أبت نفس جيسيكا كوكس (22 عاماً) أن يقف ما ابتليت به من إعاقة حجر عثرة في طريق أن تعيش حياتها بطولها وعرضها، رافضة في إباء وعزة - وهي مرفوعة الرأس دائماً - ان يمد لها احدهم يد العون رغم انها ولدت بلا ذراعين. فمنذ ان تستيقظ جيسيكا من نومها في الصباح الباكر تدخل الحمام وحدها وتغتسل وحدها، وترتدي ملابسها وحدها، وتتناول وجبة الافطار وحدها، وتضع العدسات اللاصقة وحدها ثم تغادر البيت متوجهة الى العمل وحدها. وتستعين كوكس - وهي من توكسون بولاية أريزونا - بقدميها على قضاء احتياجاتها دون تدخل من احد لا من قريب ولا من بعيد. وهي تقابل نظرات الاشفاق عليها ببرود تام. تقول جيسيكا «لقد ولدت هكذا وانا أراه شيئاً طبيعياً. وكم تؤلمني نظرات الاشفاق التي اراها كثيراً في عيون الناس». وقد وقف الاطباء عاجزين تماماً حيال ولادة جيسيكا بلا ذراعين ولم يجدوا تفسيراً لها. ولكن والدي جيسيكا يعلمان مدى ما تتمتع به ابنتهما من شخصية متفردة فتركاها تعيش طفولتها بصورة طبيعية. تقول جيسيكا «امارس رياضة الجمباز والسباحة والرقص الايقاعي. وحصلت على الحزام الاسود في التايكوندو؛ وهي رياضة تتطلب دقة في توازن الجسم، وهو ما أتميز به على اقراني». اما في المدرسة، فإن الشيء الوحيد الذي تتميز به جيسيكا عن قريناتها فهو الدرج المائل نسبياً الذي صنع خصيصاً لها ليساعدها على رفع قدمها اليمنى الى اعلى لكي تتمكن من الكتابة. وعندما بلغت جيسيكا الثالثة من عمرها، تم تزويدها بأذرع معدنية صناعية، ولكنها رأت ان عدمها هو الافضل لها عندما بلغت سن الثالثة عشرة. ولكن رغم ذلك، فقد عاشت جيسيكا اياماً صعبة في اعوام المراهقة، وهي تقول عن ذلك «كنت اريد ان اعيش مثل بقية الذين هم في سني، ولكن الامر لم يكن بالسهولة التي كنت اتصورها». ثم حاولت في تلك الايام وضع سترة حول كتفيها ليبدو شكلها طبيعياً، ولكنها سرعان ما تضايقت منها ورمت بها بعيداً. وحصلت جيسيكا اخيراً على قبول بإحدى الجامعات وسكنت مع صديقتين لها في شقة واحدة. وتقول جيسيكا «أستخدم قدمي لتمشيط شعري داخل الحمام واصابع قدمي الكبيرة لوضع العدسات اللاصقة. واقود سيارتي باستخدام القدم اليمنى لتوجيه عجلة القيادة واليسرى لدواسة البنزين والفرامل. واعيش حياتي بصورة طبيعية تماماً لو تعلمون ايها الفضوليون». ولكن رغم ذلك، هنالك لحظات مزعجة في حياة جيسيكا؛ كتلك اللحظات التي يحاول فيها البعض مصافحتها عند اللقاء. كما انها لا تقوى على مقاومة نظرات حب الاستطلاع التي تتملك الكثيرين عند رؤيتها لاول مرة. وهي تقول عن ذلك «تؤلمني كثيراً نظرات الاشفاق التي اراها في عيون الناس. ولكني اقول لهم اني املك ما لا يملكون، فأنا يمكنني بث روح الصبر والصمود في الآخرين، هل يستطيع منكم احد فعل ذلك؟ فلتعلموا اذن اني خير منكم في نواح كثيرة، فدعوني وشأني واريحوني من تلك النظرات من فضلكم». وخلال آخر لقاء لها مع احدى وسائل الإعلام، ارتدت جيسيكا اطرافاً صناعية على ذراعيها، ثم رمت بها بعيداً اثناء الحديث ما جعل الناس اكثر تركيزاً لحديثها. وقالت جيسيكا تعليقاً على ذلك وهي تضحك «لم أر وسيلة افضل من ذلك لجذب أسماع الناس الى حديثي. فلا شك انهم اصبحوا اكثر انتباهاً للحديث بعد خلع الذراعين الصناعيتين».