منح البرلمان التونسي أمس الخميس الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف، الحبيب الصيد، في وقتٍ أثيرت تساؤلات عن قدرة العلمانيين والإسلاميين التونسيين على العمل سويَّاً والتغاضي عن الخلافات العميقة بينهم. ويهيمن حزب نداء تونس المعادي للإسلاميين على حكومة الصيد الائتلافية باعتباره الفائز بالانتخابات التشريعية التي أُجرِيَت في أكتوبر 2014. لكنها تضم أيضاً حركة النهضة الإسلامية التي حلَّت الثانية في الانتخابات التشريعية. وصوَّت لصالح الحكومة 166 نائباً من إجمالي 204 نواب حضروا الجلسة العامة المخصصة للتصويت، في حين عارض منح الثقة 30 نائباً وامتنع 8 عن التصويت. وبحسب الدستور التونسي الجديد، كان يتعيَّن أن تحصل حكومة الصيد قبل مباشرة عملها على ثقة «الأغلبية المطلقة» من نواب البرلمان؛ أي 109 من إجمالي 217 نائباً. وتتألف الحكومة من 27 وزيراً و14 كاتب دولة (وزير دولة) بينهم 8 نساء (3 وزيرات و5 كاتبات دولة)، وتضم الحكومة مستقلين ومنتمين إلى 5 أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان هي نداء تونس (86 نائبا) وحركة النهضة (69 نائبا) والاتحاد الوطني الحر (16 نائبا) وآفاق تونس (8 نواب) والجبهة الوطنية للإنقاذ (نائب واحد). وسعى «نداء تونس» في البداية إلى عدم إشراك «النهضة» في الحكومة لوجود خلافات أيديولوجية بينهما ولكونه اتهم الإسلاميين بالتورط في اغتيال السياسيين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إلا أن تلويح الحركة الإسلامية بالامتناع عن منح الثقة للحكومة دفع العلمانيين إلى التراجع والقبول بمشاركة خصومهم وسط تساؤلات من قِبَل سياسيين ومراقبين لعملية الانتقال السياسي في تونس عن مدى قدرة الطرفين على الاستمرار في تجاهل الاختلافات بينهما والبقاء في هذا الائتلاف طويلاً. وقبل أيام، تحدث قياديون في «النداء» عن غضبٍ بين جمهور الحزب الذي منحه صدارة الانتخابات التشريعية وأوصل زعيمه الباجي قائد السبسي إلى موقع الرئيس؛ بسبب ضم «النهضة» إلى حكومة ائتلافية. وسبق ل «النهضة» أن عَمِلَت مع حزبين علمانيين هما المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، إلا أن الاحتجاجات التي قادها علمانيون ضد هذا الائتلاف الحكومي دفعته إلى التفكك. وكان الرئيس، الباجي قائد السبسي، كلَّف في ال 5 من يناير الماضي الصيد (65 عاما) بتشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة بعدما رشحه إلى هذه المهام حزب نداء تونس باعتباره الفائز في الانتخابات التشريعية. وليس للصيد انتماءات سياسية معلنة، ووُصِفَ من قِبَل «نداء تونس» بأنه شخصية مستقلة علماً أنه شَغِلَ مسؤوليات عدة في عهد الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، منها رئيس ديوان مكتب وزير الداخلية. وبعدما أطاحت الثورة مطلع 2011 بنظام بن علي، تولى الصيد وزارة الداخلية في حكومة قائد السبسي التي قادت البلاد حتى إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011، قبل أن يُعيَّن مستشاراً للشؤون الأمنية في حكومة حمادي الجبالي التي تشكلت في نهاية العام ذاته.