وأخيراً، وبانتهاء عمليات فرز الأصوات، صدرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت هنا الأحد معلنة عن إحراز حركة نداء تونس على المركز الأول ب85 مقعداً أي بنسبة 39 فاصل 19 بالمائة من مجمل الأصوات، تليه حركة النهضة ب69 مقعداً فالاتحاد الوطني الحر ب16 مقعداً ثم الجبهة الشعبية ب15 مقعداً وحزب آفاق تونس ب8 مقاعد. أما بقية القائمات الفائزة من ائتلافية وحزبية ومستقلة فقد حازت على 24 مقعداً. وأفاد رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات شفيق صرصار أنّه قد تمّ سحب مقعد من حزب نداء تونس في دائرة محافظة القصرين بعد ثبوت حصول مخالفات وتجاوزات وصفت بالخطيرة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه النتائج تظل أولية وبالتالي قابلة للتحوير على ضوء الطعونات والاعتراضات المقدمة التي ستحسم فيها المحكمة الإدارية في الآجال القانونية. ومن جهة أخرى، ينتظر أن يعود اليوم الحوار الوطني للانعقاد بحضور الأحزاب الموجودة في المجلس الوطني التأسيسي للنظر في عديد من الإشكاليات التي ستطرح خلال الأيام القادمة وخاصة تلك التي على علاقة بتنصيب مجلس نواب الشعب الجديد وكذلك علاقة الحكومة المؤقتة والمجلس التأسيسي بما تبقى لهما من عمل قبل تشكيل الحكومة القادمة وقبل انطلاق عمل المجلس النيابي الجديد. كما ينظر الحوار الوطني في استكمال المسار الحكومي والانتخابي والنظر كذلك فيما سمي بإقصاء عدد كبير من المسجلين من أداء واجبهم الانتخابي بسبب عدم وجود أسمائهم في سجل الناخبين وخاصة في صفوف التونسيين بالخارج. وكان الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار، التقى أول أمس كلاّ من الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي وحمة الهمامي لمناقشة كيفية استكمال الحوار الوطني وعلاقة الحكومة بالتأسيسي وخاصة فيما تعلق بميزانية الدولة لسنة 2015 وتوضيح الرؤية حول عدة مسائل تتعلق بالمرحلة الانتقالية. وينتظر أن تكون جلسة اليوم مصيرية ومهمة لمعرفة مواقف الأحزاب من الحوار الوطني وكيفية إدارته في المرحلة القادمة لا سيما أن اتحاد الشغل يرغب في استمراريته وكان دعا إلى مؤسسته لتذليل الصعوبات أمام الحكومة الجديدة، والتدخل كلما اقتضت الحاجة والضرورة. وأمام الصعوبات المنتظرة في تشكيل الحكومة والعقبات التي تواجهها خاصة حركة «نداء تونس» التي لم تجد لحد الآن مخرجا لتشكيل حكومة قوية واسعة التوافق من طرف الأحزاب الفائزة باعتبارها لا ترغب في التحالف مع النهضة والاكتفاء بالتعايش معها يرى ملاحظون أن «النداء قد يتستر بحوار وطني جديد يسهل عليه الخروج قليلاً عن وعوده الانتخابيّة أو التوجّه إلى خيار ثان هو التنازل عن الحكم لفائدة حكومة تكنوقراط ثانية وبالتالي عدم السقوط في الخطأ الذي وقعت فيه النهضة التي سارعت بتشكيل ترويكا جنت بها على نفسها وخاصة على حليفيها الضعيفين حزبي المؤتمر والتكتل» اللذين أثبتت الانتخابات الأخيرة أنهما في عداد الموتى سريريا. وما إن أعلن رسمياً عن النتائج الأولية التي طال انتظار التونسيين لها، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات الناشطين افتراضيا فيما تزاحمت قراءات المحللين السياسيين في الفضاءات الحوارية التلفزية لتداعيات هذه النتائج على المشهد السياسي الذي تغير راديكاليا بعد الانتخابات. كما تعددت تكهنات الطبقة السياسية والرأي العام حول نوعية التحالفات التي ستختارها حركة نداء تونس بقيادة زعيمها الباجي قائد السبسي الذي كان لمح إلى أن حزبه لا ينوي التحالف مع حركة النهضة، منافسته الشرسة، باعتبار اختلاف المرجعيات الفكرية والأهداف الإستراتيجية للحزبين، الا أنه لم ينف نيته التعامل معها في البرلمان الجديد. ويعتقد المراقبون أن نداء تونس سيلجأ إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضم وزراء من الجبهة الشعبية اليسارية التي سبق وأن انضمت إلى الاتحاد من أجل تونس رفقة النداء والمسار وأحزاب أخرى ذات توجه يساري، إضافة إلى وزراء من حزب آفاق تونس الليبرالي ذي البعد الاجتماعي، الذي كان بحق مفاجأة انتخابات الأحد خاصة وأنه الحزب الليبرالي الوحيد في العالم العربي الذي فاز منذ ما يزيد عن 50 عاماً. وكان الأمين العام للنداء الطيب البكوش، الذي تشير التسريبات إلى اختياره ليرأس الحكومة القادمة، أعلن أن حزبه قرر التريث إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية لتشكيل الحكومة الجديدة التي ستخلف حكومة المهدي جمعة الحالية، بما يؤكد أن فريق التكنوكراط سيظل في السلطة إلى نهاية شهر فبراير من السنة القادمة. ويأتي قرار النداء بتأجيل تكوين الحكومة على خلفية أشكال دستوري كان سيمنح الرئيس المرزوقي حق تكليف السبسي بوصفه زعيم الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة.