قضى عشرة أعوام على عرش الحكم وسوف يبقى ما بقيَ الدهر على عرش القلوب من فرط ما تولَّع به شعبه، وتألَّق به تاريخه، وتفتَّحت به مرحلته حتَّى اختصرت عشرات المراحل . حملت كلماتهم الحزن والألم لرحيل رجل بحجم الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله -.. رجل حمل في قلبه وعلى عاتقه ثقل الامانة، وامتدت رعايته لتتعدى حدود المملكة الي العالمين العربي والاسلامي، وقف الى جانب الحق وحارب العنف والارهاب وبسط كفيه للسلام والامن. رحل الملك عبدالله وهو يحمل في قلبه الخير والحب والسلام والامل في غد مشرق يزيح غبار ما حل بالوطن العربي من حروب وانقسام، عمل جاهدا من اجل ألا يكونا وان نلتف جميعا لنسمو بالاسلام. رجل احب شعبه وعمل على النهوض بوطنه، فحمل له الشعب كل التقدير والاعتزاز والحب. هنا ننقل ما قاله ادباء ومثقفون عن رحيل هذا الرمز الكبير والذي لن ينساه التاريخ. هنا لا نفرق بين مثقف وآخر كبير وصغير، رجل أو امرأة، فالكل مهموم بالرحيل، والجميع يكتب بحزن ربما لا تحمل الكلمات صفة الابداع ولكنها تحمل العفوية والصدق. مرحلة تأسيسية في حديثه عن رحيل الملك عبدالله يقول الدكتور أحمد قران الزهراني مدير عام الاندية الادبية بالمملكة: لم تمر السنوات التي حكم فيها الملك عبدالله بن عبدالعزيز البلاد مرورا عابرا هامشيا بل كانت نقطة تحول في المسيرة الثقافية والإعلامية ففي عهده تم جمع شتات الثقافة في وزارة واحدة كما تم استحداث قنوات فضائية جديدة وتمت لأول مرة انتخابات الأندية الأدبية، كما استحدثت هيئات متخصصة للإعلام وشهدت هذه المرحلة ارتفاعا كبيرا في مستوى الطرح للقضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية بكل إبعادها، لقد كانت مرحلة تأسيس للجانب الثقافي الذي جمع شتاته ووحد قراره في جهة مسؤولة واحدة مع ما تمثله من أهمية في الاهتمام بالشأن الثقافي بكل اشكاله. عودة الحياة للثقافة ويقول الشاعر إبراهيم اليامي: أجنحة الثقافة في عهد الملك عبدالله يرحمه الله رفرفت داخلياً وخارجياً مؤمنة بأن هذا الوطن يستحق المجد. دعم الأندية الأدبية بسخاء، وعاد في عهده عكاظ للحياة، وتألق معرض الكتاب حتى أصبح منجزاً وطنياً ثقافياً نُفاخر به، وكبُر الوطن ثقافةً وتاريخاً وأدباً حتى صافح آفاقاً لم يصلها من قبل. وإن سرد كل المنجزات الثقافية يطول، لكن نظرة واحدة على ضوء الثقافة في عهده، ودعم المثقفين، تكفي للإيمان باهتمامه ودعمه وعطائه. فهاهي جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة تطوف العالم في كل حين، وجائزة الملك فيصل تصلنا بالآخر عالمياً وتقول له نحن هنا، ومركز حوار الأديان يضخّ الثقافة والحب والسلام للدنيا بأكملها، وغيرهم الكثير. ثراء ثقافي د. عبدالله الحيدري رئيس مجلس ادارة النادي الأدبي بالرياض قال عن رحيل الملك عبدالله: تميز عهده رحمه الله بالثراء من الجانب الثقافي فقد ارتفع رقم الجامعات من ثمان إلى ما يقارب الثلاثين وارتفع رقم الأندية الأدبية من ثلاثة عشر إلى ستة عشر ناديا وانتظمت في عهده دورات معرض الرياض الدولي للكتاب وأصبح تصنيفه الأول على مستوى المعارض العربية إضافة الى برامج الأبتعاث المكثفة وظهور جائزة الملك عبدالله للترجمة ومراكز حوار الأديان وهذه مجتمعة شكلت حراكا ثقافيا بارزا. رحم الله فقيد الامة وأسكنه فسيح جناته كما أسأله عز وجل العون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الامير مقرن بن عبدالعزيز وإلى ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف حفظ الله لنا امتنا وقيادتنا الرشيدة. حراك ثقافي مميز ويقول الكاتب عبده الاسمري: برحيل الملك عبدالله توشحنا الالم وبتنا في دائرة حزن فقد فقدنا أبا وقائدا وإنسانا زرع حبه ومكانته في قلوب الجميع، قدم الملك عبدالله رحمه الله عطاء ووفاء وولاء منقطع النظير وسيظل خالدا للوطن والشعب السعودي والتنمية المستدامة.. عشق الوطن فوضع عطاءاته في كل تفصيلاته وحدوده، الملك عبدالله والد المثقفين وصديقهم وصاحبهم فهو من أسس منظومة متكاملة من التجديد في الحركة الثقافية ووضع الأدباء والمثقفين أمام ساحة متميزة من العطاء والرأي، في حقوق فكرية