شاءت حكمة الله، أن يولد «أيوب» بلا ذراعين كاملتين، ليبرهن للعالم أن الإعاقة أبدا لا تشكل عائقا لمن تحلى بالصبر، فرغم عدم وجود أطرافه العلوية، إلا أنه لم يعجز عن قضاء احتياجاته اليومية بأصابع قدميه، فيأكل ويشرب ويكتب ويلبي جميع أموره دون مساعدة من أحد. بل إنه يمتلك جوالا يراسل من خلاله أصدقاءه بشكل يومي. أيوب الذي لم يتجاوز العاشرة ويسكن في بلدة الطرف شرق مدينة الهفوف في محافظة الأحساء، أبهر المحيطين بالقدرة التي منحها الله إياه، ولم يمنحها لغيره من الأصحاء. بيّن نبيه المهنا -شقيق أيوب-، أن أخاه عانى كثيرا في بداية دخوله المدرسة من سخرية الطلاب، حيث وجد نفسه مختلفا عنهم، يملكون ما لا يملك، ما دفعه لرفض المدرسة، يقول «تمكنا من إقناعه بالعودة، والاستمرار، وقد عانت والدتي في صغره من تدريبه في كيفية الاعتماد على نفسه، مستعينا بأصابع قدميه واستطاع ذلك، بعد أن تعرض لكثير من الحوادث المنزلية. وبين أن أصدقاء أيوب يتعمدون إحراجه، عبر فضولهم ولمسهم لمنبت ذراعيه، حيث إنهم يستغربون كيف لأيوب أن يقوم بجمع أموره بواسطه قدميه، ومع النصائح التي قدمناها له والتحفيز المتواصل أصبح لا يبالي بأي شخص سواء يسخر منه أو يوجه له أسئلة عن ذراعيه، بل إن أيوب قادر على الدفاع عن نفسه بقدميه في حال شجاره مع أحد أقرانه. وأضاف المهنا» حينما بلغ أيوب سن الدراسة ذهب والدي به إلى مدرسة معاذ بن جبل الابتدائية بالطرف، وقد رفضت المدرسة استقباله لعدم وجود مقعد مهيأ لحالته، وتم تحويله إلى مركز المعاقين، وبعد الكشف عليه تبين أنه بكامل صحته ويستطيع أن يكتب بقدميه ويقضي جميع أموره، فقبل من المدرسة، وكان الوضع غريبا عليه بعض الشيء، ولكنه اقتنع بأن الإعاقة ليست حاجزا أمام تقدم الإنسان، فاستمر في الدراسة وكان شقيقنا يدرس بنفس المدرسة ويقوم بمساعدته وتدبير أموره. يقول المهنا» تقدمنا لمركز الأطراف الصناعية في مستشفى الملك فهد بالهفوف ليتم منح أيوب أطراف صناعية، وتم الكشف عليه، وقالوا بأن سنه الحالي لا يناسب تركيب الأطراف، وطُلب منا الانتظار لحين بلوغ سنة السادسة، وبعد مضي تلك المدة تمت مراجعتهم، فأخبرونا بأنه سيتم تركيب ذراع واحدة فقط، وما زلنا في مسلسل المواعيد والمراجعات منذ 4 سنوات، ولم يتم تركيب حتى ذراع صناعي له»، مبينا أن والده يقطع مسافة من بلدة الطرف حتى المستشفى تاركاً عمله ومصدر رزق العائلة في سوق الخضار كي يراجع ما جرى على طلب الذراع الصناعي. وأكد المهنا أن والده تواصل مع إدارة التربية والتعليم بمحافظة الأحساء بشأن توفير طاولة خشبية مخصصة لأيوب، وتم أخذ مقاسات تناسبه، ومازال ينتظرها منذ 3 سنوات، فهو يجلس على الطاولة، ويكتب بقدمه. مبينا أن مركز التأهيل الشامل يصرف له 800 ريال شهرياً لكنها لا تكفي متطلباته اليومية خاصة أنه كثير السقوط على الأرض، وكثيرا ما تتمزق ملابسه، فنشتري له ملابس جديدة شهريا، مبيناً أن الضمان الاجتماعي لم يقبل صرف إعانة لأيوب، نظرا لصغر سنه حيث أوضحوا بأنه سيستفيد عند بلوغه سن الثامنة عشرة. وذكر المهنا أن مصدر الرزق الوحيد لوالدهم هو بيع الخضراوات، ويستدين أحيانا من أجل تلبيه طلبات أيوب، حتى لا يحرم من أي شيء، لعل ذلك يعوضه حرمانه من ذراعيه. ومن الألعاب المفضلة لأيوب «كرة القدم» حيث يشارك أصدقاءه في اللعب، فيسقط ويقف بنفسه رافضا أي مساعدة من أصدقائه، كي لا ينظر إلى نفسه أقل منهم. وقد شارك ضمن فريق «مسرحية الحبل» الذي حصد المركز الأول كأفضل نص مسرحي مقدم في المهرجان المسرحي الخليجي الثالث للأشخاص ذوي الإعاقة في مملكة البحرين من تأليف خالد بن خليفة الخميس. وختم المهنا حديثه بمناشدة المسؤولين، بمنح شقيقه أيوب ذراعا صناعية تعينه في حياته، وكذلك طاولة خشبية مهيأة لحالته الصحية، كي يتقدم أيوب في مسيرته التعليمية.