النبوي، مؤكدًا بأنّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي نصّ على أنّ «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة» يدل دلالة واضحة على أنّ الأجر يشمل حدود المسجد. أما قوله -صلى الله عليه وسلم- للنساء وخاصة نساء المدينة: «لا تمنعوا إماء الله بيوت الله وبيوتهن خير لهن» فهذا نص ليس صريحًا في الدلالة والثبوت وهذه المسألة تقتضي أنّ صلاة المرأة في بيتها خير لها من الصلاة حتى في المسجد الحرام والنبوي مع عدم منع المرأة من ارتياد المساجد، مع أنّ بقائها في بيتها أفضل وأوجب لها وذلك لسد ودرء باب الفتنة التي قد تتعرض له أثناء خروجها من بيتها.
----- الدحيم: مضاعفة الأجر يشمل جميع حدود الحرم المدني لأن خطاب الشارع مطلق رأى المستشار القضائي والشرعي الدكتور محمد بن صالح الدحيم أن الشارع الحكيم نوه في طريقة خطابه سواء عن طريق القرآن والسنة، بأن الأحكام العامة تظل عامة ما لم يشملها التخصيص، والمطلقة تبقى مطلقة دون تقييد، وبيّن أن الصلاة في المسجد النبوي كما ذكرها عليه الصلاة والسلام بقوله: (ومسجدي هذا) هي الصلاة في المسجد فقط. ولكن الذي يرد على هذا القول قول الله سبحانه وتعالى: (هديا بالغ الكعبة)، والهدي يذبح في منى والذي يظهر أن فضل الله واسع ولا ينبغي تحجير الواسع، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر أصحابه ممن كانوا يصلون في مساجد بجوار الحرم المدني أن يصلوا في المسجد الحرام وهذا يدل على شمولية الأجر سواء داخل المسجد النبوي أو خارجه. وأضاف أن الحرمين الشريفين سموا بالحرمين واستخدمت لهم ميزة التحريم وهي ميزة نبوية محمدية بخلاف المسجد الأقصى الذي استخدم فيه التقديس في الشريعة الموسوية. واختتم الدحيم بأن مضاعفة الأجر في الصلاة يشمل جميع حدود الحرم المدني لأن خطاب الشارع يبقى مطلقًا والأصل فيه الإطلاق وأن الشارع الحكيم له طريقة في الخطاب ليست كطريقتنا. ----- آل مسبل: المقصود بالمسجد النبوي حدود البناء التي عليها الآن شرح رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بمجلس الشورى الشيخ عازب آل مسبل أن المسجد النبوي مخصوص بمكان المسجد فقط، أما المسجد الحرام فإنه يشمل جميع حدود الحرم وقد استدل العلماء على هذا بأدلة من القرآن الكريم كما قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) والله سبحانه وتعالى سماه المسجد الحرام والنبي -صلى الله عليه وسلم- أسري من بيت أم هانئ في شعبة عامر وهذا دليل على أن المضاعفة تكون في الحرم كاملًا وليس المسجد فقط، مبينًا أنه المسجد النبوي يقصد به المسجد في حدوده التي عليها الآن ولو توسع المسجد فإن مضاعفة الأجر في الصلاة ستكون داخل بناء المسجد فقط. ---- باشا: لو أخذنا بهذا الرأي لاكتفى الناس بالصلاة في أي مسجد في محيط المدينة أوضح أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة عين شمس بمصر الدكتور عبدالمقصود باشا أن الشيخ المنيع أخطأ في دلالاته لأن الرسول أنشأ مسجده في المدينة وحدثت توسعات بعد ذلك على امتداد التاريخ ولم تكن المدينة على عهد الرسول مثلها اليوم ولا يمكن القول بأن المسجد النبوي يشمل المدينة كما يشير الشيخ المنيع خاصة أن المدينة حدثت بها توسعات كثيرة وبها من المساجد غير المسجد النبوي ولا يصح أن تكون الصلاة في أي مسجد من مساجد المدينة مثلها مثل الصلاة في المسجد النبوي الذي يقصده الناس من كل بقاع الأرض ولو أخذنا بهذا الرأي لاكتفى الناس بالصلاة في أي مسجد في محيط المدينة كبديل عن المسجد النبوي وهذا لا شك يقلل من قدسية المسجد النبوي الذي أراد الله أن يكون مزارًا للناس بغرض التقرب إلى الله، وقد خص الله سبحانه المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي بأنها المساجد التي تشد الرحال إليها، والتخصيص والتحديد في ذاته يؤكد قدسية المسجد النبوي وأهميته للمسلمين، حيث يظل رمزًا يرتبط بالتاريخ الإسلامي، فإذا ما جرت توسعة المسجد النبوي، كما يجري الآن لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين، فهذا جائز، وتكون التوسعة في نطاق وحرم المسجد، ولم يكن المسجد النبوي حين أسسه النبي كما هو الحال عليه الآن، وقد شهد توسعات كثيرة على مر التاريخ، ولكن هناك ملامح محددة تتم التوسعة في إطارها، ولا يمكن لأحد أن يبتعد عن هذه الأطر؛ لأن الانطلاق في أي توسعة يتم بناءً على ما أسسه نبي الله، ولا يستطبع أحد أن ينقل المسجد النبوي من مكانه إلى مكان آخر.