بسحنته الممزوجة بملامح فريدة من الجدية والتواضع وبنظرات حادة تعكس خبرة طيار ماهر وابتسامة تسبق كلامه وتتعانق مع أجواء الأماكن التي يزورها، عمل الأمير مقرن في الميدان وفي السماء وعلى كرسي المسؤولية عقوداً من الزمان ولا يزال يصدر الحيوية، ويبث النشاط ويكرِّس مناخات العشق الوطني داخلياً وخارجياً . للأمير مقرن كاريزما خاصة من التواضع والانغماس بين شرائح المجتمع، فطوال خدمته الوطنية يعيش باستئناس بين الناس يجول دون مواكب رسمية وبلا بروتوكولات، يعرفه الموظفون تحت رئاسته بينهم، ويراه المواطنون فيهم ووسطهم يعيش آلامهم ويتعايش مع آمالهم، لذا كان عنواناً ثابتاً للشخصية البسيطة المنبسطة رغم هالات المنصب والاسم وحالات الصلاحيات والمسمى وإن أردت التفاصيل فستجدها في قراراته، تعاملاته، تفاعلاته مع الهم الوطني والهموم الإنسانية. في ليالي نجد كان الأمير يتابع من قصر والده حركة المجرات والأجرام والكواكب ليلاً، فكان ولا يزال عاشقاً للفلك والفضاء فيما كان صباحاً يحزم حقيبته الملوءة بالكتب المعرفية بجانب كتب الدراسة، فكان تلميذاً بارعاً في معهد العاصمة النموذجي صباحاً ومثقفاً يقرأ أبعاد الفكر ليلاً مقتنصاً كل فرصة في بلاط والده لينهل من لقاءات السياسة وعلاقات الدول، في وقت كان يراقب أسطول الطائرات الحربية وهي تؤسس منظومة دفاعية وهجومية بارعه واضعاً في قلبه حلم الطيران وفي عقله آمال الإنسان وفي دمه تفاصيل حُب الوطن. التحق الأمير مقرن في الستينيات بالقوات الجوية وطار إلى بريطانيا لإكمال تعليمه وصقل مهاراته في حقل الطيران، وعاد وعمل في هذا القطاع حوالي عقد ونصف العقد، كان فيها مسؤولاً مميزاً وقائداً حربياً من طراز نادر، وسجل في أجندات العمل الجوي إنجازات على مستوى قيادة الطائرات التي تعشق طلعاته وإبداعاته أو في مجال العمليات الجوية والتدريب. استدعته الثقة الملكية، فترك عشقه في الطيران ليطير في فضاء مسؤولية جديدة أميراً لحائل التي مكث فيها حوالي عقدين، راهن فيها على علو عروس الشمال كدرة في شمال الوطن وعازفة النماء عاشقة للتنمية وترك للحائليين ولجبال أجا وسلمى رصيداً كبيراً من العطاء متنامياً من التطور ودَّع حائل بعد أن ناداه الوطن لحمل مسؤولية إمارة طيبة الطيبة التي كانت وجهاً آخر لمعادلة عشق وطني جديد ونماء تنموي مديد وظل فيها ستة أعوام حفلت بالعطاء واحتفلت بالسخاء في مختلف ميادينها. وفي عام 2005 تولى الأمير مقرن الملف الأخطر في البلاد، حيث رأس جهاز الاستخبارات الذي ظل فيه ست سنوات، وفي عهده شهد هذا الجهاز المهم تطورات كبرى ونقلات متواكبة قادته إلى تميز فعلي في المهام المناطة بهذا الجهاز الأمني الفاعل، وذلك عندما رتب وهيكل الجهاز وصاغ تفصيلاته وواكب وطور مراحله المستقبلية . وفي عام 2012 خرج من الاستخبارات من بابها الأمامي، تاركاً دروب إنجازاته مضيئة لمن خلفه، وعُيِّن في مسؤولية وطنية جديدة كمستشار ومبعوث خاص لخادم الحرمين الشريفين، وخلال هذا المنصب عانق الأمير مقرن أجواءً عربية وعالمية وفي يده حقيبة السياسة وعلى عاتقه عشق وطن وفي فكره تباشير العلاقات الدولية ومصالح البلاد، وفي عام 2013 مُنح الأمير مقرن الثقة الملكية كنائب ثان لرئيس مجلس الوزراء، إضافه إلى منصبه وفي عام م2014 تم تعيين الأمير مقرن ولياً لولي العهد إضافه إلى منصبه السابق نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الأمير مقرن والمسؤولية وجهان متكاملان للوطن، عقود طويلة والأمير مقرن يرسم على أرض الوطن تطلعات وآمال لا تعترف إلا بالطليعة تماماً كالطلعات الجوية التي كان يروض فيها طائرات الأسراب في السماء وحول القواعد الجوية. الأمير مقرن توليفة خاصة من الثقافة والفكر، فهو من عاشق لعلوم الفلك والمجرات والرصد إلى مهتم وملم بعلوم التقنية والشعر والثقافة بمختلف ميادينها، يعشق صحبة الكتب وعشرة المكتبات، يقضي وقتاً كبيراً على الرغم من مسؤولياته في إثراء عقليته المملوءة بالهموم الوطنية والإنسانية مستريحاً في واحة إبداعية منحته الثقافة فمنحها الإبداع. الأمير مقرن قامة سامقة في المسؤولية والوطنية والفكر والإنسانية، تعرفه خارطة الوطن أرضاً وسماءً وتتواءم معه القلوب والعقول كمنهج وعطاء متجدد ومستقبل مجيد وحاضر ماجد في شخصية إنسان واحد. في يوم الجمعة الثالث من ربيع الآخر استقبل الأمير مقرن ولاية العهد كثاني رجل في قيادة دفة شؤون البلاد وعضدٍ وسندٍ لأخيه الملك سلمان، واضعاً أمام عينيه أفق مجد في ولاية العهد، مقرناً منصبه بتطلعات المرحلة وتحديات المهمة مقترناً بأفق بعيد لإنجازاته وأهداف وآمال شعبه ووطنه وقيادته. الوطن يحمل تفاصيل ومجلدات عطاء وتفصيلات متواصلة من التخطيط والعمل والمستقبل بتوقيع ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز .