دفعت التقديرات الأولية وشبه المؤكدة في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية إلى تعقيد مسألة تشكيل الحكومة الجديدة. وفتحت صياغة الفصل 89 من الدستور التونسي الجديد باب التأويلات بين معسكري حزب نداء تونس الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية ويتصدر مرشحه الباجي قايد السبسي حسب التقديرات الأولية ترتيب السباق الرئاسي، وبين الرئيس المؤقت الحالي المنصف المرزوقي الطامح إلى ولاية رئاسية جديدة. ويتعين الآن انتظار شهر آخر لعقد دورة ثانية للانتخابات الرئاسية بعد أن انتهت التقديرات الأولية للدور الأول أمس إلى تقدم السبسي، لكن دون حصوله على أغلبية 50 زائد واحد فيما حل المرزوقي في المركز الثاني. وسيشارك الاثنان في الدور الثاني، ما يعني إمكانية تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة. ويقول نداء تونس إن عملية التكليف لتشكيل الحكومة الجديدة هي من اختصاصات رئيس جمهورية منتخب من الشعب بينما المرزوقي هو رئيس مؤقت تولى المنصب بتزكية من الأغلبية الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011. ويتمسك المرزوقي بممارسة صلاحياته بحسب ما تحيل إليه قراءة الفصل 89. ويشير الفصل أنه إلى «في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة». ويضيف «عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل 10أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر». وكانت الهيئة العليا للانتخابات أقرت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في 21 من الشهر الجاري التي أكدت فوز حركة نداء تونس بالأغلبية في البرلمان الجديد. وقال المرزوقي في نفس اليوم لقناة شبكة تونس الإخبارية «عملا بالدستور وبعد صدور النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التشريعية أرسلت رسالة إلى حركة نداء تونس لتقديم مرشح أكلفه بتشكيل الحكومة». ولم يعلق حزب نداء تونس على رسالة المرزوقي، لكنه بدا واضحا أنه كان ينتظر ظهور التقديرات الأولية للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، لتجنب التعاطي مع المرزوقي. وقال الأمين العام لحزب نداء تونس قبل الانتخابات الرئاسية، إن الرئيس المنتخب من الشعب هو الذي يحقّ له تكليف الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية بإجراء مشاورات لتشكيل حكومة. وأوضح أن صلاحيات الرئيس الحالي (المرزوقي) يضبطها الدستور الصغير المنظم للمرحلة الانتقالية وقد انتهى العمل به مباشرة بعد إقرار الدستور الجديد. ويغلب التوتر الشديد على العلاقة بين المعسكرين، وقد بلغ ذروته خلال الحملات الانتخابية التي اتسمت في بعض الفترات بالعنف. ولتفادي أي أزمة جديدة كانت المنظمات التي رعت الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين خلال فترة الانتقال الديمقراطي، انتهت إلى التوافق على أن يكون الرئيس الجديد المنتخب هو من يكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. لكن عددا من رجال القانون ينظرون إلى هذا التوافق على أنه خرق للدستور. ودعا حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي يرعى الحوار الوطني بمعية منظمات أخرى، الحوار الوطني إلى ضرورة حصول توافق حول استكمال المرحلة الانتقالية وخاصة توضيح مسألة التكليف بتشكيل الحكومة. وقال العباسي خلال جلسة للحوار الوطني أمس إنه يتعين عدم تأزيم الوضع وإيجاد حلول توافقية. وقال الأمين العام المساعد للاتحاد بوعلي المباركي «المرزوقي يحاول إرباك الأجواء».