أَكْتُبُ مقالتي هذه بعد أيَّامٍ رَأيتُ فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز واقفاً شامخاً صامداً يستقبل المعزِّين بالملك الراحل والمبايعين له بالمُلْكِ حارساً للوطن ورائداً لتنميتِه مستكملاً ومطوِّراً، ومؤكِّداً لمكانة المملكة السياسيَّة والاقتصاديَّة إقليميَّاً وعالميَّاً، ومُشْعِراً شعبه بوقوفه بينهم ومعهم لاستكمال المسيرة، أكتبُها وأكاد أجزم أنَّه في شعوره بالمصاب بالفقيد، وفي خضِّم مسؤوليَّاته الوطنيَّة والعربيَّة والإسلاميَّة والعالميَّة المضافة عليه مَلِكاً للبلاد وخادماً للحرمين الشريفين لن يقرأَها وهو القارئ المتابع للصحافة، وإن كنتُ أحلم بذلك، أكتبُها وأعلم بأنَّها لن تضيف للمثقَّفين المعاصرين لسلمان عن سلمان شيئاً، لكنِّي أكتبُها للشَّباب الذين ما تعرَّفُوا عليه ثقافةً وحصافةً وحكمة وسياسةً وعطاءً خيريَّاً وإنسانيَّاً وإسهاماً تخطيطيَّاً للتنمية وأدواراً وطنيَّة، ولأولئك المرجفين المخذولين بتوهُّماتهم المصدومين بالانتقال السلس للحكم من سلفه إليه، وبترتيباته لمسار الحكم انتقالاً لجيل أحفاد المؤسِّس -رحمه الله-، أكتبُها وأعلم أنَّني لن أستطيع أن أوفيَّه حقَّه قائداً عَمِلَ وسيَعْمَلُ -بمشيئة الله-، وأنَّ مساحةَ مقالتي لن تستوعب ما أستطيعه. مَاذَا سَأَكْتُبُ عَنْ سَلْمَانَ فِي الصُّحُفِ وَهْوَ الخَبِيْرُ بِمَا فِيْهَا كَمُحْتَرِفِ؟ فسلمان بن عبد العزيز رائدُ الفكر صديقُ الصحافة يتفاعل معها، ويطالب المسؤولين بذلك، يلتقي بالمفكِّرين وبالمثقَّفين وبالإعلاميِّين، ويحاضرُ بهم عن الأسس التاريخيَّة والفكريَّة للوطن، ويحاورهم متبادلاً معهم وجهات النظر، قال ردَّاً على مريدي الحجر على الفكر والإعلام: «أعتقد أنَّ الحلَّ الطبيعيَّ أنَّ الإعلام إذا كتب شيئاً يخالف المصلحةَ أو العقيدةَ فعند طلبة العلم ومفكرينا الفرصةُ للردِّ، وأنَّ الذي يكتب ناقداً ومعه حقٌّ في نقده آخذُ به وأشكره عليه، وإذا جانَبَه الصوابُ يعطيني فرصةً لأردَّ عليه»، مَنْهَجٌ لتقويم الإعلام، وقال للوزراء: «إنَّ عليهم التفاعلَ مع الصحافة والردَّ على ما ينشر فيها»، هادفاً لخلق بيئة تفاعليَّة بينها وبين المسؤول؛ مبرِّراً هذا بقوله: «ليتمَّ النقدُ المساعد بتقويم مسار العمل الحكوميِّ»، مسيرة تفاعليَّة وقربٌ من الإعلام تشير لحرصه على الاطِّلاع على ما ينشر في الصحف المحليَّةِ والعالميَّة، بل ويردُّ على الكتَّاب كرده المعنون ب: «الإنسان إذا لم يكن وفيَّاً لمسقط رأسه لا يكون وفيَّاً لوطنه»، على الكاتب صالح الشِّيحي المنتقدِ زيارة 30 طبيباً من أبناء محافظة الزلفي تطوُّعاً لمستشفى الزلفي العام للاطِّلاع على الأجهزة والآليَّات الطبيَّة واستقبال المحافظ لهم، المعتبرِ تلك الزيارة تكريساً للمناطقية، موضِّحاً في رده أنَّه ليس دفاعاً عن أحد وإنما إيضاحاً لما في عنوان رده. تَخْطِيْطُه لِرِيَاضِ المَجْدِ عَاصِمةً عَصْرِيّةً فِي رُؤَى التَّمْدِيْنِ غَيْرُ خَفِي فليس غريباً أن تُرى أرضٌ جرداء وسط نجد لم تكن مقصداً لطالب رزق ولطالب علم أو لسكن لتُصبحَ أنموذجاً لمدينة عصريَّة تضاهي كبريات مدن العالم، فاللافتُ للنظر هو قائدُ التحديات المخطِّطُ المتابعُ الداعمُ المنجزُ، إنَّه سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميراً للرياض، فتخطيطُها