عبدالله بن عبدالعزيز ملك تربع على قلوب شعبه.. لا عرش ملكه وحكمه.. ملك علمنا الحب والرحمة والعطاء.. حقق من الإنجازات في كل المجالات خلال سنوات قليلة ما لم يتحقق في عقود، شهدت المملكة في عهده نهضة اقتصادية وحضارية وتعليمية وثقافية، كما لم تشهدها من قبل. فعلى المستوى الفكري كان رحمه الله صاحب دعوة الحوار الوطني جمع مختلف أطياف الوطن من المفكرين والعلماء والمثقفين بكافة انتماءاتهم وتوجهاتهم، لأجل وحدة الوطن، وكان صاحب مبادرة حوار الأديان والمعتقدات ومختلف الثقافات في العالم، من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في الرياض ومركز الملك عبدالله لحوار الأديان في بروكسل، وما توصلا فيه من نتائج وتوصيات، لاشك أنها تضاف إلى منجزاته الثقافية والفكرية، وتعليمياً أطلق رحمه الله مشروعه للابتعاث للخارج الذي حقق معدلات عالية بتوفير فرص الالتحاق بجامعات العالم لدراسات الجامعة والدراسات العليا، كما أطلق مشروعه لتطوير التعليم من خلال المدارس الأنموذجية المتطورة، رصد له في ميزانية خاصة 80 مليار ريال. وحقق حلمه الكبير بافتتاح الصرح العلمي الكبير جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، التي تعد من مشاريعه التعليمية الخالدة، كما بلغ عدد الجامعات في عهده 25 جامعة بعد أن كان عدد الجامعات حتى عام 2002م أقل من 10 جامعات. وثقافياً كان رحمه الله مهتماً بالثقافة والتراث، منذ أن كان ولياً للعهد، حيث انطلقت فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة قبل 30 عاماً، اهتم خلاله بأدباء وعلماء ومفكري المملكة والعالم. وأولى الملك الراحل الأدباء والمثقفين رعايته واهتمامه، فنحن لا ننسى أن الأندية الأدبية تلقت دعماً سخياً منه رحمه الله، وهو (10 ملايين ريال لكل ناد) استفادت منه هذه الأندية كثيراً، وساهمت في تمكين بعضها من بناء مقارها الثابتة التي تملكها، وقامت بعض الأندية باستثمار الدعم لصالح نشاطاتها وإصداراتها، وملتقياتها الثقافية والأدبية، ودعم إنتاج الأدباء وتطوير الحركة الثقافية، وفي عهده رحمه الله أصبح للثقافة وزارة، بضمها للإعلام، بعد أن كانت مهامها ومسؤولياتها متفرقة بين أكثر من جهة حكومية. لئن فقدت البلاد والعالم، ملكاً له من الحكمة والخصال، ما جعله قائداً وزعيماً قلَّ أن يجود الزمان بمثله، عزيزاً على شعبه، وخليفة صادقاً نال رضا الله بأن أحب شعبه فأحبوه، فإن عزاءنا في خلفه -ولي عهده- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وكلاهما سينتهجان نهج والدهما المؤسس وإخوانهما ممن ساروا على نهجه وسياسته. وعرف عنهما أنهما محبان للثقافة والمثقفين والعلماء والمفكرين، يهتمان بشؤونهم ويشغلهما ما يهمهم. وقد عرف الملك سلمان بأنه صديق الإعلاميين وأصحاب القلم، وكان الأمير مقرن من المولعين بالعلوم والثقافة والأدب، لذا فلأنهما حتماً سيواصلان ما بدأه الملك الراحل ومواصلة سياساته التعليمية والثقافية والتنمية المستدامة من بناء الإنسان السعودي.