لم تسمح للإعاقة أن تقف عقبة في طريقها، بل تعايشت معها وحاولت أن تكون كقريناتها من الفتيات السليمات، شاء الله أن تولد مرام سعود العقربي (18 عاماً) بلا ذراعين، إلا أنها قاومت الإعاقة، حيث تستعين بأطراف قدميها السفلية للقيام بجميع شؤونها، سواء في المدرسة أو المنزل، وتجد الابتسامة لا تفارق محياها فهي تعلم أن الإرادة تصنع المعجزات. متفوقة دراسياً تقول مرام»إرادة الإنسان قادرة على أن تحارب أي عائق يواجهه، سواء كان جسدياً أو فكرياً أو مادياً، فلم تمنعني إعاقتي من ممارسة حياتي بشكل طبيعي، بل إنني أمارس حياتي كسائر البشر، دون أي تذمر أو سخط، فالرضا بالقدر أمر واجب على كل مسلم، والحمدلله فإنني متفوقة دراسياً، وقد عوضني الله بأطراف رجلَيَّ، حيث إنني أقوم من خلالهما بجميع المهام، فأكتب بهما وأرسم، وكذلك أطبخ، كما يمكنني العناية بنظافتي الشخصية بنفسي، دون أن أحتاج لمساعدة أحد، ويعود الفضل لأفراد عائلتي الذين تعمدوا إعطائي فرصة الاعتماد على نفسي وتدبير شؤوني دون مساعدة». وأضافت»الإعاقة ليست في نقص إحدى الحواس أو الأطراف بل الإعاقة هي إعاقة العقول والقلوب». رفضتها المدارس وبيّنت مرام أن والديها وقفا إلى جانبها ولم يهملاها، فحينما بلغت سن الخامسة أراد والدها تركيب أطراف صناعية لها، وسافر بها للعلاج في الخارج، وبعد خمسة أعوام من المراجعات أفاد الأطباء أن لا علاج لحالتها، مشيرة إلى أن المدارس العامة رفضت استقبالها بسبب إعاقتها، ووجهت بإلحاقها إلى المدارس الفكرية، إلا أن ذويها رفضوا الأمر، وبعد محاولات مضنية من والدها استطاع أن يجلب ما يؤكد صحتها عقلياً وأن باستطاعتها الدراسة مع قريناتها في مجال التعليم العام وتم قبولها. حق مشروع تؤمن مرام بأن التعليم حق مشروع لكل إنسان لديه أبسط مقومات المعرفة فرحلتها في التعليم أضافت إلى شخصيتها كثيراً من الثقة بالنفس، واعتمدت على ماوهبها الله من نعم خلقية أخرى، فهي ذات ابتسامة مشرقة، تتفاعل مع كل المناسبات الاجتماعية وتشارك صديقاتها في أفراحهن، كما أنها تشارك في النشاطات المدرسية، ما فتح لديها آفاقاً جديدة للمعرفة وحب الناس رغم ما تواجه من مضايقات أحياناً، فالبعض ينظر لها بشفقة، ولكن إيمانها أن هذا ابتلاء من الله تعالى يجعلها لا تبالي بأحد. وبيّنت مرام أنها أصيبت بالتواء في العمود الفقري حين دخلت الصف الرابع الابتدائي، كونها تعاني من نقص في الكالسيوم، وقد تعذر إجراء عملية لها لتقويم الالتواء، ولكن ذلك لم يحول بينها وبين مواصلة تعليمها، فهي الآن تدرس بالصف الأول ثانوي. مساندة المعاق وترى مرام أنه لابد من توفر عوامل خارجية تساعد المعاق في التغلب على إعاقته، من خلال توفير برامج تعليمية يستطيع من خلالها ممارسة حقه في التعليم دون معوقات، وأضافت» أتمنى من المسؤولين الاهتمام بفئة المعاقين خاصة في مجالي الدراسة والتوظيف، فما نبذله من مجهود وتعب أثناء الدراسة يفوقان بكثير ما يبذله الأصحاء، فلا بد من تذليل كافة الصعوبات أمامنا ليتسنى لنا الحصول على وظائف نعيش من خلالها كسائر أفراد المجتمع حتى لانكون عالة على أقاربنا أو الآخرين». وبعثت مرام رسالة إلى المعاقين والمعاقات وقالت« لا تيأسوا وحققوا أهدافكم، فالإعاقة لم تكن يوماً عقبة مادمنا نتحلّى بإرادة فولاذية قادرة على تخطي الصعاب، فلا تتخلوا عن أحلامكم، لأن الأمل بالله كبير»، وبيّنت أنها تطمح إلى اكتساب كثير من المهارات والعلوم، كما تتمنى لو أن بإمكانها تركيب أطراف صناعية تعينها على ممارسة حياتها بشكل أفضل. إحدى رسومات مرام