أصبح ملحوظاً التلاعب اللاأخلاقي بجيوب المستهلكين، وامتد ذلك إلى التلاعب بحياتهم وأرواحهم. ولك أن تلحظ ذلك في كافة مجالات حياتنا، ابتداء من أبسط مستلزماتنا اليومية وحتى أكثرها حساسية في الرعاية الطبية والعلاج، وكل هذا التلاعب يصنف لدينا تحت بند الفراسة «ذيب»!!. فالهدف في الأغلب أصبح ربحيا، وأصبح هناك «Target» يجب تحقيقه بغض النظر عن الطريقة، فالغاية تبرر الوسيلة كما يقول الإيطالي نيقولا ميكافيللي. فتجد أطباء لايستقبلونك في عياداتهم الحكومية بالشهور نظراً للتكدس، وإن استقبلوك فإنهم يكتفون بالكشف عليك عن بعد، وفي أحيان أخرى يكتفي الطبيب بالاسم ليعرف مم تعاني!! ولايتطلب ذلك لا تحاليل ولا فحوصات، بينما يمكنك مراجعته في ذات الليلة بعيادته الخاصة، وتصبح هناك ضرورة قصوى للفحص بشكل دقيق وللأشعة، وتصبح هناك ضرورة لصرف علاجات ل «شركة معينة» أنت لست بحاجة إليها أساسا ولها أثر سلبي على صحتك، ولكن كل ذلك من أجل تحقيق ال Target. كما أن هناك Target يجب تحقيقه للصيدلي، فتجد أنه يسوق لمنتجات على حساب الأخرى كون النسبة أعلى، مثلما هي في العطور، حينما يتلاعبون بك ويقولون لك إن هذا العطر الفاشل هو الأكثر مبيعاً، للتلاعب بنفسيتك!!. حتى في التعليم تجد الطالب يدفع رسوما ولكن لا يسمح له بالتوظيف في تلك المؤسسة التعليمية أو بمواصلة الدراسة فيها لدرجة الماجستير مثلاً. فما الغاية إذاً من تلك البرامج ؟!!! وتجد أكاديميا يفرض على طلابه بحوثا خاصة أو يقومون بالبحث في أمور ليست لها علاقة بطبيعة المادة، ولكن ليبني عليها بحوثه في الترقية، أو يقوم بنشر كتاب لا يعرف منه سوى اسمه ثم يفرض على الطلاب شراءه. ومحلات كلما زرتها تجد أن عبارة التخفيضات ملازمة لها من سنوات ولم تتغير، والسؤال متى يربحون؟ وصالات رياضية وشبكات القنوات المشفرة يفرضون عليك وبكراهية الدفع ببطاقة «الفيزا» كي تكون رهينة لديهم ويتلاعبون بك وبحساباتك. ووكالات سيارات تبيعها لك على أنها جديدة ولكنها مستعملة!!. كل هذا كان على سبيل المثال لا الحصر. فما يحدث هو بعيد كل البعد عن مفهوم التسويق الذي ترسخ لدينا بسبب الجشع والاستغلال. ونشعر بالحسرة حينما نرى أن هذه الممارسات المشينة غير موجودة لدى الغرب مقارنة بما لدينا. وديننا الحنيف كان واضحاً في هذا الجانب وينهانا عن هذه الممارسات، ومن المؤسف أننا حينما نسافر تجد أن أكثر من يستغلنا هم من نشترك معهم في الدين أو اللغة. ودول الابتعاث خير شاهد على ذلك.