وأسس مستقبلية انعكست على الواقع الثقافي السعودي وجعلت المملكة رقما متقدما على خارطة الثقافة العربية وحتى العالمية. فالملك عبدالله رحمه الله فد أتاح مساحات موضوعية من حرية الكلمة وإبداء الرأي المعتدل ومواجهة الحراك والتحديات الفكرية من خلال توجيهاته المستمرة ومتابعته الدؤوبة للحراك الثقافي ومطالب المثقفين والأدباء ولعل ذاك كان جليا في متابعته الدؤوبة لتطلعات وخطط وزارة الثقافة والإعلام والحركة الاعلامية في كل وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة واهتمامه بعطاءات المثقفين ومعارض الكتاب والمهرجانات الثقافية المختلفة والمهرجانات التي تقام على مدار العام من خلال رؤية ثاقبة وقراءة مستقبلية للواقع والتحديات فقد أسهم رحمه الله خلال تسع سنوات في بلورة العمل الثقافي ووضع السعودية في مساحة متميزة من العطاء الثقافي في كل المحافل وازدهرت في عهده المجالات الثقافية باختلاف همومها وتحدياتها وأهدافها الى تحقيق إنجازات مميزة للثقافة والمثقفين وستظل خالدة على مر العصور وستظل بوادر خططه وعمله في هذا المجال مدادا مديدا من الإيجابية ومن الإنجازات الثقافية مستقبلا سنظل نجني ثمارها. فاضت دموعي وفي سطور شعرية حزينة يكتب الشاعر حسن الزهراني رئيس نادي الباحة الأدبي: فاضت دموعي ولم أدرك لها عددا ومهجتي من أساها أصبحت قددا لما أتى خبر الفقد العظيم وهل كفقد من ما فقدنا مثله أحدا ارحل فديتك عبدالله أنت هنا في كل عين وقلب ماكث أبدا رحم الله الملك الدكتور عالي القرشي عبر عن حزنه برحيل الملك عبدالله فكتب على صفحته في الفيس بوك هذه الكلمات: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإليه راجعون، نعزي المقام السامي وكافة أفراد الأسرة المالكة، وأنفسنا والشعب السعودي، في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليل أمس، ونسأل الله العلي القدير أن يسكنه فسيح جناته، وأن ينزله الفردوس الأعلى من الجنة، وقد أصبحنا ولله الحمد هذا اليوم في حياة آمنة مستقرة لا يكدِرُ صفوها الا سحائب حزن تمُّر على الوجوه، ودمعات أسى تقطر بين آن وآن من العيون، وقد جبر الخواطر استقرار الحكم، والبيعة المباركة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ولولي العهد وولي ولي العهد يحفظهم الله. أصبحنا في حياة هانئة واستقرار، وممارسة لأعمال الحكم، ومباشرة لها، على نهج شرع الله القويم وما أسسه القائد الملهم الملك عبدالعزيز رحمه الله وأبناؤه الملوك من بعده، وآخرهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله الذي عزز القواعد والأسس في ظل متغيرات، وأحداث مستجدة، جعلت المملكة العربية السعودية قائدة للحوار، ورائدة للوعي الإنساني، وتعزيز الكرامة الإنسانية وحرياتها. الحمد لله أصبحنا في استقرار وأمن ومباشرة لتعزيزه نبايع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وولي ولي عهده. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين، ورجال قيادته، وإنا لمستبشرون بتعزيز مكانة هذه البلاد إقليمياً ودولياً في ظل قيادته». نَعِي ٌ واجِبٌ الاكاديمي الدكتور حافظ المغربي (مصر) قال: «ببالغ الحزن والأسى والعرفان بالجميل أَنْعَى إلى أخواتي وإخواني في المملكة العربية السعودية رجلاً من أتقى الرجال وأخلص الرجال لأمته الإسلاميَّة والعربيَّة، الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، ويُسْبِغُ على قبره الطَّاهر سحائب رحمته، إذ وافتهُ المنيَّة في يومٍ يموتُ فيه الأطهار، يوم الجمعة المبارك، الذي مات فيهِ أبي رحمه الله، فأنا اليوم أبكيهما معاً أبويْنِ حبيبين إلى قلبي أفضيا إلى ما قدّما، سَيبكيك معي يا خادم الحرمين، تسعون مليون مصريٍّ، وستبكيك- من قبلُ ومن بعدُ- أمُّهُم وخالتُك مصر، شقيقة أمِّك السعودية، جزاءَ ما قدَّمتَ لمصر من النُّبْلِ والوفاء، والبذل والعطاء، لا مَنّاً ولا رِياءً ولا سُمْعَةً، في أحلك الظروف، حينَ يُثمَّنُ الرِّجالُ، وتُثمَّنُ مواقفهم، نَمْ يا سيدي قريرَ العيْنِ، تزورُكَ ملائكةُ الرَّحمة. إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعون». الملك في احد المؤتمرات العالمية للحوار