بشوارعها وتنميتُها ونهضتُها، من طرقٍ دائريَّة وجامعاتٍ حديثة ومراكزَ ماليَّة وتقنية وطبِّيَّة وتجاريَّة ومشاريع بيئيَّةٍ وإسكانيَّةٍ وِبُنْيَةٍ تحتيَّةٍ وأنفاقٍ ومترو هي نتاجُ رؤى سلمان وتخطيطه. أَعْمَالُه فِي مَجَالِ الخَيْرِ سَامقَةٌ مُبَادِرٌ لِذَوِي الحَاجَاتِ فَهْوَ حَفَي حظي العملُ الإنسانيُّ والخيريُّ والتطوُّعيُّ باهتمامِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ صباه، سواءٌ أكان موجَّهاً لأبناء وطنه أم كان موَّجَّهاً للعرب وللمسلمين أو للعالم، تطوَّع عسكريَّاً لصدِّ العدوان الثلاثيِّ على مصر عام 1956م، وترأَّس لجنةَ التبرُّع لمنكوبي السويس آنذاك، فلجنةً للتبرُّعات للجزائر عام 1956م، فأخرى لمساعدة أسر شهداء الأردن عام 1967م، فلجنةً لمساعدة الشعب الفلسطينيِّ، وأخرى لإغاثة منكوبي باكستان بحربها مع الهند عام 1973م، فلجنةً لدعم المجهود الحربيِّ في مصر وأخرى في سوريّا أثناء حرب 1973م، ولجاناً لمتضرِّري السيول في السودان وبنغلاديش وغيرهما، فلجنةً للعون والإيواء للكويتيِّين بعد الغزو العراقيِّ للكويت، فلجنةً للتبرُّعات لانتفاضة القدس عام 2000م، كما نهضَ بالأعمال الخيريَّة بجميع أشكالها من مساعدةٍ لمحتاجي الوطن ماديَّاً وتقديمٍ للخدمات الطبيَّة والاجتماعيَّة لهم، ومن أعمالٍ للتطوير ولإحياء الثقافة وللمحافظة على التراث الوطنيِّ فترأَّسَ جمعياتٍ وهيئاتٍ في هذا الصدد تجاوز عددها 40 جمعيَّة وهيئة. هَذَا وَسِيْرَتُه فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَسْمَى وأَزْكَى مِن التَّارِيْخِ والشَّرِفِ لا أَسْتَطِيْعُ لَهَا حَصْراً مُتَابَعَةً نثراً ولا الشِّعْرُ يَرْويِهَا عَلَى الخَلَفِ لَكَنَّ مَا جَاءَ فِي نَثْرِي يُفَصِّلُهَا مِنْ يَائِهَا لِمُرِيْدِيْهَا إِلَى الأَلِفِ مُثَقَّفٌ وَإِدَارِيٌّ بِحِنْكَتِه مُؤَرِّخٌ بَاحِثٌ فِي فِقْهِه السَّلَفِيْ مُفَكِّرٌ يَتَجَلَّى فِي سِيَاسَتِه بِحِكْمَةٍ يَرْتَقِي فِيْهَا كَمُتَّصِفِ مُحَاوِرٌ فِي مَجَالِ الفِكْرِ مُقْتَنِعاً لا مُبْعِداً فِيْه فِكْراً رَأْيَ مُخْتَلِفِ وَحِيْنَ تُنْقَدُ أَعْمَالٌ تَرَأَّسَهَا فَلَيْسَ يَلْجَأُ فِي مَوضُوعِهَا لِنَفِيْ لَكِنَّه يَقْبَلُ التَّصْحِيْحَ دُونَ هَوَى لا يَتْرُكَ الأَمْرَ للأيَّامِ وَالصُّدَفِ أَعْطَى الشَّبَابَ مِن الأَدْوَارِ مَا طَمِحُوا يَوماً إِلَيْهَا فَلَمْ يَبْخَسْ وَلَمْ يُضِفِ إِنَّ الكَفَاءَةَ والتَّأْهِيْل مَطْلَبُه شَرْطَانِ مَا عَنْهُمَا فِيْهِمْ بِمُنْصَرِفِ مُقَدِّرٌ لذَوِي الخِبْرَاتِ فِي وَطَنِي مِنْ الشِّيُوخِ حَفِيٌّ فِي الرُّؤَى وَوَفِيْ جُهُوده فِي اتِّحَادِ العُرْبِ فَاعِلَةٌ مُسْتَشْعِراً وَاقِعاً يَدْعُو إِلَى الأَسَفِ والمُسْلِمُونَ يُنَادِي فِي تَضَامُنِهِمْ لِيُصْبِحُوا كَتِفاً رُصَّتْ إِلَى كَتِفِ سَلْمَانُ وَالأَمَلُ الآتِي بِكُمْ سَلَفاً تَرْعَى بِتَنْمِيَةِ الآمَالِ كَالسَّلَفِ بِمَوطِنٍ وَلِشَعْبٍ أَنْتَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِمَا وَلْتَدُمْ فِي اللهِ فِي كَنَفِ أَوَامِرٌ حُدِّثَتْ فِيْهَا حُكُومَتُنَا لِتَبْلُغَ المَجْدَ تَطْوِيْراً إِلى الهَدَفِ أَصْدَرْتَها وَتَلاهَا مِنْكَ فَيْضُ نَدَى لِلشَّعْبِ إِنَّ رَبِيْعَ الشَّعْبِ فِيْكَ صَفِيْ